في تطور لافت، نقلت الحرب الدائرة رحاها حاليا بين حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة، على خلفية تمكُّن المعارضة خلال جلسة التصويت التي عقدتها لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية في مجلس المستشارين، يوم الثلاثاء الماضي، من إسقاط ميزانية وزارة التجهيز والنقل، (نقلت رحاها) إلى ساحة المجلس الدستوري. ووفقا لمصادر من المجلس، فقد تم تكليف كل من محمد الأنصاري، رئيس الفريق الاستقلالي، وحكيم بنشماش، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة في الغرفة الثانية، بمهمة الاستماع إلى التسجيلات الخاصة بجلستي التصويت والتدقيق في المعلومات والوقائع قبل جمعها في تقرير مفصل، سيتم رفعه إلى رئاسة مجلس المستشارين، مشيرة إلى أن هذا التكليف تم بالتوافق بين الأغلبية والمعارضة، كحل للخروج من المأزق الناتج عن إعادة التصويت على الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز ولوضع حد للجدل القانوني الذي أثير بهذا الخصوص. واستنادا إلى نفس المصادر، فإن رئاسة مجلس المستشارين ستوجه فور توصلها بالتقرير المنجز من قبل رئيسي فريقي حزبي «الميزان و«البام»، طلب استشارة إلى المجلس الدستوري لإبداء رأيه في مدى شرعية التصويتين اللذين تما على الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز، التي يقودها الاستقلالي كريم غلاب. وكان تمكن مستشاري «البام» من إسقاط ميزانية وزارة غلاب قد أثار غضب الأغلبية، خاصة حزب الوزير الأول، الذي رأت فيه تصويتا «غير شرعي»، ما جعلها تسارع إلى حشد مستشاريها لعقد اجتماع ثان للجنة المالية صباح أول أمس الأربعاء، توج بانتزاع المصادقة على الميزانية بعد عملية تصويت ثانية اعتبرتها المعارضة «غير قانونية» وتمت خلال «اجتماع سري ومهرب». إلى ذلك، اعتبرت مصادر برلمانية أن «معركة» ميزانية وزارة التجهيز، التي كان مجلس المستشارين ساحة لها، تدخل في سياق «تصفية حسابات سياسية» بين حزبي «البام» و«الاستقلال»، والصراع الدائر منذ أشهر بينهما، والذي دفع قيادة الاستقلال إلى «الاستنجاد» بالملك، من خلال مذكرة يعمل أعضاء في اللجنة التنفيذية للحزب على صياغتها، سيشتكون من خلالها ممارسات غريمهم السياسي. بالمقابل، نفى رئيس الفريق الاستقلالي في الغرفة الثانية أن تكون هناك «حرب» أو «صراع» بين حزبه وغريمه السياسي، على خلفية إسقاط ميزانية وزارة التجهيز خلال جلسة تصويت أولى والمصادقة عليها في جلسة ثانية. وقال في اتصال مع «المساء» إن «ما حدث من احتجاجات وجدل بمناسبة التصويت على ميزانية وزارة التجهيز ظاهرة صحية ودليل على حيوية المجلس وفعل يؤسس للديمقراطية، بغض النظر عن الاختلاف الموجود بين الاستقلال والأصالة والمعاصرة»، وأضاف: «لو كنا نتوفر على تراكمات واجتهادات سابقة، لَما حدث مثل ذلك الجدل الذي كانت لجنة المالية والمجلس مسرحا له بخصوص التصويت على ميزانية وزارة التجهيز، وعلى كل حال، فالسجالات والنقاشات، التي ثارت بين الأغلبية والمعارضة تفيد ديمقراطيتنا وتجربتنا التشريعية». واعتبر الأنصاري أن إعادة التصويت على الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز قانونيا وأن طلبه تأجيل التصويت خلال جلسة الثلاثاء الماضي يستند إلى المادة 60 من النظام الداخلي للمجلس، التي تنص على أنه إذا طلب ثلث أعضاء لجنة أو رئيس فريق أن يؤجل تصويت اللجنة، لعدم حضور أغلبية الأعضاء، يؤخر الاجتماع، وإذا لم يتم تصويت بسبب عدم توفر هذه الأغلبية، يجري التصويت في الجلسة الموالية، مهما كان عدد الأعضاء الحاضرين، غير أن هذه الجلسة يمكن تأجيلها إلى الجلسة التي تعقبها في نفس اليوم أو في صباح اليوم الذي يليه.