أجهزت نيران اندلعت مساء أول أمس بمدينة فاس على أكبر مركب حكومي للنسيج في إفريقيا قبل إفلاسه وإحالته على التصفية القضائية. ودام تدخل عناصر الوقاية المدنية لإيقاف تقدم النيران بمركب «كوطيف» في الحي الصناعي سيدي ابراهيم حوالي ثلاث ساعات. وكانت هذه المدة كافية لكي تلتهم النيران عددا كبيرا من الآليات باهظة الثمن، والتي تركت في هذا المركب المفلس منذ سنة 2005، دون حراسة، وبأبواب شبه موصدة. ولا تستبعد التحقيقات الجارية لتحديد ملابسات اندلاع هذا الحريق وجود أياد خفية وراء اندلاعه. واعتقلت السلطات الأمنية شخصا اتهم بتنفيذه لسرقة مادة النحاس داخل المركب. وتفيد التحقيقات الأولية مع هذا الشخص بأن الحريق اندلع عندما حاول إذابة مادة النحاس. ولا يزال البحث جاريا حول ثلاثة أشخاص آخرين يشتبه في أنهم متورطون معه في نفس عملية السرقة. وكان هذا المركب مسرحا لعمليات «نهب»،حيث تعرضت أبوابه ومداخل أخرى منه، في الآونة الأخيرة، لعمليات تكسير. ولم تدفع هذه «المداهمات» السلطات المحلية إلى إجراء تحقيقات في الموضوع، وفرض حراسة على هذه المؤسسة التي تضم تجهيزات متطورة تقدر قيمتها المالية بالملايير. ويوجد هذا المركب تحت وصاية وزارة التجارة والصناعة. وتم إحداثه من قبل الحكومة منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، لكنه أغلق بقرار من وزير الصناعة صلاح الدين مزوار سنة 2005. وأجبر عماله وأطره، ويبلغ مجموعهم حوالي 4000 مستخدم، على «مغادرة اختيارية» عبر مجموعات، ولم تسو وضعيته القانونية إلى حدود الآن. وتحدثت جل التقارير، التي أنجزت حول وضعيته، عن اختلالات في التدبير وضعف في الأداء أثرت على إنتاجيته. ويحوم غموض كبير حول مستقبل هذا المركب الذي تبلغ مساحته الإجمالية حوالي 10 هكتارات. ففي الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن وجود مشروع قيد الدراسة لتحويله إلى مركب ثقافي كبير بمدينة فاس، لا يستبعد فيه البعض الآخر احتمال تفويته لمنعشين عقاريين دخلوا في منافسة خفية من أجل الحصول عليه، وهو المتواجد في منطقة استراتيجية ستجعل منه مركبا سكنيا يدر للمستفيدين منه الأموال الطائلة.