تعتبر الهلاوس (جمع هلوسة) من الأعراض التي تميز مرض الفصام, على الرغم من أنها لا توجد لدى جميع المصابين به، كما لا توجد بصورة مستمرة طوال فترة المرض. وفي كثير من الأحيان تقوى وتضعف، تظهر وتختفي حسب تطور المرض. وهي يمكن أن تصيب جميع الحواس. لذلك فإننا نتحدث عن هلاوس سمعية، وهلاوس بصرية، وهلاوس حسية، وهلاوس شمية، وهلاوس ذوقية. 1 – الهلاوس السمعية، وهي أن يسمع المريض حركة أو موسيقى أو أصواتا تكلمه، دون أن تكون موجودة في الواقع، ودون أن يسمعها من حوله. وهذه الأصوات قد تتحدث عنه أو عن تصرفاته أو تكرر كلامه، وقد تذمه أو تسبه، وقد تأمره بالقيام بأفعال معينة تذهب أحيانا إلى حد الضرب أو القتل. ومن هنا خطورة هذه الهلاوس التي قد يقاومها المريض لفترة معينة، ثم قد يستسلم. لذلك يجب دراسة تلك الهلاوس ومضامينها وأخذها على محمل الجد. وأحيانا يسمع المريض أصواتا صادرة من التلفاز أو المذياع. وكثيرا ما يتشاجر المريض بصوت عال مع الأصوات التي يسمعها. وتعتبر الهلاوس السمعية أكثر أنواع الهلاوس انتشارا لدى مرضى الفصام. 2 - الهلاوس البصرية، وهي أن يرى المريض أشخاصا أو أشياء غير حقيقية وغير موجودة. أحيانا يرى نجوما أو ضوءا، وأحيانا يرى أشخاصا يعرفهم أو آخرين لا يعرفهم أو لم تتحدد له معالم شخوصهم. وهذا النوع من الهلاوس أقل من النوع السابق لدى مرضى الفصام. 3 - الهلاوس الحسية، وهي أن يحس المريض بأن هناك أشياء تلمسه. فقد تكون تلك الأحاسيس وخزات إبر أو حرارة أو برد. وقد تكون هذه الأحاسيس جنسية، فتزعج المريض وتضايقه إلى حد أنها قد تجعله متوترا وقد تدفعه لإيذاء نفسه. وفي بعض الأحيان يحس المريض بأن شخصاً يلتصق به بطريقة جنسية، فيقوم بردود فعل عنيفة ضد من يظنه صاحب ذلك التحرش المتوهم. 4 - الهلاوس الشمية، وهي أن يشم المريض رائحة غريبة لا يشمها معه من حوله من الناس. قد تكون تلك الهلاوس عبقة عطرة، لكنها كثيرا ما تكون كريهة، فتسبب لدى المريض الضيق والتوتر. وإذا ظن بأنها من فعل بعض الناس لإذايته بالسحر أو الشعوذة أو السم فإنه يصبح عنيفا تجاههم. 5 - الهلاوس الذوقية، وهي أن يشعر المريض بأن طعم بعض المأكولات أو المشروبات ذو ذوق مختلف. وهذا النوع من الهلاوس – مثل سابقه - قليل ويصاحب في الغالب الأنواع الأخرى. إن وجود هذه الأنواع من الهلاوس ضمن أعراض الفصام يستلزم التأكيد على ما يلي: إن كثيرا من الناس – مرضى أو أسر مرضى أو معالجين تقليديين – ينسبونها إلى الجن أو الشياطين أو يربطونها بأمور غيبية. وهذه تفسيرات لا أساس لها. ونحن نعرف أن هناك أنواعا من المخدرات أو المواد تحدث هلاوس لدى متعاطيها. كما نعرف أن هناك أدوية تعالج تلك الهلاوس. إن المخ يعمل من خلال تيارات عصبية وكهربائية، تتحول إلى تفاعلات مواد كيميائية. وعندما يحدث خلل في تلك التيارات والتفاعلات داخل المخ يظهر خلل في الرسائل التي تصل إلى المخ، فتبرز الهلاوس. إن وجود الهلاوس لا يكفي وحده لوضع تشخيص الفصام، فهي توجد في حالات أخرى كثيرة مثل إدمان المخدرات أو بعض الاضطرابات النفسية الحادة أو الخرف أو بعض الأمراض العضوية المؤثرة على الدماغ. لذلك لا بد من أن تتزامن مع الهلاوس أعراض أخرى وفق معايير التشخيص المتعارف عليها. إن التعامل مع المريض الذي يعاني من أي نوع من أنواع تلك الهلاوس يجب أن يكون حذرا، دون مبالغة، لأنه قابل للغضب والانفعال، وأحيانا للعنف والعدوانية. والسلوك السليم الوحيد هو اللجوء إلى الطبيب المختص لوصف الدواء المناسب. (سعد الدين العثماني) طبيب مختص في الأمراض النفسية [email protected]