أجهض عبد الواحد الفاسي، وحميد شباط، المتنافسين على منصب الأمين العام لحزب الاستقلال، المساعي الحميدة التي تبذلها اللجنة الخماسية، التي تشكلت بعد المؤتمر السادس عشر للحزب لإيجاد مخرج لما بات يعرف بأزمة الأمانة العامة. وخرج أعضاء اللجنة الخماسية، أول أمس الخميس، خاوي الوفاض من اجتماع جمعهم مع كل من شباط والفاسي، ليستمر مأزق حزب علال الفاسي الذي ينذر بحدوث الأسوأ. مصادر مطلعة على كواليس البيت الاستقلالي كشفت أن أعضاء اللجنة سارعوا أول أمس إلى عقد لقاءات جديدة مع كل من الفاسي وشباط، دون أن يتمكنوا من إذابة جليد الخلافات بينهما، والتي وصلت إلى حد تبادل الاتهامات والسب والقذف. وحسب المصادر عينها، فقد اصطدمت المساعي الحميدة، التي تبذلها اللجنة المشكلة من كل من توفيق احجيرة وكريم غلاب وعبد الصمد قيوح ونورالدين مضيان ومحمد الأنصاري، باستمرار المرشحين على موقفيهما المعبر عنهما، وتمسك كل واحد منهما بترشحه، مشيرة إلى أن الاجتماع الذي دام ساعات مع عمدة فاس ونجل مؤسس الحزب علال الفاسي، كل واحد على حدة، أظهر أنهما اختارا لغة التصعيد و«الطلوع للجبل». مصادر «المساء» أوضحت أن الاجتماع كشف أن الصراع بين الطرفين تجاوز حدود التنافس ومنازلة ديمقراطية وانتقل إلى اعتباره مسألة مساس بالكرامة وإساءة، لافتة إلى أن الباب المسدود الذي وصلت إليه مساعي اللجنة خلف استياء واضحا في صفوفها، هي التي كانت تسعى إلى تهدئة الأجواء وتحقيق اختراق في جدار أزمة الحزب. وفي سعيها للبحث عن صيغة لتدبير موضوع الأمانة العامة عقدت اللجنة الخماسية لقاءات عدة مع شيوخ الحزب، في الوقت الذي خاض المرشحان للأمانة العامة للحزب حملتهما الدعائية بقيام كل واحد منهما بزيارة الأقاليم والمدن لحشد الأنصار، وتبادل الهجمات. فيما ينتظر أن تستغل اللجنة أجواء المغفرة والرحمة التي تطبع شهر رمضان الكريم، لعقد جلسات مع حكماء الحزب، ومع المتنافسين لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر للخروج من أزمة الأمانة العامة. من جهة أخرى، كشفت مصادرنا أن الانقلاب الذي قادته خديجة الزومي، المستشارة البرلمانية، المصنفة رقم 2 في قيادة الاتحاد العام للشغالين، بإعلان دعمها الصريح للفاسي في صراعه مع شباط، ستتبعه خلال الأيام القليلة القادمة حركة إعلان عدد من قيادات الذراع النقابي للحزب شق عصا الطاعة للكاتب العام. ووفق المصادر ذاتها، فإن قيادات مسؤولة عن قطاعات نقابية ستخرج عن صمتها لتطالب شباط بتقديم استقالته من الكتابة العامة للنقابة في انتظار نتائج السباق نحو منصب الأمين العام للحزب، مشيرة إلى أن شباط يوجد في وضع لا يحسد عليه بعد أن بدأت تلوح في الأفق ملامح انقلاب عليه ينطلق من الاتحاد العام، الذي كان قد مكنه من بسط نفوذه على الحزب، وهو الانقلاب الذي يبدو أن عدواه ستنتقل إلى قيادات برلمانية. إذ تتداول الأوساط الاستقلالية خبر عزم أحد القياديين الكبار في الفريق النيابي إعلان انقلابه على شباط. من جهة أخرى، اختار عباس الفاسي، الأمين العام للحزب، الذي أعلن اصطفافه في صف نجل مؤسس الحزب، نهج سياسة «سد الريدو»، حسب تعبير مصادر من اللجنة التنفيذية، بتعطيل اجتماعات اللجنة، مشيرة إلى أن هناك ما يشبه التواطؤ على عدم الدعوة إلى انعقاد اللجنة لفسح المجال أمام تهدئة الخواطر، ومخافة أن يتحول اجتماع الجهاز التنفيذي للحزب إلى حلبة للملاكمة والتشابك بالأيدي بين معسكر شباط والفاسي، مما قد يزيد من تأزم وضع الحزب.