من أبرز نقط الضعف التي تجعل قطاع النخيل في المغرب في الوقت الراهن غير تنافسي هو ضعف مؤشرات الإنتاجية والجودة في سلسلة التمر على مختلف مستويات هذه السلسلة، وللتغلب على هذه الوضعية تم التوقيع في 27 أبريل الماضي على عقدة-برنامج في إطار تفعيل مخطط المغرب الأخضر بين الحكومة، ممثلة في وزارات الفلاحة والداخلية والمالية وكتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة من جهة، وبين الفلاحين الممثلين في الفدرالية البيمهنية المغربية للتمور وفدرالية منتجي التمور بالمغرب من جهة أخرى. وحددت العقدة- البرنامج هدفا استراتيجيا وهو ربط علاقة تعاقدية بين الحكومة ومهنيي القطاع لتمكين جميع الجهات الفاعلة من تنفيذ برامج العمل المتفق بشأنها وتنسيق تدخلاتها الميدانية. كما وضعت أهدافا مرقمة لهذا التعاقد، هي إعادة تكثيف وتأهيل واحات النخيل على مساحة إجمالية تناهز 48 ألف هكتار، وإحداث مغروسات جديدة للنخيل خارج الواحات على مساحة 17 ألف هكتار، وتحقيق إنتاج من التمر يفوق 160 ألف طن في أفق 2020 مقابل 90 ألف طن حاليا، والرفع من الطاقة الإنتاجية لمختبرات إكثار شتلات النخيل النسيجية لتبلغ في مرحلة أوج الإنتاج 400ألف شتلة سنويا مقابل 60 ألف في الوقت الحالي. ومن الأهداف أيضا تعزيز الطاقة الاستيعابية لوحدات تثمين منتوجات التمر ورفعها إلى حوالي 110 آلاف طن، أي ما يناهز 70 في المائة من الإنتاج المتوقع لعام 2020، منها 70 ألف طن من التمر الطازج المعبأ، وتنمية صادرات التمر ذي القيمة المضافة العالية من خلال تسويق 5 آلاف طن بالأسواق الخارجية سنة 2020. وسيصل المجهود الاستثماري المطلوب لتنفيذ البرامج المسطرة للنهوض بسلسلة النخيل إلى 7,5 مليارات درهم، تساهم فيه الدولة بنسبة 65 في المائة (4,9 مليارات درهم)، فيما تناهز مساهمة المهنيين 35 في المائة (2,7 مليار درهم)، وسيوزع التمويل على أربع عمليات مبرمجة، هي تطوير القدرات الوطنية لإنتاج الأغراس النسيجية (145 مليون درهم)، والتنمية المستدامة للإنتاج وتحسين الجودة (6,3 مليارات درهم)، والتطوير القوي والدائم للبنية الأساسية لتثمين الإنتاج ولمناهج التسويق (1,1 مليار درهم)، والمواكبة الميدانية الفاعلة للتأطير التقني للأنشطة التنموية (40 مليون درهم). وتتضمن العقدة- البرنامج خطة عمل من أربعة محاور تضمن لها التكامل والانسجام وتلبية حاجيات المنتجين. ويتجلى المحور الأول في تطوير القدرات الوطنية لإنتاج الأغراس النسيجية من خلال تسريع وتيرة إنتاج البراعم الأولية لإكثار أغراس من الأصناف المقاومة لمرض البيوض وذات الجودة العالية، وتوفير الكميات الضرورية من الأغراس لإنجاز برامج الغرس المقررة خلال العشر سنوات المقبلة. فيما يتجلى المحور الثاني في الحرص على تحقيق تنمية مستدامة في عملية الإنتاج وتحسين الجودة قصد الحفاظ على الموارد الطبيعية للواحات، عبر حث المستثمرين على إنجاز مشاريع إنتاجية خارج الواحات واعتماد نظم الري الفعالة والمقتصدة للماء وفق الدعامة الأولى لمخطط المغرب الأخضر، وإنجاز مشاريع اقتصادية تضامنية تعنى بالفلاحة الصغرى داخل الواحات برسم الدعامة الثانية لمخطط المغرب الأخضر، والقيام بالدراسات الأساسية لتشخيص الواحات و الهادفة إلى تحديد الأولويات والبرامج المزمع إنجازها، فضلا عن تكثيف وإعادة هيكلة واحات النخيل عبر تعبئة الموارد المائية وترشيد استعمالها، علاوة على الرفع من كثافة المغروسات واعتماد المسارات التقنية الملائمة لصيانة أشجار النخيل. وفي المحور الثالث يتم التركيز على عملية تثمين الإنتاج للرفع من قيمته المضافة. وسيتم في إطار هذا المحور إنشاء وحدات التخزين المبرد للحفاظ على جودة التمر، بغرض التخفيف من ثقل المشاكل المرتبطة بتزويد السوق المترتبة عن الفجوة المتزايدة بين فترتي الإنتاج وأوج الاستهلاك، وإنشاء وحدات حديثة لتعبئة وتغليف التمر للرفع من قيمته المضافة وتحسين ظروف التسويق، وتطوير الصناعات التحويلية للتمر ومشتقاته، وهيكلة السوق الداخلية وتنظيم قنوات التسويق وفق مناهج تضمن تثمين أفضل لجهود المنتجين. أما المحور الرابع فيرمي إلى تحسين الإطار التقني لسلسلة التمر لمواكبة ميدانية فاعلة للبرامج التنموية من خلال تعزيز قدرات تدخل المنظمات المهنية من خلال إسداء المساعدة التقنية، ودعم التأطير التقني لصغار المنتجين، والرفع من الكفاءات المهنية للموارد البشرية من خلال إنجاز برامج التكوين تستجيب للحاجيات الميدانية لسلسلة التمر، زيادة على تعزيز البحوث التطبيقية في ميدان النخيل، خصوصا في المواضيع المرتبطة بالمكافحة المتكاملة للآفات، وانتقاء الأصناف الجيدة والمختارة، وتقنيات الري الفعالة وتكنولوجية تثمين الإنتاج.