تثبت الأيام أن ما سجلناه ونسجله من ملاحظات لم يجانب الصواب، وأن قول الحق بخصوص وطننا هو عين العقل، لأن الغاية هي تشجيع المجدين على مواصلة جهودهم من أجل الارتقاء بهذا الوطن، الذي نفخر بالانتماء إليه. أكدنا في كثير من المقالات والافتتاحيات أن المغرب في زمن كورونا يختلف عنه قبل هذا الزمن، لأن المملكة تحدت إمكاناتها وخطت بفضل الكثير من الإجراءات الاستباقية خطوات جبارة مكنتها من تفادي الأسوأ. ويبدو أن مغرب الألفية الثالثة تعود على الاصطفاف بين الأوائل، ولم يعد يرغب في غير ذلك بديلا، لهذا يتواصل اتخاذ القرارات الجريئة لحماية الوضع الصحي بالمملكة، وتأمين المواطنين. سيرا على الخط، الذي رسمه جلالة الملك بتجنيب بلدنا الأسوأ، وبذل قصارى الجهود لحماية المنظومة الصحية الوطنية، يأتي الترخيص باعتماد العقار المضاد للفيروس «مولنوبيرافير» كما أشرنا في عدد نهاية الأسبوع بناء على التصريح الذي خص به البروفيسور خالد أيت الطالب صحيفتي «الصحراء المغربية» و»لوماتان». هذا الترخيص يجعل المغرب من أوائل دول العالم التي اتخذت قرار إدخاله في البروتوكول العلاجي للمصابين ب»كوفيد 19». قرار الترخيص جاء بعد أن أثبت العقار فعاليته بناء على الدراسة العلمية على غرار ما جرى العمل به للترخيص باستعمال اللقاحات ضد الوباء في إطار الحملة الوطنية للتلقيح منح عقار «مولنوبيرافير» ترخيصا استعجاليا. رغم ما يسجله البعض من مؤاخذات، فإن الطريق الذي سلكه المغرب في مواجهة الجائحة يبقى نموذجيا، بل إنه أحرج بلدانا عجزت عن تدبير الأزمة الصحية رغم توفرها على إمكانات أكبر. مثلما كان المغرب من أوائل الدول التي أعطت الأولوية للإنسان على الاقتصاد، وجرى الإعلان عن الطوارئ الصحية وتنفيذها بعد 18 يوما من ظهور أول حالة إصابة ب»كوفيد 19»، وسارت بذكره الركبان، سارع إلى تأمين وسائل الكشف عن الإصابة حين كان عددها محدودا في العالم، وتمكن بالفعل من تجنب الأسوأ في مرحلة انهارت خلالها المنظومة الصحية للكثير من البلدان. ويفخر المواطنون المغاربة المقدرون لكل الجهود، التي بذلت ومازالت تبذل بكون بلدهم من الأوائل في ما يخص تأمين اللقاح لمواطنيه، إذ جرى إطلاق الحملة الوطنية للتلقيح وتأمين موقع متقدم في مرحلة حرب اللقاحات، التي فضحت أنانية الكثير من الدول المتقدمة. السؤال الذي ينبغي طرحه والإجابة عنه، أيضا، كيف سيكون وضعنا في ظل التراخي المسيطر على الأجواء وطنيا، ولو لم تبذل الجهود الجبارة منذ بداية زمن كورونا في بلدنا؟ لا مراء أن الجهود يثمنها البعيد قبل القريب، وثمارها واضحة للعيان، ولولاها لكان الوضع سيئا، فرغم تراجع وتيرة الإقبال على التلقيح، فإن المواطنين والمقيمين، الذين أخذوا جرعاتهم يساهمون بشكل ملحوظ في خفض عدد حالات الإصابة وأيضا الإصابات الحرجة، التي أضحت غولا للأنظمة الصحية في مختلف بلدان العالم. لو لم يبلغ عدد الملقحين السقف المعلن عنه، أول أمس السبت، (24590739 بالنسبة للحقنة الأولى و22973351 للثانية و3424393 بالنسبة للثالثة المعززة) لكان وضعنا أسوأ. إن التراخي يرقى إلى درجة أن يكون جريمة في حق الوطن والمواطنين، لأنه يجر الأذى للأبرياء، ويعرقل مسار الوطن، عبر المساهمة في انتشار العدوى والدفع نحو اتخاذ قرارات ينطبق عليها القول «مكره أخاك لا بطل» إن قرار إغلاق الحدود عبر وقف حركة الطيران لحصر توافد حالات الإصابة يؤثر على قطاعات حيوية ومع ذلك جرى اتخاذه، لكن يحز في النفس أن نرى أن تصرفات فئة ممن بذلت من أجلها كل الجهود السالف ذكرها لا تعكس تقدير كل ذلك وتعيش حياتها وكأن زمن كورونا انتهى. إن أكبر مصيبة في زمن كورونا خصوصا مع تفشي متحور «أوميكرون» هو التراخي المتواصل في صفوف المواطنين، غير مبالين بالخطر المحذق والتحذيرات محليا ودوليا، وهو أمر بات يقلق أكثر من الوباء نفسه.