كشف تقرير البحث التمهيدي، في قضية حريق شركة «روزامور» المنجز من قبل فرقة الشرطة القضائية لأمن الحي الحسني عين الشق، عن «تورط» مجموعة من المسؤولين بشكل مباشر أو غير مباشر في محرقة مصنع مواد الأفرشة التي التهمت نيرانها، نهاية أبريل الماضي، أزيد من 56 عامل وعاملة. وتضمن تقرير البحث التمهيدي، المكون من 8 صفحات والموجه إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، أسماء مسؤولين في قسم التعمير بملحقة ليساسفة التابعة لمقاطعة الحي الحسني ومراقبي بناء بالوكالة الحضرية والقائد الجهوي السابق للوقاية المدنية المقال من منصبه بعد الفاجعة. وحسب محاضر الاستماع التي أنجزتها الشرطة، فإن البناية التي شرع في إدخال إصلاحات عليها شهر يونيو الماضي، بهدف بناء طابقين إضافيين، تفتقر إلى شروط السلامة وتشوبها خروقات تعمير رغم أن الشواهد المسلمة إلى صاحب الشركة تفيد بعكس ذلك. وقال فؤاد الكنوني، المهندس المعماري المسؤول عن مشروع توسيع بناية المصنع، إنه أنهى ورش البناء في أكتوبر الماضي وسلم مالكَ المصنع شهادة انتهاء الأشغال مرفقة بدفتر الورش بعد أن أمده المقاول بتقرير من مصالح الوقاية المدنية يفيد بأن جميع وسائل الوقاية والسلامة المبينة في التصميم قد تم احترامها، وهي الشهادة الصادرة عن مصالح الوقاية المدنية بالدار البيضاء بتاريخ 14 نونبر الماضي والحاملة توقيع شخصي لقائد الوقاية المدنية الجهوي. واكتفى القائد الجهوي السابق بالقول، موجها كلامه للمحققين، إنه لا يتذكر ظروف تسليم الوثيقة التي تحمل موافقته بشكل شخصي، لكن عندما أجرى رجال الشرطة القضائية مواجهة بين القائد الجهوي وإطفائي آخر، اسمه خالد حفضان، تشبث كل منهما بتحميل المسؤولية للآخر عن وثيقة تقر بتوفر المصنع المحترق على كافة شروط السلامة. إثرها، استمعت الشرطة إلى إطفائي آخر اسمه محمد السمكاوي قال للمحققين إنه حضر لقاء جمع بين القائد الجهوي وزميله خالد حفضان في منزل القائد وإنه سمعه يوجه إلى زميله «تعليمات»، بعد أن أطلعه على كونه حرر محضرا باسم حفضان خالد يخص شركة «روزامور»، وإن عليه التصريح، أثناء البحث، بأن حفضان هو من قام بذلك، بتكليف من رئيسه المباشر، وإن التقرير لم يحرره حفضان، بل أحد المتدربين بدلا عنه دون أن يقوم بالمعاينة. ولتعميق البحث، استمعت الشرطة القضائية إلى إطفائي آخر برتبة ملازم في الوقاية المدنية اسمه عادل بلمعضاضية، وقال للشرطة إنه تناهى إلى مسامعه أن القائد الجهوي هو من سبق له أن وقع على «شهادة المطابقة» الممنوحة إلى شركة «روزامور»، مشيرا إلى أنه، أثناء الحديث، كان يتنقل بين أرجاء المنزل، وهو الأمر الذي جعله لم يحضر جل أطوار الحديث الذي دار بين القائد الجهوي والإطفائي خالد حفظان. وتضاربت تصريحات مسؤولين آخرين في قسم التعمير بعمالة الحي الحسني وبالوكالة الحضرية، وقال أستاذ بالمدرسة الحسنية للأشغال العمومية إنه أنجز لفائدة شركة «روزامور» تصميم خرسانة لتعلية طابقين، ثان وثالث، بعد أن أجرى معاينة للبناية وقام بقياسات ضرورية، مضيفا أن صاحب المصنع لم يقم باستدعائه للحضور والوقوف على عملية البناء كما هو منصوص عليه، مقرا بتوقيعه على وثيقة نهاية نونبر الماضي تفيد بمطابقة الأشغال لما هو منصوص عليه في التصاميم. وقال الأستاذ الجامعي بالمدرسة الحسنية للأشغال العمومية، الذي أشرف على تصميم الخرسانة المسلحة، للشرطة إن صاحب «روزامور» حصل على رخصة المطابقة قبل أن تنتهي الأشغال، مضيفا أنه خلال زيارته للورش لاحظ تراكم كميات من المواد الأولية وبعض الأثاث بممرات البناية، الأمر الذي كان يعيق حركات العمال، وأن الطابقين الأول والثاني كان يفصل بينهما باب حديدي يكون عادة موصدا. وكان دفاع أسر ضحايا «محرقة روزامور» قد تقدم إلى هيئة الحكم بمحكمة القطب الجنحي للدار البيضاء، في جلسة الأربعاء الماضي، بطلب إدخال أسماء 11 مسؤولا بشكل مباشر أو غير مباشر عن الفاجعة، ضمنهم وزراء ومسؤولون ترابيون، وهو الطلب التي استجابت له هيئة الحكم. وحسب مصدر قضائي، فإن الحديث عن وجود متورطين آخرين في «محرقة ليساسفة» هو أمر سابق لأوانه، مشيرا إلى أن وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية يملك وحده خيار متابعة أشخاص آخرين في القضية أو عدم متابعة أي شخص من المسؤولين المشتبه في ضلوعهم في منح تراخيص البناء وشواهد المطابقة بالنسبة إلى الأشغال والتوفر على شروط الأمن والسلامة.