قام وزير العدل محمد الطيب الناصري، مؤخرا، بزيارة عمل للدائرة الاستئنافية في أكادير. وقد عقد الوزير، خلال هذه الزيارة لقاء مع مسؤولي الدائرة الاستئنافية، كما وقف على إطلاق برنامج التحديث في كل من محكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية، و«مؤسسة الوسيط». كما ألقى كلمة افتتاحية لندوة التمرين الخاصة بمحامي الدائرة الاستئنافية في أكادير، وتضمنت الزيارة لقاء مع ممثلي اللجان الثنائية متساوية الأعضاء في الدائرة القضائية لأكادير، حيث نفى خلال هذا اللقاء أن يكون النظام الأساسي لموظفي وزارة العدل قد أُنجِز دون استشارة النقابات وشدد على أن النظام الأساسي قد أخذ مساره، وهو الآن، مودَع لدى الديوان الملكي، وقال إنه لا يُعقَل أن تُضرِب النقابات دون انتظار جواب الملك. استقبلت النقابات العاملة داخل القطاع زيارة وزير العدل إلى الدائرة القضائية لأكادير بعقد ندوات وأصدرت بيانات من أجل استقبال الوزير وطرح ملفاتها المطلبية بين يديه، خاصة وأن برنامج الزيارة يتضمن لقاءات مع ممثلي الموظفين، الأمر الذي يؤكد أن الملف الاجتماعي يُعتبَر من أثقل النقط التي تتضمنها أجندة الوزير، والتي تنتظر تفعيل النظام الأساسي لموظفي التعليم، من أجل امتصاص الاحتقان الاجتماعي الذي يعيشه القطاع، والذي أصبح يشكل «إزعاجا» للوزارة. المذكرة السرية ومن مؤشرات ذلك، أشارت بعض المصادر المطلعة إلى أن مسؤولي محاكم الدائرة القضائية لأكادير توصلوا بمراسَلة سرية تدعو المسؤولين القضائيين والإداريين إلى موافاة الوزارة بتقرير حول مدى تأثير الإضرابات، التي يشهدها القطاع على السير العادي للمحاكم. وتحمل هذا المراسَلة توقيعَ مدير الشؤون الجنائية والعفو، بدل الكاتب العام للوزارة، الأمر الذي فسرته بعض مصادرنا برغبة الوزير الجديد في إبعاد ملف النقابات عن محمد ليديدي، الذي شغل منصب الكاتب العام في عهد ثلاثة وزراء، والذي لا تخفي نقابات القطاع عدم ارتياحها لاستمراره على رأس الكتابة العامة للوزارة، إذ غالبا ما يرتبط اسمه بعدد من الملفات الساخنة، آخرها المراسَلة الموقَّعة باسمه والموجهة إلى مسؤولي المحاكم يدعوهم فيها إلى توجيه استفسارات للموظفين المشاركين في إضراب 31 مارس وفاتح أبريل 2010، والمؤرخة في 22 أبريل 2010، الأمر الذي زاد من حدة الاحتجاجات في مختلف المحاكم، كما هو الشأن في استئنافية أكادير وابتدائيتي أكاديروتزنيت، التي نُظِّمت أمامها وقفاتٌ احتجاجية شارك فيها عدد من موظفي المحاكم المذكورة. إلى ذلك، أكدت مصادر مطلعة ل«المساء» أن التقارير التي رفعها مسؤولو محاكم الدائرة القضائية لأكادير حول تأثير الإضرابات على سير الإجراءات في المحاكم تشير إلى حصول هذا التأثير. بنايات في وضعية مزرية من الملفات الشائكة داخل الدائرة القضائية لأكادير الحالة التي توجد عليها العديد من البنايات التابعة للوزارة، فمن المعلوم أن أكبر المشاكل التي تعاني منها محاكم أكادير هو رداءة البنايات، حيث لايزال عدد مهم من مشاريع البناء متوقفا والبعض الآخر تأخر بشكل كبير، كما هو شأن المحكمة التجارية، رغم أن ذلك يكلف ميزانية الوزارة مبالغ باهظة، لكون المقر الحالي مستأجَرا بما يناهز 70 ألف درهم في الشهر، بينما لم تنتهِ بعدُ الأشغال في البناية الجديدة، مع أنها بدأت منذ أكثر من 10 سنوات!... وقد كان وضع محكمة الاستئناف مُشابِهاً لوضع المحكمة التجارية، إذ لم يبدأ العمل فيها إلا بعد أن تم تدشينها من طرف الملك محمد السادس سنة 2007. وذكرت مصادر، وقتها، أن هشاشة