كشف محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هناك 33 ملفا فصلت فيها هيئة الإنصاف والمصالحة وظلت عالقة بسبب رفض الجيش إعادة ضحايا الانتهاكات إلى عملهم. وأكد الصبار، الذي كان يتحدث مساء أول أمس في ندوة نظمها المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف حول «الإدماج الاجتماعي»، أنه تعذرت تسوية الملفات ال33 بسبب رفض إدارة الدفاع الوطني إعادة المطرودين إلى عملهم. وأكد الصبار أنّ الكلفة المالية لتدبير مرحلة العدالة الانتقالية كانت مرتفعة بالنسبة إلى المغرب مقاربة بتجارب دول أخرى، كجنوب إفريقيا، ووصلت إلى 200 مليار درهم، موضحا أنّ المجلس الوطني لحقوق الإنسان له إرادة قوية في طيّ ملف التعويضات من أجل الانتقال إلى المرحلة الموالية، المتعلقة بالكشف عن الحقيقة. وفي السياق ذاته، كشف عبد الكريم المانوزي رئيس المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف أن حكومة عبد الإله بنكيران رفضت التأشير على رخص نقل سبق أنْ وعد بها حوالي 70 من ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، موضحا، في تصريح خاص ل«المساء»، أنّ المجلس الوطني لحقوق الإنسان اتصل بالضحايا من أجل تعويض مأذونيات النقل بشقق، وهو ما لا يتلاءم مع الحالة الاجتماعية للضحايا. وأكد المانوزي أنّ المجلس مطالَب بتقديم الحصيلة المالية لبرنامج العدالة الانتقالية والكشف عن المبالغ المالية التي تلقاها الضحايا قبل إغلاق الملف بشكل نهائيّ بعد تنظيم ندوة وطنية حول العدالة الانتقالية. ومن جانبه، هاجم حسن العلوي، عضو المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، تصريحات الصبار، التي اعتبرت التعويضات التي قُدّمت لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إطار تجربة العدالة الانتقالية ضخمة، مؤكدا أن الكلفة المالية للتعويضات لا تتناسب والكسب المالي والسياسي الذي حققته الدولة من خلال ترويجها لملف المصالحة، لأنّ ما تلقته من أموال من الاتحاد الأوربي يفوق بكثير ما صرفته للضحايا من تعويضات في إطار برنامج جبر الضرر الماديّ. وأشار العلوي إلى أنّ تجربة جنوب إفريقيا، التي استشهد بها الصبار،و التي منحت الضحايا بشكل متساوٍ مبلغ 4 آلاف دولار، تركت الباب مفتوحا أمامهم من أجل متابعة الجلادين الذي ارتكبوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وهو الأمر الذي لم يحدث في المغرب، الذي تلقى فيه الضحايا تعويضات مالية مقابل عدم متابعة المُتسبّبين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.. واعتبر العلوي أنّ هناك عدمَ تطابق واضحا في الأرقام المتعلقة بملفات الضحايا بالنسبة إلى كل من هيئة الإنصاف والمصالحة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان و«خليفته» المجلس الوطني لحقوق الإنسان، متهما في الوقت ذاته المجلس الاستشاريَّ بالانفراد بوضع مقاربة لإدماج الضحايا في غياب تام لباقي الفاعلين الذين يمثلون الضحايا. وكشف العلوي وجود «ارتباك» في العمل بين المجالس الجهوية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان في التعامل مع ملفات ضحايا الانتهاكات الجسيمة، معتبرا أن المجلس -والهيئة من قبله- لم يبذلا الجهد الكافي في عملية التواصل مع ضحايا الانتهاكات، خاصة الذين يوجدون في القرى والمناطق النائية أو خارج المغرب. إلى ذلك، أكد الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، أن وزارته مستعدة للقيام بجميع المبادرات الضرورية لتنزيل وتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وخصوصا في ما يتعلق بالجوانب الاجتماعية، موضحا، من خلال رسالة تلاها نيابة عنه مصطفى القرجاني، أنّ وزارته مستعدة، كذلك، للعمل مع الجمعيات المهتمة بالدفاع عن ضحايا «سنوات الرصاص».