شن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بمناسبة مروره الشهري أول أمس الأربعاء بمجلس المستشارين، في سياق جلسة المساءلة الشهرية، هجوما حادا على غريمه السياسي، حزب الأصالة والمعاصرة، دون أن يغفل توجيه رسائل إلى من يهمه الأمر في المحيط الملكي بلعب ورقة التخويف من الربيع العربي. وفيما بدت جلسة المساءلة الشهرية، التي خصصت لمناقشة أهداف الألفية الثالثة هادئة ورتيبة، حوّل تدخل حكيم بنشماش، رئيس فريق «البام»، الجلسة إلى ساحة لتبادل الملاسنات بينه وبين رئيس الحكومة، بعد أن أثارت اتهاماته لهذا الأخير بتحويل المجلس إلى «سيرك» ولحكومته بالتطبيع والتعايش مع الفساد واتخاذ قرارات تمس جيوب المواطنين، والتغاضي عن تهريب الأموال إلى الخارج، قدرت بنحو 20 مليار درهم سنويا إلى الخارج، حفيظة رئيسها. وكان يكفي أن ينبس بنشماس بعبارات: «يستفزني سلوك يتكرر، توجه تعليمات للوزراء، ها السيارات ها الحريرة، ملي تجتامعو في المجلس الحكومي وجه تعليماتك.. كيبان كنجيو هنا نفرقو اللغا» حتى ينفجر بنكيران في وجهه بالقول:» عادي يكون الفرق بيننا حيث ماشي هو اللي كان فالمعارضة، أو ماشي هو اللي كان التحرش بالحزب ديالو، أو ماشي هو اللي دخلت الناس ديالو الحبس، أو تزورت عليه انتخابات 2009، أو ماشي أنا اللي توقفات على قبلي انتخابات باش ناس دياولو ادوزو». إلى ذلك، عاد بنكيران، مرة أخرى، إلى إشهار «فزاعة» الربيع العربي في وجه خصومه في المحيط الملكي وفي المشهد الحزبي، معتبرا أن مسؤولية ضمان استقرار البلاد على كل المستويات هي مسؤولية الملك محمد السادس باعتباره رئيسا للدولة، مؤكدا على أنه مجرد رئيس للحكومة. واعتبر بنكيران خلال تدخله أن «المغرب بلد محفوظ بلطف الله، لأن الله حفظ هذا البلد وحفظ ملوكه طيلة مراحل التاريخ، وخرج سالما من تداعيات الربيع العربي، إلا أننا مازال ما خرجنا من الواد ونشفو رجلينا». وتابع قائلا : «هذا الوطن لطف الله به بعد 25 نونبر وبعد الربيع الديمقراطي والدستور الجديد، بالنظر للوضع الذي كان سيصبح عليه المغرب، حيث كان سيأتي إلى السياسة من ليسوا سياسيين، ولا يهمهم إلا البحث عن المصالح الشخصية و«تغطيهم» الحكومة على فعلتهم تلك ثم يفرون في جنح الليل». وفي الوقت الذي أكد المصدر ذاته أنه لم يعد ممكنا العودة إلى ما قبل انتخابات 25 نونبر 2011، كشف بنكيران عن بعض ما كان يدور في الكواليس من أجل احتواء تبعات الربيع العربي، بالإشارة إلى أنه كأمين عام للحزب كان يتردد على مكتب وزير الداخلية ثلاث مرات في الأسبوع، لأنه كان هناك تخوف وتحفظ». بنكيران حرص على بعث رسائل طمأنة بشأن الصورة القاتمة للوضع الاقتصادي الذي تعيشه المملكة، بالتأكيد على أن الوضع متحكم فيه وأن الأزمة «لا يجب أن تفزعنا فننهار»، دون أن ينسى الإشارة بالغمز إلى من سبقوه إلى تدبير الشأن العام ومعارضي حكومته. وقال: «من أفسد إذن الوضع؟ لابد أن أحدا ما من له اليد في بث الفساد، فأنا لم آت إلا منذ عهد قريب لتسيير شؤون البلاد»، مشيرا إلى أن مسؤولين «نهبوا نصيبهم وفروا تحت جنح الظلام».