أنهى مشروع تصميم تهيئة ضواحي فاس نزاعا حادا كان قد نشب بين جماعة أولاد الطيب القروية والمجلس الجماعي لفاس حول مساحات شاسعة وإستراتيجية من أراضٍ تقول الجماعة القروية أولاد الطيب إنها تابعة لها، وتتهم المجلس الجماعي لمدينة فاس ب«الاستحواذ» عليها بناء على تقسيم انتخابي سابق. وأعاد مشروع تصميم تهيئة، توصلت به هذه الجماعة القروية يوم 14 فبراير من الوكالة الحضرية لفاس، عبر ولاية الجهة، ما يقرب 150 هكتارا إلى هذه الجماعة، ما اعتبره رئيس الجماعة القروية، رشيد الفايق، «انتصارا للمشروعية». وكان ملف هذه الأراضي قد ساهم في تأجيج الأزمة السياسية بين حزب الأصالة والمعاصرة، الذي ينتمي إليه رئيس الجماعة القروية أولاد الطيب وبين حزب الاستقلال، الذي يسير المجلس الجماعي لفاس. وعمدت قيادة الأصالة والمعاصرة إلى عقد عدة تجمعات في هذه الجماعة، واعتبرتها من «قلاع» الحزب على الصعيد الوطني، وأدخل ملف هذه الأراضي إلى قبة البرلمان، كما ولج النزاع القضاء الإداري. وعمدت الجماعة القروية إلى نشر إعلان المشروع في مقرها، كما نشرته في صحافة حزب الاستقلال، باللغتين العربية والفرنسية، وهي إجراءات قانونية تُعتمَد لتمكين المواطنين من إبداء آرائهم حول المشروع، قبل عقد دورة استثنائية للجماعة للمصادقة على المشروع. وعاشت فاس والمناطق المحيطة بها، منذ سنة 2008، دون تصميم تهيئة. وخلّف المشروع، الذي صادق عليه المجلس الجماعي لفاس في دورة فبراير الماضي، أزمة سياسية بين حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية، بعدما امتنع مستشارو الأخير عن المصادقة على المشروع، فيما استعاد عمدة فاس قاموس «التطرف» و«خلق الفتنة» و«البلبلة» ومعارضة تنمية المدينة لانتقاد حزب العدالة والتنمية، الذي سبق أن هدد ب«النزول» إلى الشارع لمعارضة المشروع. وتوجد في الأراضي المتنازع عليها بين الجماعتين دواوير سكنية (دوار البورصي ودوار السباطي) تعد من «أعتق» الدواوير الصفيحية في ضواحي المدينة، ما زالت تعيش بدون ماء ولا كهرباء. وقد ساهم النزاع بين الجماعتين في تعقيد وضعية ساكنتها، فقد اعتبرت الجماعة القروية أولاد الطيب أن «هذه الدواوير تتبع لها من الناحية الإدارية» وعمدت إلى تمكين العشرات من قاطنيها من «رخص الربط الاجتماعي» بالكهرباء. وعمدت مقاطعة سايس مدينة فاس، من جهتها، في الآونة الأخيرة، إلى تمكين ساكنة الأحياء نفسها من رخص أخرى للكهرباء، بناء على تقسيم انتخابي لسنة 2008. وأوقف المكتب الوطني للكهرباء العملية في انتظار إجراء «دراسات». وعمد المجلس الجماعي، في السياق ذاته، إلى منح تراخيص البناء فوق أجزاء من هذه الأراضي لمنعشين عقاريين، فيما قررت الجماعة القروية أولاد الطيب اللجوء إلى القضاء الإداري لمنع هذه الشركات من «تجزيء» هذه الأراضي والمطالبة بتعويضات عن التفويتات.