جلالة الملك يوافق على اعتماد يوم 9 دجنبر من كل سنة يوما وطنيا للوساطة المرفقية    تنديد حقوقي باعتقال أفراد من عائلات ضحايا أحداث القليعة مع مطالب بالإفراج الفوري عنهم    اختلالات في ربط إحصاء القطيع بالدعم تثير جدلا داخل البرلمان    أكادير تستضيف اجتماع التخطيط الرئيسي للأسد الإفريقي 2026    السلامي يقصي مصر من كأس العرب    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    وزير التعليم العالي: جامعاتنا اعتمدت 550 مسلكا في الرقمنة و65 في الذكاء الاصطناعي لدعم تكوين جيل المستقبل    ناصر الزفزافي يعلن تعليق إضرابه عن الطعام والماء    تامسنا تحتضن الدورة الثانية لمهرجان الفيلم بشعار: الحكاية الأمازيغية على الشاشة    كتبها المتصوف أبو الحسن الششتري قبل سبعة قرون.. زكرياء الغفولي يعيد روح قصيدة «شويخ من أرض مكناس»    عروض دولية ووطنية متنوعة بمهرجان النون الدولي للمسرح بالفقيه بن صالح    الجنائية الدولية تحكم بالسجن على قائد ميليشيا "الجنجويد" قتل وإغتصب وحرق قرى بأكملها    مؤسسة طنجة المتوسط تكثّف جهودها لدعم التفوق الدراسي بإقليم الفحص أنجرة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    احتجاج داخل المستشفى الجهوي بطنجة بسبب مشروع "المجموعات الصحية الترابية"    تفاصيل أول يوم للمسطرة الجنائية    الرباط.. إطلاق الاستراتيجية الخماسية للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها    ضعف حاسة الشم قد يكون مؤشرا مبكرا على أمراض خطيرة    طاقة الأمواج .. مجلة أمريكية تبرز التقدم التكنولوجي الهام في المغرب    هذا المساء فى برنامج "مدارات" . الحسن اليوسي : شخصية العالم وصورة الشاعر    مجلس النواب ينظم غدا الأربعاء المنتدى البرلماني السنوي الثاني للمساواة والمناصفة    فيفا يعتمد استراحات لشرب المياه أثناء مباريات مونديال 2026    رونار: المغرب أصبح اسماً يرهب الكبار.. والبرازيل نفسها تحسب له ألف حساب    2025 تقترب من السنوات الثلاث الأشد حرا    12 سنة سجناً وتعويض ب 32 مليار سنتيم للمدير السابق لوكالة بنكية    مخططات التنمية الترابية المندمجة محور ندوة علمية بالمضيق    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يسلط الضوء على أشكال العنف الرقمي ضد النساء    هزة أرضية متوسطة القوة تضرب قبالة سواحل الحسيمة    مكتب الصرف.. تسهيلات جديدة لإنجاز عمليات صرف العملات بواسطة البطاقات البنكية الدولية    بعد ستة عقود من أول لقاء..المغرب وسوريا يلتقيان في ربع النهائي    مباراة إيران ومصر تتحول إلى جدل حول المثلية في كأس العالم 2026    لاعبو فنربهتشه وغلطة سراي في قلب تحقيقات فضيحة التحكيم    2025 تقترب من السنوات الثلاث الأشد حرا    قراءة سياسية وإستشرافية للزيارة الملكية لدولتي الإمارات ومصر و هندسة جيوسياسية عربية جديدة.    الصين تعدم مسؤولا مصرفيا كبيرا سابقا أُدين بالفساد    "مراسلون بلا حدود": إسرائيل أسوأ عدو للصحفيين وأكثر دولة قتلا لهم    مقتل 67 صحافياً خلال سنة واحدة    أكبر تسريب بيانات في كوريا الجنوبية يهز عملاق التجارة الإلكترونية    السكوري يؤكد فقدان 15 ألف مقاولة خلال ال8 أشهر الأولى من 2025    بث تلفزيوني وإعلانات.. عائدات المغرب تقدر ب22.5 مليون دولار من "كان 2025"    المندوبية السامية للتخطيط: دخل الفرد بالمغرب يقارب 29 ألف درهم    دراسة تكشف فوائد الذهاب للنوم في التوقيت نفسه كل ليلة    4 قطاعات تستحوذ على 66% من أحجام الاستثمارات الأجنبية