عرّف الدكتور بنزاكور (أخصائي جراحة الجهاز الهضمي ورئيس قسم مصلحة الجراحة في مستشفى مولاي يوسف في الدارالبيضاء) التهاب المعدة أو الالتهاب المعديّ بأنه تآكلٌ في جدار المعدة المبطّن، يتخذ شكل حفرة أو بؤرة صغيرة تصبح بدون غشاء مبطن، مما يجعل المريض يتألم حينما يصل إليه السائل الحامضي نتيجة آلام وحرقة، وهي نوعان: حرقة المعدة وحرقة الإثني عشر، التي تعدّ الأكثر انتشارا من قرحة المعدة، ويمكن أن تكون وراثية، وخاصة بالنسبة إلى حاملي فصيلتي الدم A وO، أو ناتجة عن شرب الخمر، التدخين، تناول الأسبرين أو غيره من مضادات الالتهابات وكذلك بفعل العوامل النفسية والعصبية، والتي ترفع من نسبة السائل الحامضي في المعِدة وأيضا بفعل تناول الأطعمة الحارّة والدهنية التي لا تدخل الخضر ضمن محتوياتها الرئيسية. تشخيص قرحة المعدة الفحص الأكثر دقة لتشخيص قرحة المعدة، وفق بنزاكور، هو التنظير الداخليّ للجهاز الهضمي العلوي. ولإجراء هذا الفحص يتم إدخال أنبوب مرِن مثبتة في طرفه كاميرا فيديو صغيرة جدا إلى داخل جوف المرىء، المعدة والإثني عشر. ويتيح هذا الفحص رؤية الغشاء المخاطي للمعدة عن قرب، حيث يتم أخذ عيّنة من النسيج في أطراف القرحة، بهدف الفحص المرضي، لتأكيد أو نفي وجود بكتيريا المعدة (الحلزونية) وأيضا لتوفير حماية كافية للمريض أثناء الفحص، لذلك يتم إجراء هذا الأخير تحت تخدير موضعيّ للبلعوم، أو بإدخال مواد مهدّئة عن طريق الوريد، قبل البدء بإجراء الفحص. العلامات حددها بنزاكور في: - آلام في البطن، خاصة ما فوق الصرّة، ويحدث ذلك بعد 2 أو 3 ساعات من تناول الطعام، غير أنه يمكن تهدئته بمضادات الحموضة أو الحليب؛ - الغثيان والقيء والألم أو الإحساس بعدم ارتياح في البطن، الأمر الذي يزيد سوءا عند تناول الطعام، إلى جانب نقصان في الوزن وحرقة الفؤاد وهو ما يعرف بالاسترجاع المريء، ويكون الألم من الصدر إلى الحلق. - الخمول، تقيؤ الدم أو تلون البراز بلون أسود. مضاعفات القرحة يشير بنزاكور إلى مضاعفات القرحة التي قد تكون بسيطة، مثل الحالات النفسية التي تنتج من طول المرض أو طول العلاج أو الأدوية نفسها أو قلة الغذاء ونقص الفيتامينات أو تنتج من كثرة تناول المقليات، وقد تكون مضاعفات القرحة شديدة، مثل النزيف، لأنّ القرحة «تأكل» جدار المعدة، وهذا التآكل يستمر، ومع استمراره قد يصيب شريانا من شرايين جدار المعدة فيحدث النزيف، ويتقيأ المريض دما أو يظهر الدم مع البراز، وفي الحالتين يكون الدم قاتم اللون، مثل القهوة أو القطران، وقد يستلزم أيضا علاجا جراحيا، تبعا لسن المريض وحالته وتكرر النزيف. ويضيف بنزاكور قائلا إن من مضاعفات القرحة الشديدة حدوثُ ثقب مفاجئ في المعدة، يخرج منه الأكل إلى البطن، وفي هذه الحالة يشعر المريض بآلام شديدة، يصحبها انهيار وهبوط مع تصبّب عرق بارد، الأمر الذي يستلزم جراحة عاجلة، لخياطة الثقب أو استئصال القرحة التي حدث بها ثقب في الوقت نفسه، وهذه الجراحة العاجلة خطيرة وتستدعي مهارة فائقة وتجارب طويلة، وكذا انسداد الفتحة العلوية للمعدة، إذا كانت قريبة منها، فتتمدّد المعدة ويتقيأ المريض الغذاء الذي تناوله من يوم أو يومين، فيكون القيء عفنا، ويَهزُل المريض ويضعف، وهذه الحالة أيضا تستدعي جراحة، وقد تلتصق قرحة المعدة بما يجاورها من أحشاء، مثل البنكرياس والقولون. العلاج أكد بنزاكور أنْ لا علاج لقرحة المعدة في حالة إحداثها ثقبا وخروج السائل الحمضيّ منها إلى باقي أعضاء الجسم غير الجراحة، تفاديا لمضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة.. وفي الحالات الأقل خطرا، يمكن علاجها باعتماد المضادّات الحيوية من أجل قتل البكتيريا الحلزونية، وخاصة التي من عائلة الأكسمسين أو مضادات ضد إفراز الحوامض، وهي مضادات البروتون، وهناك أدوية لحماية جدار المعدة. وأشار أخصائي جراحة الجهاز الهضمي إلى أنه من الممكن أن يتطور التهاب المعدة بشكل مفاجئ إلى «التهاب المعدة الحادّ» أو بالتدريج على امتداد عدة أشهر أو عدة سنوات إلى «التهاب المعدة المزمن»، والذي يتسبب في ضرر كبير في بطانة المعدة ويؤدي إلى نزيف وتقرّح، كما أنه عامل خطر لسرطان المعدة. الوقاية لأجل تجنّب الإصابة بقرحة المعدة، ينصح بنزاكور المرضى بضرورة الابتعاد عن التدخين والكحول والقهوة والمشروبات الغازية وأيضا بتناول المضادات والأدوية المهدّئة لفترة طويلة.