تعتبر الأغذية المذكورة في القرآن الكريم من الأغذية الجيدة، ومنها التمر، الذي يعتبر «كنزا» من كنوز التغذية الوقائية والعلاجية، فلكل غذاء إيجابيات (وسلبيات إذا لم يتم احترام الكمية).. ويحتوي التمر على 47 عنصرا غذائيا تقريبا، من بينها السكريات، فتناول السكريات بكثرة -مهما كانت المصادر- يؤدي إلى إفرازات متكررة وغير منتظمة لمادة الأنسولين، وهذا قد يؤدي إلى مقاومة لأنسولين، وبالتالي إلى سكري النوع من الثاني، لكن هذا لا يمنع من أن تضم تغذيتنا السكريات، وخاصة المصادر الطبيعية، ومنها التمر، المفيد جدا، وأقول جدا للمرأة الحامل، مع احترام الكمية المعقولة.. ويُعدّ التّمر غذاء يزِن ذهبا لاحتوائِهِ على أغلبِ العناصرِ التي يحتاجُهَا جسمُ إنسانِ، ولذا يصفُه الحقّ، تباركَ وتعالَى، بقولِهِ: «وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تتّخِذونَ مِنهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»، فالتمرُ يحتوِي على موادٍ سكّريّة، كربوهيدراتيّة، بروتينيّة ودُهنيّة، وعلى عددٍ من العناصرِ المهمِّةِ والفيتامينات الضروريّة لحياةِ الإنسانِ.. فالتمرَ الجافَّ يحتوي على 70.6% من الكربوهيدرات، على 2.5% من الدُهونِ، وعلى 1.32% من الأملاحِ المعدنيّة، التي تشمل مُركّبات كل من الكالسيوم، الحديد، الفوسفات، المغنسيوم، البوتاسيوم، النحاس، المنغنيز، الكوبلت والزنك وغيرها.. يحتوي على 10% من الأليافِ، إضافةِ إلى فيتامينات تشمَل فيتامين «أ»، «ب1»، «ب2» و»ج».. وللتمرِ فوائد طبيّة كثيرة، فهو غذاء مهمّ للخلايا العصبيّة، وطاردٌ للسموم والمرارة وارتفاعِ ضغطِ الدّم والبواسير والنقرس، وهو مليّنٌ طبيعيّ ومُقوّ للسمع ومنبهٌ لحركة الرَّحم ومقوٍ لعضلاته.. مما يُيسّر عملية الولادة الطبيعيّة.. واليوم، نتأمل قصة سيدتنا مريم، عليها السلام، عندما حملت بسيدنا عيسى، عليه السلام، وقد أحسّت بالضيق والحزن، فماذا أمرها الله تعالى أن تفعل؟ وكيف ينظر العلم الحديث إلى هذه النصائح الإلهية؟ لقد أراد الله تعالى أن يجعل من خلق المسيح، عليه السلام، معجزة فأرسل إلى سيدتنا مريم جبريل، عليه السلام ليبشّرها بعيسى، فحملت به من دون أب، بقدرة الله تعالى، ولكنها حزنت حزناً شديداً.. فكيف تواجه الناس بهذا الطفل، وهي الطاهرة المطهرة؟! وماذا تقول لهم وهي لم تتزوج بعدُ؟.. ولكنْ، هل تركها رب العالمين وحيدة في هذا الموقف؟ وهل يتخلى الله عن عباده المؤمنين؟ إن الله تعالى يعلم أن الحزن يضرّ بالجنين، فنهاها عن الحزن وقال لها «أَلا تَحْزَنِي»، ويعلم أن الحركة والرياضة الخفيفة للأم مفيدة، فأمرها أن تهُزّ جذع النخلة «وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النّخْلَةِ»، وهو يعلم أن أفضل غذاء للأم الحامل هو التمر، لما يحويه من عناصرَ غذائية ضرورية، فأمرها بأكل هذه الثمرة فقال: (تُسّاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي».. ويعلم الله تعالى أن الحالة النفسية تؤثر على الجنين، فأمرها بأنْ تفرح وتقَرّ عينها فقال «وَقَرِّي عَيْناً».. فهناك من لا يتدبّرون القرآن ويقرؤونه قراءة سطحية وينتظرون الغرب حتى يأتيّ بالدراسات، فهناك دراسة بريطانية جديدة تؤكد أن الضغوط النفسية تؤذي الجنين، وهناك دراسة أمريكية تؤكد أنّ التمارين الرياضية مهمّة للأم الحامل.. فالدراسات الحديثة (من «جامعة كنساس سيتي») ترى أنّ ممارسة الحامل التمارين البدنية قد تُحسّن صحة الجنين وتساعد في منع وفيات المهد.. وقد قُدّمت الدراسة في مؤتمر «علم الأحياء التجريبيّ»، الذي انعقد في «نيو أوليانز»، وأظهرت أنّ التمارين تساعد في منع وفيات المهد، لأنها تساعد في نمو الجهاز العصبيّ، حيث يعتقد الباحثون أنه السبب في الظاهرة التي يقف العلم عاجزاً عن تفسيرها.. وأكدت دراسات أن التمر مفيد للأم والطفل من خلال دراسة تركيب التمر وما يحويه من موادّ وعناصر غذائية يتبيّن أنه غذاء مثاليّ للأم الحامل، حيث إن التمر يساعد على تقلص عضلات الرحم، ما يُسهّل عملية الولادة، وهو سهل الامتصاص ومفيد للأمعاء ومفيد للجنين أيضاً، حيث يحوي الفيتامينات والمعادن الضرورية لنموّ الجنين.. وبينت دراسة أجراها المركز القوميّ المصري للبحوث أن أثر الوقاية الصحية في التمر يعود إلى احتوائه على مجموعة كبيرة من العناصر الغذائية، أهمها الحديد والمغنزيوم ومجموعة فيتامين «ب» ومادة «الفلوريد»، التي تزيد نسبتها في التمر عن الفواكه الأخرى بخمسة أضعاف، وكذا على دهون وألياف وأحماض أمينية تنشّط التفاعلات الكيميائية. ودعت الدراسة المصرية إلى ضرورة إدخال التمر ضمن غذاء الأطفال، لأنه يمنحهم المزيدَ من السكريات اللازمة لتوليد الطاقة، وأظهرت الدراسة أن التمر أو البلح المجفف يساعد في الحماية من السرطان وتسوّس الأسنان ويقوّي العصب البصريّ. وبما أن التمر مادة مليّنة ومسهّلة فهي ضرورية للحامل قبل الولادة لتنظيف القولون والأمعاء وتسهيل الولادة، فقد تحدّث القران الكريم عن كل هذه الدراسات، قبل أن يتحدث عنها الغرب.. وتذكروا أن الداء والدواء في الغذاء والمرض وارد والشفاء مطلوب والوقاية خير من العلاج.. محمد أحليمي أخصائي في التغذية