كثيرا ما تعتبر المرأة أن قيام الطبيب المعالج باستئصال رحمها ظلما لها، تبعا لما ارتبط به الأمر في مجتمعنا المغربي من طلاق وغيره، حيث تفقد المرأة نهائيا الدورة الشهرية والقدرة على الإنجاب، لذلك لابد أن يكون هناك سبب قوي لإجراء العملية مثل وجود تهديد مباشر لحياة المريضة في وجود الرحم لا يمكن التعامل معه بأي وسيلة أخرى ولا يوجد أي بديل علاجي إلا الخيار الجراحي الجذري، والذي لا تأثير له على الحياة الجنسية للمرأة. وتعد عملية استئصال الرحم من العمليات التي لا نقوم بها في اختصاصنا إلا إذا اكرهنا عليها، لأننا نرى في الرحم مهد الإنسانية والقرار المكين الذي يعتبر معجزة من جميع الجوانب لا الهيكلية ولا الوظيفية، فعلى سبيل المثال لا الحصر يكفي أن نتصور كيف أن عضوا بحجم قالب صغير للجبن (portion de fromage) يصل حجمه إلى أن يتسع لحمل جنين، قد يصل وزنه في بعض الحالات إلى 6 كغم، دون احتساب السائل الامنيوني والمشيمة، فسبحان الخالق الباري . في مقالنا هذا، سنحاول ذكر جل الحالات التي تضطرنا إلى اتخاذ قرار استئصال الرحم، وسنحاول تقسيمها إلى نوعين : - ما هو وظيفي وما هو عضوي. 1 - الاختلالات الوظيفية الملزمة لاستئصال الرحم ارتخاء الرحم بعد الولادة (inertie utérine)، وتحصل هذه الحالة في كل مرة كان فيها هناك إجهاد لعضلة الرحم، إما جنين كبير الحجم أو حمل التوائم أو وفرة مفرطة في السائل الامنيوني أو مخاض عسير. طمث مفرط بسبب انعدام التوازن في الهرمونات، والذي نستطيع معالجته بطرق شتى: الأدوية، الكي بالليزر أو تقنيات أخرى تستعمل في التنظير الداخلي (abrasion ou résection endometriale trans-hysteroscopique ) . هذا في الحالات التي تكون فيها المرأة لازالت في طور الإنجاب وفي بعض الحالات البسيطة، حيث نستطيع السماح لها بالاحتفاظ برحمها، أما عندما تكون المرأة قاربت سن اليأس، فمن واجب طبيبها أن يسهب في شرحه كي يبين لها أنه مع بلوغ سن اليأس تنتهي وظيفة الرحم، وبظهور المشاكل في هذا العضو، تجب مراقبته بصفة منتظمة، مع أخذ العديد من الأدوية بكل تأثيراتها الجانبية، مع العلم أن ذلك لا يمنع إمكانية ظهور بعض الأورام، وبذلك وتجنبا لكل ما سبق، نقترح استئصال الرحم، كوسيلة منطقية وشافية ونهائية للمرأة، مع العلم أن الطرق الحديثة للقيام بهذه العملية (hystérectomie trans-coelioscopique جعلتها سهلة، وأصبحت فترة النقاهة أقصر بكثير مما كانت عليه من قبل. ويجب التذكير بأن عملية استئصال الرحم لا تمس بالجهاز التناسلي للمرأة، وبأنه ليس هناك أي تأثير عليها في علاقتها مع زوجها، وللتبسيط فإننا نستطيع تشبيهها بالمرأة التي أغلقت قناتي فالوب كوسيلة لمنع الحمل (ligature tubaire). 2 - الأسباب العضوية لاستئصال الرحم « adénomyose et endométriose»، وهما نفس المرض، والاختلاف في التسمية يكمن فقط في تموقع المرض، وسبب هذا المرض هو تواجد نسيج بطانة الرحم (endomètre) خارجه، إما في عضلة الرحم (myomètre) وهذه هي adénomyose أو خارج الرحم وتلك هي endométriose، والتي تكون سببا في أغلب الأحيان في العقم، ولكن في بعض الحالات القصوى تكون سببا في ألم شديد دائم يزداد شدة مع العادة الشهرية، يؤثر على وظيفة جميع أعضاء الحوض ويجعل حياة المرأة تنقلب إلى جحيم فيكون الاستئصال خلاصا. أورام خبيثة بالرحم (سرطان الرحم). - بعض حالات الأورام الليفية (ألياف - تليف الرحم).
مخاطر الجراحة: مثلها مثل أي جراحة تقليدية، توجد بعض المخاطر أو الأعراض الجانبية التي قد تحدث في بعض الحالات، وليست كلها بالطبع مثل: - مشاكل التخدير، مثل الدخول في غيبوبة أو الحساسية من المواد المخدرة أو مشاكل في التنفس. - حدوث نزيف أثناء أو بعد العملية. - حدوث تلوث بالجرح. - توقف مؤقت لنشاط الأمعاء. - حدوث جلطات بالساق بعد العملية من طول فترة النقاهة بالفراش. المضاعفات الخاصة بعملية استئصال الرحم: بالرغم من أنها تعتبر عملية يتم إجراؤها كل يوم، إلا أنها ليست خالية من المخاطر، فواحدة من كل ألف سيدة تموت من هذه العملية بالإضافة إلى فرصة حدوث: - انخفاض حاد في العلاقة الجنسية أو الرغبة في الجنس بعد الجراحة. - إصابة أحد الأعضاء المجاورة أثناء العملية مثل المثانة أو الأمعاء أو شريان رئيسي. - ربط الحالب بالخطأ وقد يتسبب ذلك في فشل وظيفة الكلى. - آلام بالبطن أو أثناء الجماع بعد الجراحة.