سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحبابي: الحسن الثاني كان يخشى أن يتنصت عمر بنجلون على مكالماته قال إن الملك الراحل انزعج من عبد الله ابراهيم وخاطبه: أنا فهاذ لبلاد لا أساوي إلا ثلاثة وزراء
حقائق تنشر لأول مرة على لسان محمد الحبابي، «الشيوعي» الذي أسس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية رفقة المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد، دون أن يتخلى عن صداقته لمستشاري الحسن الثاني وجنرالاته الأقوياء. فوق كرسي اعتراف «المساء»، يتحدث أستاذ الاقتصاد عن علاقته بالجنرالين القادري والدليمي وبإدريس البصري، وكيف جمع بين علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد لتأسيس الكتلة الوطنية، ثم اتصل بالقصر الملكي لتشكيل حكومة الكتلة في 1971؛ ويتطرق الحبابي إلى علاقة الاتحاديين بالانقلاب على الحسن الثاني سنة 1972. ويميط اللثام عن أسرار غير معروفة في قضية المهدي بنبركة، وكيف خطط رفقة اليازغي لاختطاف «قتلة» المهدي، وكيف سجنه الحسن الثاني رفقة بوعبيد واليازغي بعد رفضهم الاستفتاء حول الصحراء سنة 1981. - كنتَ، رفقة علال الفاسي، أول من بادر إلى تأسيس الكتلة الوطنية، في يوليوز 1970. كيف تم ذلك؟ التقيت بعلال الفاسي في أحد الاجتماعات بمكتب عبد الواحد بلقزيز، عميد كلية الحقوق بالرباط، حيث كنا معا أستاذين في كلية الحقوق، فأخبرني بأنه يريد التحدث إليّ في أمر. حينها كنت أسكن في حي أكدال غير بعيد عن الكلية، فذهبنا إلى بيتي بعد انفضاض الاجتماع؛ وبعد أن تحدثنا عن الحالة في المغرب عقب اغتيال المهدي بنبركة، وتناقشنا في الانعكاسات السلبية للتفرقة على حزبينا، بعد الانشقاق الذي حدث في 1959 وخلافاتنا كاتحاديين حينها مع جناح عبد الله ابراهيم والمحجوب بن الصديق، قال لي علال الفاسي بوضوح: يجب أن نبحث عن شكل وحدوي لإعادة مدّ الجسور بيننا. ذهبت إلى عبد الرحيم بوعبيد وأخبرته بما دار بيني وبين علال الفاسي، فكان رد عبد الرحيم واضحا: لا يمكن أن نتوحد، لكن بإمكاننا أن نبحث عن حل وسط لتوحيد الجهود ولمّ الشتات، ولكنه لن يكون هو الوحدة الاندماجية. - من اقترح الكتلة الوطنية كشكل للتنسيق؟ لم أعد أذكر من كان أول من أطلق هذا الاسم، ولكنني متيقن بأن صيغة الكتلة التاريخية كانت هي الإطار الأمثل، والصيغة التوفيقية بين إرادة الاندماج التي عبر عنها علال الفاسي وصيغة التنسيق التي تحدث عنها عبد الرحيم بوعبيد. - كيف تم الإعداد لتأسيس الكتلة الوطنية وحزبكم منقسم إلى قسمين؟ اتصلنا بعبد الله ابراهيم والمحجوب بن الصديق اللذين قبلا الانضمام إلى الكتلة والعمل الوحدوي، لكن على أساس ألا يكون ضمن أعضائها عمر بنجلون. - من الذي رفض عمر بنجلون؟ المحجوب بن الصديق، الذي كان يتضايق من النشاط النقابي لعمر بنجلون. وقد تم الاتفاق على أن يمثل الاتحادَ الوطني للقوات الشعبية في اجتماعات الكتلة، من جناحنا: عبد الرحيم بوعبيد وأنا، ومن الجناح الآخر عبد الله ابراهيم والمحجوب بن الصديق. أما حزب الاستقلال فقد كان موحدا أكثر منا، وكان يمثله علال الفاسي وبوبكر القادري وامحمد بوستة وامحمد الدويري. - لكن علاقة امحمد الدويري بحزبكم لم تكن جيدة تماما؟ اللذان كانا أقرب إلينا هما علال الفاسي وبوبكر القادري، فقد كان الفاسي يقول لنا: أنا لا أريد أن أتحمل أية مسؤولية، ومستعد للموافقة على أن تأخذوا كل المسؤوليات؛ أما الدويري فقد كان صعب المراس، وكان يريد أن يتحكم حزب الاستقلال في الكتلة ويقودها. وهذه هي طبيعة الدويري الذي عاد إلى المشهد السياسي مؤخرا بدعمه لحميد شباط كي يصبح أمينا عاما لحزب الاستقلال بعد أن كان مجرد عامل بسيط في شركة «لاسيميط» التي أسستُها عندما كنتُ مديرا لمكتب الأبحاث والمساهمات الصناعية، وقد رفضت أن يحوِّلها الجيش إلى معمل للأسلحة. - بعد تأسيس الكتلة الوطنية، فتحتم قناة اتصال بالحسن الثاني، بعد أن كانت علاقتكم به متوترة بعد حالة الطوارئ التي استمرت من 1965، وبعد رفضكم التصويت على دستور 1970.. نادى الحسن الثاني على عبد الرحيم بوعبيد، وخضنا معه مفاوضات طويلة؛ لكن بعد محاولة انقلاب 10 يوليوز 1971، أصبحت اتصالاتنا بالملك أقوى، وكان يتصل بعبد الرحيم بوعبيد عن طريقي. وتم الاتفاق على إنجاز إصلاحات سياسية ودستورية، ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقد كنا على وشك الاتفاق مع الحسن الثاني على رسم الخطوط الكبرى للمشاركة، لولا أنه فاجأنا بالحديث عن صياغة دستور جديد في فاتح مارس 1972 وطرحه للتصويت في 10 مارس 1972. وقد أزعجنا ذلك، وأذكر أن عبد الرحيم كان حينها في باريس فاتصل بنا وقال: إذا كان هناك بصيص ضوء ديمقراطي في ذلك الدستور فلنقبل به. اتصلت بصديقي ادريس السلاوي، مستشار الملك، وطلبت منه أن يمدني بمشروع الدستور الجديد للاطلاع عليه، لكنه لم يوافق، فوعدته -إن هو وافاني بالمشروع-بأني لن أخبر أحدا بأنه هو من سلمه، فرفض. وبعد أن رجع عبد الرحيم من فرنسا تداولنا في حيثيات الدستور الممنوح، وقررنا في الكتلة الوطنية مقاطعته. في أكتوبر 1972، عاودنا الاتصال بالحسن الثاني، فعرض علينا عرضين: الأول أن نكون أعضاء في حكومة وحدة وطنية تعود رئاستها إلى شخصية من خارج الكتلة، والثاني أن يكون رئيس الحكومة من الكتلة الوطنية. ثم بعد أيام، اتصل بنا ليقول إنه اختار أن يكون رئيس الحكومة من الكتلة. حينها، كنا قد أعددنا برنامجا في الكتلة الوطنية، فوافق عليه الحسن الثاني. - ما الذي حدث ومنع توصلكم إلى اتفاق مع الحسن الثاني على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية؟ اجتمعنا في الكتلة. اقترحت أنا أن يكون عبد الرحيم بوعبيد رئيسا للحكومة، فقبل علال الفاسي وبوبكر القادري بذلك، ولكن المحجوب بن الصديق لم يقبل به، أما عبد الله ابراهيم فاقترح أن نترك للملك أن يختار بينه هو وبين عبد الرحيم بوعبيد وعلال الفاسي. وهو الحل الذي خلصنا إليه، كما تركنا للملك أيضا أمر اختيار من سيتقلدون ثلاث وزارات، وهي الداخلية والدفاع والبريد. - لماذا البريد؟ لأن الحسن الثاني كان يخاف أن يتنصت عليه عمر بنجلون الذي كان مديرا للبريد، وهذه الحقيقة أخبرني بها المستشار الملكي ادريس السلاوي. - ما الذي دار بين الملك وموفدي الكتلة؟ ذهب بوعبيد وعلال الفاسي وعبد الله ابراهيم للقاء الملك وبقينا أنا وبوستة وبن الصديق والدويري ننتظرهم في منزل علال الفاسي بحي السويسي في الرباط. وعند التقائهم بالملك، خاطبه عبد الله ابراهيم بتلقائية قائلا: لقد تركنا لك ثلاث وزارات، فوضع الحسن الثاني يده على رأسه وقال مخاطبا عبد الله ابراهيم: «أنا فهاذ لبلاد ماتانسوا غير 3 د الوزراء.