أرجعت مصادر مطلعة تأخر تنصيب المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (كوركاس) إلى انتظار ما يمكن أن تسفر عنه المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، التي انطلقت أمس الجمعة في جولة جديدة غير رسمية في ضواحي نيويورك، برعاية المبعوث الشخص للأمين العام الأممي كريستوفر روس، وحضور كل من الجزائر وموريتانيا. وكان الملك محمد السادس قد أعلن في خطاب له بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين للمسيرة الخضراء في نوفمبر الماضي عن قرب إعادة هيكلة المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، الذي تم تنصيبه في 25 مارس 2006، بإصدار ظهير جديد للمجلس، وإدخال إصلاحات جوهرية تخص تركيبته وصلاحياته. وقالت المصادر ل«المساء» إن هذا التأخر قد يكون أيضا بسبب صعوبة اختيار رئيس جديد للمجلس يحظى بالإجماع بين مختلف قبائل الصحراء، خصوصا بعد الخلافات التي كانت تندلع داخل المجلس في الفترة السابقة بسبب طريقة تدبير خليهن ولد الرشيد لأموره الداخلية وعدم مراعاته الحساسيات القبلية الأخرى الممثلة داخل الكوركاس، مما عرقل عمله ودفع العديد من الأصوات إلى توجيه الانتقادات إلى المجلس السابق المجمد حاليا. وذكرت المصادر أن هناك أربعة أسماء تروج في الوقت الحالي، مرشحة لخلافة ولد الرشيد على رأس المجلس، هم الغيلاني الدليمي، الوالي الملحق بالإدارة المركزية لوزارة الداخلية، والمختار الجماني، عضو مجلس المستشارين عن حزب الحركة الشعبية، وخليل الدخيل، والي جهة العيون الساقية الحمراء، ومحمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين وأمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، إلا أن هذا الأخير، تضيف المصادر، سيكون ملزما بتقديم استقالته من الحزب المذكور في حال توليه رئاسة المجلس. وتتجه التوقعات، بخصوص اختيار الرئيس المقبل للكوركاس، إلى أن يكون من قبيلة الركيبات، كبرى قبائل الصحراء المغربية، التي ينحدر منها أيضا الرئيس السابق، نظرا ل«رمزية القبيلة وتحكمها في القرار بمنطقة الصحراء»، حسب أحد أعضاء المجلس في تصريحاته للجريدة، والذي أضاف بأن أي رئيس جديد يجب أن يكون حاصلا على الإجماع ويتمتع بنوع من الكارمزية، نظرا لأهمية وخطورة الملفات التي هي من صلاحيات المجلس وعلاقتها بالقضية الوطنية. ولا يعرف ما إن كان المجلس المقبل سيبقي على نفس المعايير السابقة التي تحكمت في اختيار أعضائه، أي المزج بين المعايير المجالية والمعايير القبلية، وهو الأمر الذي أعطى لبعض القبائل في المجلس السابق حضورا أقوى بسبب تمثيليتها القبلية وتمثيليتها الترابية في نفس الوقت، كما لا يعرف إن كان المجلس الجديد سيفتح أمام جميع مناطق الصحراء، كما هو الوضع في المجلس الذي تنتهي صلاحياته في مارس المقبل، أم فقط أمام المناطق التي هي موضع النزاع مع جبهة البوليساريو، باستثناء أقاليم واد نون. غير أن مصطفى ناعمي، وهو عضو في الكوركاس وباحث في علم الاجتماع ومختص في المجال الصحراوي، قال إن المرحلة الحالية لم تعد مرحلة هيمنة العامل القبلي، مضيفا بأن التمثيل القبلي أصبح متجاوزا من قبل المجتمع المدني، الذي بدأ يتشكل في الأقاليم الصحراوية. وأشار ناعمي إلى أن أحداث العيون الأخيرة أظهرت أهمية إعادة النظر في جميع المفاهيم السابقة، التي كان يتم التعامل بها مع قضية الصحراء، والخروج من التنمية العشوائية وتبني مقاربة تنموية شمولية في الصحراء.