قال محمد برادة، الأستاذ الجامعي ووزير الاقتصاد والمالية الأسبق، إن المغرب يعاني حاليا من نقص حاد في الاحتياطي من العملة الصعبة، حيث إن أكثر ما يجب الانتباه إليه، هو معرفة ما إذا كانت الاحتياطات ستكون كافية لتغطية نفقات وواردات المغرب وكذا تسديد ديونه في الأشهر المقبلة، ففي شهر شتنبر الماضي كان بنك المغرب قد حذر من ذلك، والضغط الحاصل على احتياطي الصرف يرتفع باستمرار، وحاليا يتوفر المغرب على احتياطي من العملة الصعبة لن يغطي سوى خمسة أشهر من حاجيات الاستيراد، مذكرا أنه عندما كان وزيرا للمالية، خلال تسعينيات القرن الماضي، كان هذا الاحتياطي يفوق 600 مليون دولار. وأضاف برادة، الذي كان يتحدث خلال ندوة من تنظيم مركز «روابط للأبحاث القانونية والاقتصادية والاجتماعية» بكلية الحقوق بالدار البيضاء يوم السبت المنصرم، أن العجز المالي لهذه السنة سيسجل 4.5 إلى 5 في المائة، معتبرا أن الحكومات السابقة أقرت إصلاحات لتخفيض حجم المديونية وجعله في المستوى المقبول، أي ما بين 48 و50 في المائة، وهي نسبة تظل مع ذلك قابلة للانفجار بسرعة، على اعتبار أنها لا تتأثر فقط بالنفقات العمومية، بل إذا نظرنا إلى الحسابات الخارجية، فالوضعية كارثية، فالمغرب يملك ميزانا تجاريا يسجل عجزا منذ سنوات، لكونه يستورد سنويا أكثر من ضعف صادراته، وفي ظل وضعية مثل هاته لا يمكن إلا أن نفقد قدرتنا التنافسية» يضيف برادة. وعن صندوق المقاصة، الذي استنزف خلال هذه السنة أكثر من 45 مليار درهم، قال برادة إن هذا الصندوق إشكالية كبرى لم تجرؤ أي حكومة على حلها، وتساءل في الوقت نفسه: من يستطيع حل معضلة صندوق المقاصة بالمغرب؟ مشيرا إلى أن المغرب تقدم في قطاع الخدمات، لكن نمو أي بلد يرتبط بحسب مقومات قطاعه الصناعي، ولذلك يحث برادة على تفعيل المزيد من الاستثمارات في قطاع الصناعة، والعمل على التأثير في ثقافة الاستهلاك بالنسبة إلى الزبون المغربي بهدف شراء منتجات مغربية، لأن الشركات المغربية وأمام منافسة السلع المستوردة من الصين والبلدان الأخرى التي تربطها بالمغرب اتفاقيات للتبادل الحر، أصبحت تقفل وتشرد عائلات بسبب ذلك، وبالتالي فارتفاع معدل البطالة يقابله انخفاض في النمو. وأضاف أن «المشكل يكمن في أنه لا توجد رؤية متناسقة على المدى الطويل، بل لدينا رؤى قطاعية، وحين نحاول توحيد مختلف الخطط المتبعة، نصطدم بغياب تصور شمولي، ولهذا فوضع خطط على المدى القصير يؤدي بعدد من القطاعات إلى الاندثار، وهي قطاعات تستوعب نسبة مهمة من اليد العاملة في الاقتصاد الوطني». واعتبر وزير المالية الأسبق أن الأزمات مفيدة لأي بلد، حيث اعتبرها وقودا للحكومات من أجل البدء في الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وأعطى مثالا بفترة الثمانينيات عندما قام المغرب بإصلاحات هيكلية حيث استطاع بفضل ذلك أن يصل إلى معدل نمو يفوق 5 بالمائة.