بعد أيام قليلة على رحيل الفنان الكبير عبد النبي الجيراري، رزئت الساحة الفنية بفقدان اسم فني آخر، ويتعلق الأمر بالفنان المسرحي الكبير مصطفى سلمات الذي وافته المنية مساء أول أمس الاثنين، عن عمر يناهز 67 سنة، على إثر إصابته بمرض عضال أفقده القدرة على العمل في الشهور الأخيرة. ويشكل الفنان مصطفى سلمات علامة فارقة في تاريخ المسرح المغربي المعاصر، إذ خاض العديد من التجارب المسرحية الرائدة، ابتدأها بالمشاركة في أنشطة نوادي الأحزاب الوطنية ودار الشباب والثقافة في المدينة القديمة بالدارالبيضاء. وبعد انتقاله إلى مستوى التعليم الثانوي، التحق الفنان مصطفى سلمات بالمعهد المسرحي الذي مهد لالتحاقه بفرقة مسرح الطيب الصديقي الذي قضى رفقته عقودا من العمل والإنتاج. كما خاض الفنان تجربة رفقة فرقة «المعمورة» التي ضمت العديد من الأسماء الشهيرة والرائدة في المسرح المغربي، قبل أن يلتحق بفرقة «مسرح اليوم» رفقة الممثلة ثوريا جبران. عرف الراحل بأدائه أدوارا شهيرة في تاريخ المسرح المغربي، من بينها أدواره في مسرحيات «سلطان الطلبة» و«عطيل» و«عبد الرحمن المجذوب» و«أبو حيان التوحيدي» و«المقامات» و»«الغفران»؛ وخاض تجارب تلفزيونية عديدة رفقة المخرجة المغربية فريدة بورقية، من بينها «عز الخيل مرابطها» و«حوت البر» و«الدار الكبيرة» و«جنان الكرمة» و«عبد الرحمن المجذوب»... واشتغل الفنان الكبير رفقة أغلب المخرجين السينمائيين المغاربة، من بينهم حسن بنجلون ومحمد إسماعيل وعبد الكريم الدرقاوي ومصطفى الدرقاوي... هذا فضلا عن خوضه تجربة الإخراج المسرحي. وفي تصريح ل«المساء»، اعتبر حسن النفالي، رئيس «النقابة المغربية لمحترفي المسرح»، أنه برحيل مصطفى سلمات، يفقد المغرب والفنانون والمثقفون اسما فنيا متعدد المواهب، «لم يكن سلمات فنانا عاديا، وإنما كان فنانا شاملا يمثل جيلا بكامله من الممثلين الذين أعطوا للفن، والمسرح على وجه الخصوص، الشيء الكثير منذ الستينيات، له حضور قوي وصوت شجي وقدرة على ضبط الإيقاع... لهذا أعتقد أن رحيله خسارة للفن المغربي، لأنه ترك بصمات في المسرح والسينما والدراما، لكن هذه مشيئة الله، ولا راد لقضاء الله. وبهذه المناسبة الأليمة، نتقدم إلى أفراد أسرة الفقيد -سليم وسليمة وجهاد وعائشة...- بالعزاء، وندعو له بالصبر والسلوان، كما نعزي الأسرة الفنية في فقدانه، وإنا لله وإنا إليه راجعون». وكان برنامج «مسار» قد خصص، قبل أسابيع قليلة، التفاتة فنية وإنسانية جميلة للفنان سلمات، كما نظمت مقاطعة سيدي بليوط بالدارالبيضاء، قبل أشهر، من خلال ربيعها الثاني، حفل تكريم لمصطفى سلمات، ولم يتمكن الراحل من حضور التكريم الذي أقيم له، مساء الجمعة ما قبل الماضي في مركب مولاي رشيد، من طرف النادي السينمائي لسيدي عثمان، بعد تدهور ظروفه الصحية، وتسلمت ابنته سليمة سلمات الجوائز التكريمية، وكانت إحدى هذه الجوائز عبارة عن صورة بالحجم الكبير للفنان مصطفى سلمات وهو يجسد دوره في أحد الأعمال السابقة.