لم ينه التعادل الذي آلت إليه مباراة الديربي قبل أسبوع، الصراع الودادي الرجاوي، بل امتد ليأخذ بعدا آخر بعد قرار رئيس الوداد بانتداب المدرب الرجاوي فاخر ، ليصبح أول مدرب ينتقل من «القلعة الخضراء» لتدريب الوداد، مقابل ست حالات انتقل فيها مدربون وداديون من القلعة الحمراء إلى الرجاء، وهم قاسم قاسمي ولحسن العفاني وعبد القادر جلال وعبد القادر لخميري وعبد الحق القدميري وعبد الرحمن بلمحجوب ثم مصطفى البطاش. للتاريخ فإن أول مدرب للرجاء البيضاوي هو اللاعب الودادي السابق المرحوم قاسم قاسمي، الذي درب الرجاء في مباريات السد وأشرف على الجانب التقني في المباراة التي صعد فيها الفريق «الأخضر» إلى القسم الأول بعد الفوز بسداسية على أولمبيك وزان في أول «باراج»، لكن مباشرة بعد تحقيق الصعود، شعر المدرب قاسم قاسمي بخطورة الأمر، بعد أن نبهه بعض الوداديين إلى أن مساهمته في صعود الرجاء قد يقسم الدارالبيضاء إلى بؤرتي نزاع وهو ما حصل فعلا، وحين كان اللاعبون الرجاويون يحتفلون بالصعود في ملعب فيليب، اكتشف الجميع أن با قاسم اختفى عن الأنظار وكأن الأرض ابتلعته، منذ ذلك الحين قطع الرجل علاقته مع الرجاء واعتبر تدريبه الخضر «غلطة العمر». حين ينتقل مدرب أجنبي من الرجاء إلى الوداد أو العكس، يتعامل الجمهور مع التحول كحق مشروع تفرضه أحيانا ظروف المهنة، وتارة يصنف في خانة الاسترزاق، لكن انتقال مدرب سبق له أن لعب للرجاء أو الوداد لتدريب الفريق الغريم يأخذ بعدا آخر ويعتبر خروجا عن المألوف وتمردا على التاريخ والجغرافيا. عندما تشبت أكرم بالتعاقد مع فاخر، رغم ارتفاع سومة المهر ومؤخر العقد، ووعورة المعبر الرابط بين مركب الوازيس ومحمد بنجلون، فإن القضية تجاوزت في نظر الوداديين والرجاويين مجرد تعاقد بين فريق ومدرب وطني، إلى ارتباط بين لونين «أحمر» و»أخضر»، مع ما تمخض عنه من جدل استنفر مواقع التواصل الاجتماعي ومدرجات الملاعب ومقاهي الغريمين. بدأت أولى خيوط اللقاء بين أكرم وفاخر، في مركب الوازيس بالدارالبيضاء، حين التقى رئيس الوداد مدرب الرجاء أثناء زيارة قام بها رفقة وفد يرأسه منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة، لتدشين المعلب المعشوشب اصطناعيا والذي كان بمساهمة مشتركة بين الجامعة والوزارة الوصية على القطاع الرياضي، ولأن الزيارة تزامنت مع حصة تدريبية للرجاء البيضاوي، فإن الفرصة كانت مواتية للحظة عناق بين الرجلين رصدتها عدسات المصورين، منذ ذلك الحين أيقن الجميع أن الأمر سيتجاوز حدود المصافحة، إلى نظرة فابتسامة فموعد فلقاء فتوقيع عقد. ووجه عبد الإله أكرم بمعارضة حين كشف لمساعديه عن وجود مفاوضات سرية مع امحمد فاخر، قبل أن يقنعهم بجدوى التعاقد مع «صائد الألقاب»، بينما دارت معارك على الأنترنيت بين جمهور الفريقين وصلت إلى المطالبة بوقف التعامل مع الجار، والتهديد بمقاطعة مباريات الفريق إذا جلس فاخر في دكة بدلاء الوداد وارتدى اللون الأحمر. وذهب بعض المتطرفين إلى تسريح اللاعبين الرجاويين والمناداة برد الاعتبار لأبناء الفريق خوفا من الاجتياح «الأخضر»، بينما ذكر بعض الرجاويين مدربهم فاخر بالعهد الذي قطعه على نفسه، حين غادر الرجاء، إذ قال إنه لن يدرب هذه السنة. قرر فاخر تدمير الحواجز والتمرد على الألوان، بينما عبر فصيل رجاوي عن استعداده لدعم الوداد برئيس إذا اقتضى الأمر ذلك وبطلاء مركب بنجلون باللون «الأخضر»، بعد أن مكن الغريم من خدمات ستة لاعبين ومدرب، أما الوداديون فيقولون إن لاعبي الرجاء يتوجهون إلى الوداد بحثا عن ظروف أفضل. تعدى السجال حدود الجمهور، حيث صرح مبارك إحسان عضو المكتب المسير للرجاء البيضاوي في أعقاب مباراة فريقه ضد الدفاع الجديدي إنه يهدي الانتصار للمدرب فاخر، في إشارة عميقة الدلالات.