لا يُشكّل الجهاز المناعي في الإنسان الطبيعي أي ردة فعل لأي دواء في العادة، وهو الأمر الطبيعي لدى كل الناس، لكنْ في بعض الحالات، يشكل الجهاز المناعي عند الإنسان ردة فعل قوية ضد دواء معيّن، حيث تحدث حساسية للدواء نتيجة لذلك، ومن أهم علامات حدوث حساسية الأدوية ظهور الإرتكاريا أو طفح جلدي. كما أن البحث العلمي خلُص إلى أن حساسية الأدوية يمكن أن تحدث في الإنسان حتى لو كان يستخدم الدواء لأول مرة، وليس شرطا أنه كان يتناول هذا الدواء في الماضي حتى تحدث الحساسية عنده مع تكرار تناول هذا الدواء. لكنْ يجب التنبيه إلى أن التفاعلات التي تحدث للأدوية يمكن أن تكون مناعية (تحسسية) ويمكن أن تكون غير مناعية (غير تحسسية) أي لا علاقة لها بالجهاز المناعي تماما، وبالتالي نسمي النوعين كالتالي: حساسية الأدوية، إذا كان تفاعل ناتج عن الحساسية، وتفاعل غير تحسسي للدواء، إذا كان لا علاقة له بالحساسية، بل عكس المتوقع عند الكثيرين، فإن التفاعلات غير التحسسية للأدوية هي الأكثر انتشارا من التفاعلات التحسسية الناتجة عن حساسية الدواء. ويقع الخلط بين النوعين كثيرا نتيجة ظهور نفس الأعراض على المريض، ويسمى كلا النوعين باسم مشترك، وهو تفاعلات الأدوية. وفي كلا النوعين، يجب علي المريض زيارة الطبيب ووضع خطة للعلاج، لأن هذه التفاعلات قد تتطور لتصبح خطيرة علي حياة المريض، لأنها قد تسبب فرط “صدمة” الحساسية. أعراض حساسية الأدوية تظهر أعراض تفاعلات الأدوية الناتجة عن الحساسية (أي حساسية الأدوية) سريعا جدا بعد تناول الدواء، ولكن عدة بحوث علمية أكدت أنه في القليل من الحالات المسجلة تظهر الأعراض بعد عدة أسابيع من تناول الدواء. وأعراض حساسية الأدوية هي: ظهور طفح جلدي وإرتكاريا، إكزيما، انتفاخ الوجه، ضيق التنفس، التهاب الأنف (العطس، انسداد الأنف وسيلان الأنف). وقد يصل الأمر سريعا إلي فرط «صدمة» الحساسية، والتي تعتبر خطيرة على حياة المريض. كيف تحدث حساسية الأدوية؟ حتى تحدث حساسية الأدوية، يحتاج الأمر إلى وجود عامل مُهمّ وهو تكرار تناول المريض نفسَ الدواء، إذ يسبب ذلك تهيئة الجهاز المناعي، حيث لو تناول المريض نفس الدواء في المستقبل، فإن الجهاز المناعي يشكل تفاعلا تحسسيا سريعا جدا. ويحدث التحسس لدواء معين بعد تكرار تناوله كالتالي: أولا، تحصل حساسية الأدوية عندما يخطئ الجهاز المناعي في النظر إلى الدواء، فبدل أن ينظر الجسم إلى الدواء على أنه مادة مفيدة، فإنه ينظر إليه على أنه مادة ضارة يجب محاربتها، وتبعا لذلك فإن الجسم يصنع أجساما مضادة خاصة بالحساسية (IgE) ليهاجم هذا الدواء. تلتصق هذه الأجسام المضادة «IgE» على الجدار الخارجي ل«خلايا ماست»، حيث يكون الجهاز المناعي جاهزا في هذه المرحلة، إذ لو تكرر تناول نفس الدواء مستقبلا، فإن حساسية الدواء تحدث مباشرة. وعليه، إذا تناول المريض نفس الدواء مستقبلا، فإن «خلايا ماست» تنفجر لتخرج مادة الهستامين ومواد أخرى. هذه المواد هي التي تسبب ظهور أعراض حساسية الدواء، حيث يحدث هذا التفاعل سريعا جدا بعد تناول الدواء. لكنْ لم يصل الطب الحديث إلى الآن إلى لإجابة عن السؤال المُهمّ وهو لماذا تحدث حساسية الأدوية عند بعض الناس بينما لا تحدث عند الآخرين؟ وللإجابة عن هذا السؤال، نحتاج أبحاثا علمية معمقة، لأن الإجابة عليه ستُمكّننا من منع حدوث حساسية الأدوية. وجد من خلال البحث العلمي، أيضا، أن الجهاز المناعي يتغير بمرور الزمن، ويمكن أن يختفي التحسس لدواء مُعيَّن بعد فترة طويلة من الزمن من عدم التعرض للدواء. متى يجب أن تزور الطبيب؟ عند حدوث حساسية خفيفة للأدوية: عند حدوث أعراض خفيفة لحساسية الأدوية يجب الاتصال بعيادة طبيب. إن إهمال هذا الأمر قد يجعل رد الفعل التحسسي يتكرر مستقبلا، وقد يكون التفاعل شديدا وقتها ويكون خطيرا على حياة المريض. وفي العادة، فإن الطبيب المتخصص في الحساسية يوقف الدواء المسبب للحساسية ويعطي دواء بديلا له نفس المفعول ولا يسبب الحساسية ويشخص هذه الحساسية. أما عند حدوث حساسية شديدة للدواء فإنه: يجب على المريض ألا ينتظر ويقصد الطوارئ مباشرة. وعلامات الحساسية الشديدة للدواء هي علامات فرط (صدمة) الحساسية وهي: -ضيق في القناة الهوائية وضيق التنفس، -نبض سريع، -دوخة، -صداع، فقدان الوعي. د. عمر العراقي [email protected]