في الأدوات المالية    الكاف تعلن عن شعار "أسد ASSAD "... تميمة لكأس أمم إفريقيا المغرب    المشروع الاتحادي : إعادة الثقة إلى السياسة وربط المواطنة بالمشاركة الفاعلة    الإدارة تتغوّل... والبلاد تُدار خارج الأحزاب وخارج السياسة    مهرجان الفدان للمسرح يسدل بتطوان ستار الدورة ال 12 على إيقاع الاحتفاء والفرجة    الدار البيضاء… افتتاح معرض الفنون التشكيلية ضمن فعاليات مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير    مخالفة "أغنية فيروز" بتازة تشعل الجدل... مرصد المستهلك يندد والمكتب المغربي لحقوق المؤلف يوضح    المغرب لن يكون كما نحب    مغربيان ضمن المتوجين في النسخة العاشرة من مسابقة (أقرأ)    علاج تجريبي يزفّ بشرى لمرضى سرطان الدم        الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملك في زمن الديمقراطية
دون خوان يتنازل لابنه عن العرش
نشر في المساء يوم 16 - 07 - 2008

هذه الحلقات هي سفر في تضاريس حياة الملك خوان كارلوس دبريون الذي كتب اسمه بمداد من ذهب في سجل الانتقال الديمقراطي بإسبانيا، فلم يكن شخصية معادية لنظام الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو، بل خرج من رحم نظامه بعدما التقطه الجنرال ولقنه دروس السياسة وجعله يعيش بين ذئاب النظام ويرضع من حليبهم حتى يشتد عوده، وعندما مات الرجل القوي الذي لم تعرف إسبانيا غيره منذ نهاية الحرب الأهلية، وجد خوان كارلوس نفسه يمسك بمقود السفينة في عين الإعصار، قد أبان عن قوة داخلية وهو يلعب دور المروض لحديقة من سباع الجيش و النخبة السياسية التي كانت محيطة بالديكتاتور، لأجل كل ذلك تظل حياة خوان كارلوس فصلا مهما في درس الانتقال الديموقراطي الاسباني.
حاول خوان كارلوس جاهدا أن يتم الفصل بين جنازة فرانكو وتنصيبه ملكا على البلاد، وكان منشغلا فعلا بأن يقوم والده دون خوان بتحركات ضده، خصوصا أنه في منتصف شهر نونبر اطلع على مسودة وثيقة كان والده يعتزم نشرها بعد وفاة الجنرال فرانكو، يشير فيها إلى نفسه باعتباره رئيس العائلة الملكية الإسبانية وابن وريث الفونسو الثالث عشر، كما أنه ينتقد فيها حكم فرانكو باعتباره كان فرديا ودكتاتوريا، مصرحا فيها بأنه حان الوقت لتلعب الملكية دورها بعد إقصائها بسبب الحرب الأهلية في إسبانيا، عبر إرساء عدالة اجتماعية عميقة والقضاء على الفساد ووضع ديمقراطية تعددية، والدفع بالبلاد نحو الاندماج الكامل في المجموعة الأوروبية، ويشير فقط في وثيقته إلى خوان كارلوس باعتباره ابنه ووريثه الشرعي، وما أقلق الملك الجديد للبلاد أن والده لم يشر إليه باعتباره ملكا.
وكان هذا الاعتراف أساسيا من أجل شروع خوان كارلوس في تفكيك النظام الفرانكي، وبسبب هذا الأمر لم يستطع خوان كارلوس النوم لعدة ليال متوالية، خصوصا أن وثيقة دون خوان نشرت في باريس يوم 21 نونبر1975 وخلفت ردود فعل في وسائل الإعلام الرسمية الإسبانية، ولم تهدأ العاصفة إلا يوم 28 نونبر، عندما أرسل دون خوان مبعوثا شخصيا بصفة سرية إلى قصر الثارثويلا يحمل رسالة اعتراف بخوان كارلوس ملكا ورئيسا للسلالة الملكية، وعبر عن اقتناعه بكون ابنه يحمل نية إحداث تحولات ديمقراطية عميقة، لذلك قرر التنازل له عن تسيير شؤون البلاد، وهو التنازل الذي سيكون مكتوبا «عندما يرغب خوان كارلوس في ذلك»، وعندما سمع الابن هذا الكلام، قال معلقا: «يا له من أب منحني الله إياه». واعترف دون خوان بابنه ملكا بشكل رسمي في 14 ماي 1977، وبدا واضحا بجلاء أن لديه نية خلخلة أسس النظام الذي ورثه.