بنايتها قد تكون من بين أسباب إعفاء مدير التجهيز والممتلكات في الإدارة المركزية لوزارة العدل، بعدما تعالت مجموعة من الأصوات مشيرة إلى وجود اختلالات في البناء، وتم التحذير من الوضع الخطير للقبة الكبيرة المنتصبة في بهو المحكمة والمهدَّدة بالانهيار، مما عجل بإيفاد لجنة وزارية للقيام بزيارة تفقدية لمرافق المحكمة كاملة، سجلت على إثرها اللجنة عددا من الاختلالات. كما تم الاستماع إلى عدد من الموظفين العاملين فيها، بعد أن أصبحت البناية على مشارف وضع كارثي، خصوصا في فصل الشتاء، حسب شهادة بعض الذين عاينوا ذلك، حيث يتحول فيها البهو إلى «بِركة» من مياه الأمطار، كما تتسرب المياه من الجدران إلى المكاتب. أما المحكمة الابتدائية في أكادير، فقد كانت في وضع لا تُحسَد عليه، نظرا إلى قدم بنايتها، حيث شُيِّدت سنة 1956، وتم تدشينها من طرف محمد الخامس سنة 1959 وتعرضت للزلزال سنة 1960، ونُقلت بعد الزلزال إلى مقر محكمة تارودانت، وفي سنة 1963، تم إرجاعها إلى مقرها الأصلي، بعد إصلاحه. لكن المحكمة، اليوم، أصبحت غير قادرة على استيعاب حتى الموظفين العاملين فيها، والذين لا يجد بعضهم مكانا للعمل.. كما يتكدس بعضُهم الآخر في مكاتبَ متوسطة وصغيرة، ويعملون في ظروف وصفها بعض النقابيين ب«المأساوية»، بالنظر إلى عدم وجود التهوية الكافية، وحتى المكيفات الهوائية التي تم اقتناؤها منذ مدة لم يتم تشغيلها إلا بعد تحريك إحدى التنظيمات النقابية للموضوع، عبر مراسَلة المدير الفرعي لدى محكمة الاستئناف وجمع توقيعات الموظفين بهذا الخصوص. ويُذكَر أن توسيع المحكمة الابتدائية لأكادير تم إقراره منذ أكثر من سنة ورُصِدت له ميزانية من الصندوق الخاص لوزارة العدل، والمسمى «الصندوق الخاص لدعم المحاكم ومؤسسات السجون»، إلا أن الأشغال لم تبدأ.. وقد أعطى وزير العدل انطلاق مشروع توسيع المحكمة خلال زيارته الأخيرة للدائرة القضائية. أما بناية نادي وزارة العدل فهي من ا لمشاريع التي تأخر إنجازها. وتتحدث بعض الجهات المسؤولة عن قرب انتهاء الأشغال فيها، لكن مصادر أخرى تستبعد أن يكون ذلك قبل موسم الصيف القادم. كما أن بناية قضاء الأسرة في إنزكان تعد، بدورها، من البنايات التي يشتكي الموظفون من رداءة وضعيتها، نظرا إلى صغر مساحتها وتكدس الموظفين في مكاتب مساحتها أقل من مترين مربعين، ناهيك عن تهالك جدرانها... تغييرات وتعيينات مرتقَبة من الملاحظات التي سجلها المتتبعون للشأن القضائي في الجهة أن محاكم الدائرة القضائية في أكادير عرفت استقرارا نسبيا من ناحية تقلد مناصب المسؤولية، حيث لم يتم إلا تغيير عدد محدود من المسؤولين القضائيين، رغم قضائهم أكثر من أربع سنوات على رأس هذه المحاكم، وهو الأمر الذي ينص على خلافه المنشور رقم 19/97، المؤرَّخ في 12 فبراير 1997، والصادر في عهد الوزير الأول السابق عبد اللطيف الفيلالي، والذي يحيل على رسالة ملكية تضمنت ما يلي: «من أسباب ضعف إدارتنا بقاء العون الإداري المسؤول في منصبه ومركز عمله مدة طويلة». وقد تم تعيين الأستاذ الحسن بوسكري وكيلا للملك لدى المحكمة التجارية في أكادير يوم الخميس، 27 ماي 2010، وهو المنصب الذي ظل شاغرا منذ مدة. كما تم تعيين الأستاذ إدريس بحسي رئيسا للمحكمة الابتدائية في تزنيت يوم الثلاثاء فاتح يونيو 2010، وهو المنصب الذي ظل شاغرا منذ إحالة الرئيس السابق للمحكمة على التقاعد، في نهاية السنة الماضية. وقد كان بحسي يشغل منصب نائب رئيس المحكمة الابتدائية في أكادير وعمل في نفس المحكمة ما يناهز 16 سنة.