وضع المنتخب الوطني لكرة القدم نفسه في «مأزق» عقب خسارته بهدفين لواحد، أمام تونس في أولى مباريات المنتخبين، ضمن نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2012. دخل المنتخب الوطني المباراة متحمسا لانتزاع نقاط الفوز، لكنه في النهاية تلقى هزيمة مرة. الخسارة أمام تونس وضعت زملاء بلهندة في موقف لا يحسدون عليه، إذ أنهم باتوا ملزمين بالفوز في مباراتهم المقبلة أمام البلد المنظم، الغابون، ليحافظوا على آمالهم في التأهل، وإلا فإنهم سيجدون أنفسهم قد بدأوا في حزم حقائبهم استعدادا لعودة سريعة إلى المغرب. لكن من يتحمل مسؤولية الخسارة أمام المنتخب التونسي، وألم يكن ممكنا أن يحقق المنتخب الوطني نتيجة أفضل؟ قطعا كان الفوز في هذه المباراة في متناول المنتخب الوطني، الذي كان بمقدوره أن يقطع خطوة كبيرة في طريق التأهل. لقد خاض اللاعبون المباراة بحماس، وبقتالية أيضا وبدوا مستعدين لتحقيق أول فوز ضد المنتخب التونسي، لكن المدرب إيريك غيريتس لم يختر التشكيلة الملائمة، وبدا أن العاطفة قد أثرت على اختياراته، وأن المعايير التي استند عليها لاختيار تشكيلته لم تكن موضوعية. على الورق كان واضحا أن المنتخب الوطني أفضل، وأنه يتوفر على لاعبين بفرديات كبيرة بإمكانها إحداث الفارق، لكن منتخب كرة القدم ليس فرديات فقط، كما أن الملعب ليس «سيرك» لاستعراض المؤهلات الفنية، ولكنه مساحة للتفاعل مع دقائق المباراة، ولهز الشباك أولا وأخيرا. عقب المباراة قال غيريتس إن الأداء الجماعي للاعبي المنتخب الوطني لم يكن في المستوى، مشيرا إلى أن اللاعبين خاضوا المباراة بقلوبهم أكثر مما أجروها وفق ما تقتضيه من نهج تكتيكي ومن تفاعل معها. سيد غيريتس، هنا تبدأ مهمة المدرب، فهو الذي من المفروض أن يضع لاعبيه في قلب المباراة، وأن يشذب أداءهم وأن يفرض عليهم الانضباط لاختياراته، وأن يجعل فرديات اللاعب في خدمة المجموعة. لقد اتضح لكثيرين قبل حتى أن يعطي الحكم انطلاقة المباراة، أن غيريتس جازف في الكثير من اختياراته. 1 -المدافع أحمد القنطاري لم يكن جاهزا للمشاركة، وهو الغائب عن الملاعب منذ ثمانية أشهر. لقد كان من الأفضل الدفع بعبد الحميد الكوثري، أو جمال العليوي أو عبد الفتاح بوخريص أو مصطفى لمراني، فإذا كان غيريتس لا يثق في أي من هؤلاء اللاعبين، فلماذا اختارهم ضمن تشكيلته، وفضل عليهم لاعبا لديه إمكانيات جيدة، لكنه يفتقد للتنافسية. 2 - رغم أن أسامة السعيدي عائد للتو من إصابة، ولم يستعد كامل إمكانياته، فغن غيريتس بدل أن يحتفظ به للدقائق الأخيرة من المباراة غامر بإشراكه أساسيا، لذلك كان طبيعيا ألا يظهر بالصورة المنتظرة. 3 - جازف غيريتس باعتماده على بدر القادوري ظهيرا ايسر وهو الذي لايلعب ضمن فريقه السلتيك، والأمر نفسه ينطبق على الحسين خرجة، الذي كان خارج المباراة، ولم يعد لها إلا في اللحظات الأخيرة. 4 - منذ سنوات وخط هجوم المنتخب الوطني يراهن على المهاجم مروان الشماخ المفتقد للفعالية، وتكرر السيناريو نفسه مع غيريتس. 5 - تغييرات غيريتس لم تكن محسوبة، فدخول العربي تأخر، كما أن قراءته لمجريات المباراة لم تكن جيدة. صحيح أن الهزيمة أمام منتخب تونس لا تعني الإقصاء، لكنها جعلت المنتخب الوطني في وضع صعب، فالتأهل يمر عبر الفوز على الغابون، وهي مهمة ليست صعبة، كما أنها ليست مستحيلة، لكن حدوثها رهين باعتراف غيريتس بأخطائه وبسعيه إلى تجاوزها، وبنزوله إلى «الأرض» بدل أن يظل يسبح في السماء.