وفي يوم 22 نونبر، تمت مراسيم تنصيب خوان كارلوس ملكا في الكورتيس الإسباني، وكان جزء من تلك المراسيم أن يقسم على القوانين والمبادئ الأساسية للحركة الفرانكية. وفي خطابه أثناء التنصيب، قام خوان كارلوس بإحالات على ما تحقق في عهد فرانكو، معلنا بداية مرحلة جديدة في تاريخ إسبانيا، فالملكية تطوي تحت جناحيها جميع الإسبان، داعيا الجميع إلى المشاركة في توافق وطني، موظفا كلمات تستجيب لحاجة التحرك وفق التشريعات الفرانكية، لكن بشكل لا يمكن معه مغالطة نواياه، فقد قال بالحرف: «أنا مقتنع بشكل كامل أن شعبا عظيما مثل شعبنا يريد إصلاحات عميقة... هذه اللحظة الحيوية والمتميزة بالتغيير تتطلب قدرة إبداعية من أجل تحويل الآراء المختلفة إلى أهداف مشتركة.
لكن ما أزعج الكثيرين هو أن خوان كارلوس لم يشر إلى تاريخ 18 يوليوز 1936، ولم يكن خطابه مغرقا في التقدمية مثل قدر ماء بارد، لذلك قام بزيارة لدونيا كارمن في «إيل باردو» في العشية نفسها من أجل توضيح وفائه للجنرال، وكان في ذلك رسالة طمأنة لأولئك الذين انزعجوا كثيرا من خطابه. وبالنظر إلى الظروف المحيطة به، بالكاد كانت تلمس بعض الشجاعة في خطابه، لكونه كان يعلم جيدا أن هناك شخصيات عسكرية كثيرة كانت آراؤها تقترب من مواقف «البونكر»، والذين كان يطلق عليهم أيضا الجنرالات الزرق، لذلك أدلى بأول تصريحاته للجيش باعتباره رئيس القوات المسلحة: «أنتم ممثلو أسمى معاني الوطن وحماة وضامنو استمرارية المبادئ الأساسية، وأوفى تعبير لشعبنا». لقد استطاع خوان كارلوس منذ كان أميرا أن يعطي انطباعا جيدا عن شخصه، وهو ما شكل حجر الزاوية في علاقته بالجيش الذي سيشكل أحد أعمدة إسبانيا الديمقراطية.
وصبيحة يوم 23 نونبر، ترأس الملك خوان كارلوس مراسيم دفن الجنرال فرانكو بحضور ابنه فرانسيسكو فرانكو مارتينيث وألفونسو دي بوربون وممثلي القوات المسلحة البرية والجوية والبحرية، وفي نفس اليوم أجرى لقاء مع زعيم «البونكر» خوسي خيرون دي بيلاسكو، وكل ذلك كان يشكل لعبة توازن معقدة بين مختلف مكونات الماضي الفرانكي والمستقبل الديمقراطي.
ويبدو أنه من الصعب تكوين فكرة عن الضغوطات التي واجهها خوان كارلوس في بداية حكمه، إلا أن هذه الفترة كانت تتميز بميلاد آمال كبيرة ورغبة قوية في التغيير، سواء داخل إسبانيا أو خارجها، بيد أن العراقيل التي كانت موضوعة أمامه من أجل دمقرطة البلاد كانت كبيرة جدا، كما أن موروث الحقد الذي تراكم خلال تلك الحقبة في بلاد الباسك سيسمم السياسة الإسبانية طيلة سنوات طويلة، ومن جهة أخرى فإن القوى الديمقراطية التي كانت تطمح إلى التغيير لم تراهن أبدا على خوان كارلوس بحكم أنه ظهر إلى جانب الجنرال فرانكو طيلة خمسة عشر عاما، وتابع الجرائم التي ارتكبت من طرف النظام دون أن ينبس ببنت شفة، كما أن «البونكر» قوي، وهو موجود في الجيش وقوات الأمن والحرس المدني، وكلها كانت تقوم في هذا الوقت بمجهود جبار من أجل التحكم في الأوضاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.