يشكل رجال الأمن العمود الفقري الذي ترتكز عليه الدولة لضمان استقرارها والحيلولة دون أي فعل من شأنه الإخلال بالنظام العام ،كما يقع على عاتقهم تقديم المساعدة والإسعاف لكل شخص يحتاجها، الأمر الذي يجعلهم يتحملون أعباء ومسؤوليات استثنائية تلزم موظف الإدارة العامة للأمن الوطني بالقيام بواجبه حتى بعد تأديته لساعات عمله العادية، وبالتالي فإن عمله يمتد دون انقطاع على مدار الساعة، وهو مطالب دائما بالاستجابة لنداء الواجب متى اقتضت الضرورة في كل مكان وزمان. مسؤوليات جسام وساعات عمل إضافية تقابلها أجور هزيلة لا تكاد تسد أبسط احتياجات العيش اليومية لموظفي الإدارة العامة للأمن الوطني، الذين ظلت رواتبهم هي نفسها على الرغم من توالي الزيادات الملتهبة والحارقة في أسعار المواد الأساسية في تغذية المواطن البسيط وباقي متطلبات الحياة من بنزين وماء وكهرباء, وما يترتب عن ذلك من إضعاف للقوة الشرائية للموظف البسيط، بل إن هذه الأجور على هزالتها تتعرض من حين لآخر لاقتطاعات لا يعرف رجال الشرطة مبرراتها كما يؤكدون، وفي هذا الإطار يقول مقدم الشرطة عبد الغني «المانضة ديالنا نتوما عارفينها, ولكن لي بغيتكم تعرفوا هو راه البوليسي مسكين كيتفاجأ كل مرة ب20 درهم أو 30 درهم ناقصة من المانضة. فين مشات ؟الله أعلم. مع من غادي تهدر؟ أش غادي دير؟والو. كتكمدها وتسكت». ولتتضح الصورة أكثر فإن راتب الشرطي المبتدئ يقدر في مبلغ 2650 درهما وبعد أن يرتدي هذا الشرطي بذلته الزرقاء لأكثر من عقد من الزمن يضاف إلى راتبه 100درهم في حين عليه العمل لسنوات طويلة أخرى قبل أن يدرك دوره في الترقية إلى الرتبة الموالية- يشرح رجل أمن قبل أن يضيف قائلا «ورغم هزالة أجر الشرطي إلا أنه يخفي خلفه حقيقة حسابية مرة تتجلى في قيمة الراتب الأساسي SALAIRE DE BASE الذي لا يتعدى 1100 درهم، هذا الرقم المخجل تمتد انعكاساته السلبية لتطال قيمة أجر رجل الأمن حين تتم إحالته على التقاعد». أما التعويضات الممنوحة للبوليس المغربي فتكشف وجها آخر من الواقع الذي يرتكز عليه البوليس لرسم صورة قاتمة عن وضعهم الاجتماعي, فالتعويض عن السكن مثلا يحدد في 110 درهم في الشهر, أما التعويض عن مصاريف تنظيف وتحديد والعناية بالزي الرسمي للعمل فقيمته 3 دراهم ، ويخصص نفس العدد من الدريهمات كتعويض عن مصاريف النقل والتنقل. وعلاقة بموضوع الأجور والتعويضات يقول ضابط شرطة ممتاز «ظلت إدارتنا تختفي وراء إشكالية نقص المناصب المالية كلما طرح مشكل النقص البشري للنقاش، بينما اعتادت التذرع بضعف الميزانية في مواجهة تذمر وسخط موظفيها من هزالة الأجور, في حين أن أول إجراء أقدم عليه المدير العام للأمن الوطني عقب تعيينه على رأس إدارتنا كان سن وإقرار تعويضات ومنح خيالية يستفيد منها فقط ولاة الأمن ورؤساء المصالح والمناطق الأمنية وباقي كبار الموظفين .تعويضات أقلها يعادل 4 أضعاف راتب رجل أمن بسيط. وللإشارة فإن مطالب رجال الأمن المادية تتعلق أساسا بحقهم في التعويض عن ساعات العمل الإضافية والتي تزداد يشكل كبير إبان الزيارات الملكية وكذا حين يتم الرفع من مستوى ودرجة التأهب الأمني عقب حدوث أحداث إرهابية داخل المغرب أو خارجه. يقول حارس الأمن محمد «قتلونا بالضوبلاج وما عمرهم خلصونا فساعة وحدة ديال «الضوبلاج»، وكنخدمو أيام السبت والأحد والأعياد فابور ولي غيب وماحضرش كيتعاقب». عوامل أفضت إلى موجة من الاحتجاجات على ضعف الأجور، وتنامي الأخطار المهنية بسبب التهديدات الإرهابية، وتصاعد وتيرةالجريمة، إضافة إلى قلة الإمكانيات اللوجستيكية، وساعات العمل الإضافية...