«اللهم أنقذ إخواننا اللاجئين الفلسطينيين، وردهم إلى أوطانهم ظافرين، اللهم انزل سكينتك على الجزائر وتداركها بلطفك الباطن والظاهر، وكن وليا لها ولسائر المستضعفين وانشر سلامك عليها وعلى أهل الأرض أجمعين...اللهم وفقني للخير وأعني عليه، واجعلني من الشعب وإليه»، هذا جزء من الدعاء الذي ختم به الملك الرحل محمد الخامس خطبة الجمعة التي ألقاها على منبر المسجد الأعظم بتطوان سنة 1957، والتي أم فيها الناس للصلاة وتحدث في الخطبة الأولى عن الاستقامة وعن شكر النعم وعن التضامن في سبيل الصالح العام، أما في الخطبة الثانية فاختار الملك الإمام الحديث عن التشبث بأركان الإسلام وحذر من الخروج عن الطريق والانزلاق. هذا المسجد التاريخي، الذي شرع في بنائه، أبو الحسن علي المنظري عندما قدم مهاجرا مع أصحابه من الأندلس، كان مصدرا للعبادة والعلم فتخرج منه العديد من العلماء. كما كان مكانا ل«تلقي الأحكام الملوكية وأول من تولى الإمامة في هذا المسجد بعد بناء السلطان مولاي سليمان له هو السيد محمد بن محمد الحراق وفي السنين الأخيرة سار الجامع الكبير معهدا للتعليم الديني الإسلامي وكان يبلغ طلابه أحيانا المئات... وفي سنة 1947 م بعد ما اتسع منهاج التعليم الديني وعين له عدد من الأساتذة ومقدار من المال لإعانة الطلاب وللنفقات الأخرى التي كانت تنفق على المسجد كنفقات قراء الحزب والمنح التي تعطى لحفاظ كتاب الشيخ خليل عن ظهر الغيب ليقوموا بتلاوته في الجامع الكبير ورواتب الوعاظ وما ينفق على قراء الأدعية ثم هناك نفقات أخرى للجامع كالفرش والحصر والترميم والتبييض والإصلاح وشراء المصاحف للتلاوة وما إلى ذلك وبالجملة فنفقات الجامع السنوية تبلغ 13700 درهم مغربية وله أحباس مختلفة قديمة وحديثة»، كما ورد بمجلة دعوة الحق بقلم محمد العربي الهلالي. وتم تجديد الجامع سنة 1223 على يد الملك مولاي سليمان، كما أمر بتوسيعه فهدم وأضيفت إليه المدرسة المجاورة ، وقد «أبعد مولاي سليمان عنه اليهود الذين كانوا يسكنون بجواره في الملاح البالي بعدما اتهموا بسرقة ماء المسجد الذي كانت أنابيبه تمر بدورهم تحت الأرض فقطعوها وبقي المسجد مدة من الزمن بلا ماء حتى علم بذلك وكرهت إقامتهم بجوار المسجد فاقتطعهم مولاي سليمان الملك أرضا خارج المدينة بين السور والمصلى القديم والفدان وبعد أن رضي اليهود الأرض الجديدة وشهد عليهم العدول وأمضى ذلك رؤساؤهم بني لهم الملاح الجديد» وفق المصدر ذاته. وتبلغ مساحته 768.35 من الأمتار المربعة أما ارتفاعه فيبلغ 10 أمتار تقريبا وسقوف بلاطاته محدودة مغطاة بالقرميد الأخضر، وتوجد في المسجد خمسة صفوف من الأعمدة ملية الأسافل بالخشب المدهون يحتوي كل صف منها على سبعة أعمدة وفي المسجد سبع بلاطات تتراوح مساحاتها ما بين 120 و53 من الأمتار المربعة. وللمسجد صحن مكشوف مبلط بالرخام الحر ومحاط بسياج منه وفي وسطه فوارة خصة للماء مطوفة بسياج من المرمر على شكل نجمة مثمنة الأضلاع وكان فرش هذه الصحن وفوارته من الإصلاحات المتأخرة التي أدخلت على المسجد، كما يدل على ذلك تاريخها المنقوش على رخامة في الجدار فوق أنابيب الوضوء وهو سنة 1359 ه. وعرفت مكتبة الجامع مخطوطات نادرة منها مصحف خطي تاريخي نادر وكتب أخرى، ما يبين أهمية المكتبة نظرا لما كان يقدمه ملوك المغرب لها من الهدايا عبارة عن كتب قيمة، ويقول صاحب الاستقصاء «أن السلطان مولاي محمد بن عبد الله أمر بتحبيس اثنى عشر ألفا من الكتب على مختلف مساجد المغرب كلها في سنة 1175ه ويقول إنه كان للجامع الكبير بتطوان نصيب منها وقد أثبتت بعض نماذج لرسوم التحبيس المنقولة عن الصفحات الأولى لبعض تلك الكتب المحبسة من السلطان المذكور في تاريخ تطوان».