دعا مشاركون في يوم دراسي، نظم في طنجة، إلى إعادة النظر في المنظومة التربوية ككل، انطلاقا من الأسرة ووصولا إلى المدرسة، إسهاما في محاربة العنف داخل المؤسسات التعليمية. وشدد المشاركون في اليوم الدراسي الأول لمرصد محاربة العنف المدرسي في طنجة، الذي أنشئ في منتصف فبراير الماضي، على ضرورة توفير الأمن في محيط المؤسسات التعليمية ورصد كل الآفات المهددة للمتعلمين في باب المؤسسة التعليمية، وعلى رأسها المخدرات والتحرش الجنسي، داعين الإعلام الوطني إلى وقف عرض البرامج التلفزيونية والأعمال السينمائية المشهرة بالجريمة أو حالات العنف المختلفة. ودعا عضو مرصد محاربة العنف، الباحث التربوي مصطفى أقبيب، إلى تفعيل آليات قائمة داخل المؤسسة التعليمية للحد من ظاهرة العنف، مثل خلايا اليقظة والنوادي التربوية ومراكز الاستماع، مشيرا إلى أن «القضاء النهائي على العنف «وهم» لا يمكن أن يتحقق»، لكنْ بالإمكان الحد من آثاره وامتداداته السلوكية الخطيرة خارج الوسط المدرسي وداخله. من جهته، اعتبر رئيس فدرالية جمعية آباء وأمهات التلاميذ في الثانويات التأهيلية في نيابة طنجة، مصطفى خضور، أن عوامل ثقافية وتربوية تقف وراء استفحال ظاهرة العنف في المؤسسات التعليمية، وليس فقط الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للتلاميذ، مشددا على ضرورة تكامل أدوار الأسرة والمدرسة في الحد من الظاهرة، مشيرا إلى دور جمعيات الآباء كطرف وسيط بين المؤسسة التعليمية والمؤسسة الأسرية. وخُصِّصت إحدى مداخلات اليوم الدراسي للمقاربة الصحية لظاهرة العنف المدرسي، حيث أبرز الدكتور عبد الفتاح السوسي الآثار المباشرة لممارسة العنف المادي والرمزي على نفسية المتعلم، إلى جانب الأضرار العضوية والفيزيولوجية، وأضاف أن تعنيف المتعلمين سبب أساسي في إفقادهم التركيز، وبالتالي ضعف مردودهم الدراسي المؤدي إلى الرسوب، كما أوضح أن العنف قد يؤدي بالمتعلم إلى النفور من المدرسة، ما يقود نحو مشكلة أخرى هي تفشي الهدر المدرسي. وفي مداخلة لممثل المجلس العلمي المحلي لطنجة، عبد الخالق أحمدون، أوضح الأخير أن الابتعاد عن القيم الروحية والأخلاق الدينية الإسلامية يعد عاملا أساسيا في تفشي العنف المدرسي، مستحضرا دور المجالس العلمية ومسؤوليتها في الحد من انتشار هذه الظاهرة، داعيا إلى مقاربة شمولية لآفة العنف المدرسي، يكون للمجلس العلمي المحلي ولعلماء الدين عموما موقعهم فيها، كدعاة وناصحين وموجهين للمتمدرسين. وتبنى المشاركون في اليوم الدراسي جملة من التوصيات، في مقدمتها الدعوة إلى تعميم المراصد المناهضة للعنف في مدارس التعليم الخاص والتربية النظامية وغير النظامية، كما حث المشاركون على ضرورة توفير الشروط اللوجستية والمالية والبشرية المؤهلة للعمل في المؤسسات التعليمية، عبر إحداث أندية تربوية وتفعيل مراكز الاستماع. ودعا المشاركون، كذلك، إلى ضرورة القيام بالمراقبة الوقائية والافتحاص المدرسي، كما شددوا على ضرورة تغيير البرامج والمناهج الدراسية وإصلاح الآليات التعليمية من الداخل وإعادة النظر في بعض الظواهر، مثل الاستعطاف والعقاب التربوي. وشددت خلاصات اليوم الدراسي على ضرورة اعتماد سياسة المحاسبة والمسؤولية والنظر في التشريعات والقوانين المعمول بها حاليا، بما يضمن وضوحا وتدقيقا في توزيع المهام والاختصاصات.