استمعت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدارالبيضاء، صباح الاثنين الماضي، إلى محمد الغلوسي، رئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب -فرع مراكش، لمدة زادت على أربع ساعات، بخصوص شكايتين تقدم بهما فرع الهيأة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في مراكش قبل أزيد من شهر تقريبا. وأوضح محمد الغلوسي، رئيس فرع هيأة حماية المال العام بالمغرب، في اتصال مع «المساء»، أن المصالح الأمنية طرحت أسئلة حول مصدر هذه الوثائق التي تقدَّم بها محامون عن الهيأة والأطراف المتهمين في هذين الملفين، إضافة إلى الطرق التي حصلوا بها على هذه المستندات المهمة. وقد كان جواب الحقوقي والمحامي أن العديد من الطرق سلكتها الهيأة للوصول إلى الوثائق، منها المؤسسات ومنها بعض الشرفاء والنزهاء في هذا البلد، ومنها المجلس الجماعي، مخاطبا إياهم بأنه يجب عليهم أن يعمّقوا البحث للوصول إلى المزيد من المعطيات التي ستفيد التحقيق. وتساءل الغلوسي ما إذا كان سيتم التحقيق والاستماع إلى البرلمانيين الذين لهم علاقة بالملف، أم إن الأمر سيحول دون ذلك تحت دافع توفرهم على الحصانة البرلمانية. وقد شملت الشكاية المذكورة وثائق ومعطيات تهُمّ قضية ما أصبح يعرف ب«الحي الشتوي»، إذ توضح المعطيات «تورط» عدد من المسؤولين في جنايات تزوير وثائق رسمية وتبديد واختلاس المال العامّ واستغلال النفوذ، إضافة إلى شكاية تهُمّ ملف سوق الجملة للخضر والفواكه، الكائن بتجزئة «المسار» في الحي الصناعي، التي توضح الوثائق والمستندات، التي أدلى بها فريق المحامين إلى المحكمة، تبديدا واسعا للمال العام، انعكس سلبا على مالية المدينة. وقد تقدمت الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، عبر فريق من المحامين، بشكاية إلى الوكيل العامّ للملك لدى محكمة الاستئناف في مراكش، يتعلق بدفعة أولية، تخص قضية «الحي الشتوي»، ذات الصلة بنائب عمدة مراكش، عبد العزيز البنين، موضحا أن تنازل هذا الأخير عن مبلغ 8 ملايير سنتيم، المحكوم بها لصالحه ضد المجلس الجماعي، لا تمنع النيابة العامة من تحريك المتابعة في مواجهته، إذا ثبت من خلال البحث والتحقيق أنه «متورط في بعض الجرائم المرتبطة بنهب وتبديد المال العام»، على حد قوله. وقد تضمنت الشكاية معطيات ووثائق مرتبطة بقضية سوق الجملة للخضر والفواكه، حيث تفيد المعطيات التي تم التوصل إليها إلى وجود اختلالات مالية وإدارية وتقنية شابت المشروع، الذي أريد له أن يكون نموذجيا. وجدير بالذكر أن تفاصيل ما يعرف بقضية «الحي الشتوي» تتجلى، حسب الشكاية ذاتها، في كون شركة «ستي وان»، لصاحبها عبد العزيز البنين، نائب رئيس المجلس الجماعي السابق عمر الجازولي والنائب الأول لعمدة مراكش، فاطمة الزهراء المنصوري، قامت باقتناء العقار المسمى «الجناح»، تفيد شهادة الملكية المتعلقة به والمؤرخة بتاريخ 26 ماي من سنة 2003، أنه يتوفر على طريق يبلغ عرضها 10 أمتار، وبعد حيازة الشركة المذكورة العقار، عمدت إلى استخراج شهادة ملكية جديدة لا تتوفر على الطريق المذكورة في الشهادة الأولى، وهو ما استغلته الشركة المذكورة لصالحها، للحصول على رخصة إضافة طابقين وامتيازات أخرى، من لجنة الاستثناءات الكبرى في ولاية مراكش، مقابل تنازل الشركة عن جزء من العقار لإحداث طريق عمومية. كما أقدمت الشركة نفسها على تجزئة عقار، مجزأ أصلا، واستخراج رسم عقاري جديد، أنشأت عليه ثلاثة مشاريع عقارية مهمة، إضافة إلى مقاضاة المجلس الجماعي بدعوى الاعتداء على أراضيها، صدر فيها حكم لصالحها بتعويض بلغ 9 ملايير سنتيم. كما قام رئيس المجلس الجماعي السابق، بتاريخ 20 دجنبر 2005، بإبرام صفقة تحت عدد 117 /2005، بقيمة تقدر ب230 مليون سنتيم خدمة لشركة «ستي وان»، في شخص ممثلها عبد العزيز البنين. أما بخصوص قضية سوق الجملة للخضر والفواكه، والذي كلف مشروع إنجازه موارد مالية وصلت إلى نحو 97 مليون درهم، وهو المبلغ الذي اعتبرته الشكاية كبيرا جدا بالمقارنة مع التكلفة التقديرية الموضوعة من قبل مكتب الهندسة المعمارية، المحدد في نحو 64 مليون درهم، رغم أن عددا من المرافق لم يتم بناؤها، كما أرجعت الشكاية ذلك، إلى سوء التسيير وعدم تسوية الوضعية القانونية للعقار موضوع البناء، حيث إن المجلس شرع في إنجاز المشروع قبل سلك مسطرة نزع الملكية. كما أن الجماعة عمدت إلى هدم محلات تجارية في قاعة بيع الفواكه كلفت ميزانية المجلس نحو 50 مليون سنتيم. وأكدت الشكاية نفسها أن مجمل الصفقات المبرَمة من طرف المجلس الجماعي في مراكش لإنجاز سوق الجملة لم تتقيد بقواعد تنفيذ النفقات العمومية، حيث تم الشروع في إنجاز الأشغال موضوع هذه الصفقات قبل تاريخ انعقاد جلسة فتح الأظرفة.