بدأت التطورات الوبائية المقلقة المسجلة في عدد من دول العالم تلقي بظلالها على المغرب، حيث، ورغم أن المعطيات المتعلقة بالجائحة مريحة حاليا، إلا أن ذلك لم يمنع من الاتجاه إلى رفع مستوى الحذر عبر العودة إلى الالتزام والحرص أكبر على التقيد بالتدابير الاحترازية الوقائية، تجنبا لخلق بيئات خصبة لحدوث انتكاسة صحية قد تعيد المملكة إلى نقطة الصفر، خاصة في ظل أن المناعة الجماعية ما زال يفصل عنها 4 ملايين من الفئات المستهدفة، وهو ما يجعل ضريبة أي تراخ قد يصل ثمنها حد مواجهة سيناريو العودة لتشديد القيود. فإلى جانب التعبئة القصوى التي تشهدها الموانئ والمطارات، حيث يجري تنزيل إجراء تعزيز نظام المراقبة للقادمين إلى المملكة من الخارج بحزم، فرض هذا المستجد الوبائي العالمي الطارئ تغييرات حتى في الأجندات السياسية. وأول من ألزمته الموجة الجديدة لكوفيد -19 بهذا التغيير الأصالة والمعاصرة والاستقلال، إذ قرر الحليفان في الحكومة إدخال تعديل تنظيمي على الدورة المقبلة ل "برلمان" الحزبين، نتيجة التطور المقلق في المعطيات الوبائية عالميا. وهكذا، قرر "البام" عقد دورته الاستثنائية للمجلس الوطني، اليوم السبت، بمركب الأوقاف بمراكش، "عن بعد"، والاقتصار على حضور أعضاء المجلس الوطني بالصفة. وجاء في بلاغ للحزب، موقع من طرف عبد اللطيف وهبي (الأمين العام للأصالة والمعاصرة)، وفاطمة الزهراء المنصوري (رئيسة المجلس الوطني)، "أنه في إطار الإعداد الجيد لاستكمال أشغال الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني، المزمع عقدها السبت، وبناء على قرار السلطات الصحية بضرورة اتخاذ المزيد من التدابير الاحترازية بعد بروز موجة جديدة من فيروس (كورونا) بعدد من الدول". وأضاف "في انتظار اتخاذ جميع التدابير التقنية لضمان مشاركة أعضاء المجلس الوطني عن بعد، أخبر المشاركين حضوريا في الاجتماع، أن اللجنة التنظيمية اتخذت جميع الإجراءات التنظيمية واللوجيستكية والصحية لتمر هذه الدورة في أحسن الأحوال، وعلى رأسها توفير جميع الوسائل الطبية لإجراء اختبارات فورية وسريعة للتأكد من خلو الحاضرين من الإصابة بفيروس (كورونا)، وتوفير وسائل التعقيم والكمامات بالقدر الكافي، وتخصيص ثلاث قاعات كبرى للاجتماع، لتمر هذه الدورة في ظروف جد مواتية صحيا وتنظيميا". والتمس القياديان من جميع الحضور تقديم "جواز التلقيح"، والتقيد التام بمسافة التباعد، وبجميع التدابير والإجراءات الاحترازية المعلنة من طرف السلطات الصحية المختصة. بدوره اتخذ الاستقلال الخطوة نفسها، إذ أعلن عن عقد دورة أكتوبر للمجلس الوطني للحزب عن بعد بدل الصيغة الحضورية التي جرى الإعلان عنها سابقا. وعزا البلاغ الصادر عن شيبة ماء العينين، رئيس المجلس الوطني ل "الميزان"، تحويل انعقاد الدورة من الحضوري إلى عن بعد إلى "استمرار فرض حالة الطوارئ الصحية ببلادنا، وتقيدا بالإجراءات الاحترازية والوقائية، ودرءا للمخاطر المحتملة لجائحة كورونا". وأكد المصدر نفسه أن أشغال الجلسة الأولى، التي ستنعقد اليوم السبت ابتداء من الساعة الثالثة بعد الظهر، ستشهد "تقديم الكلمة الافتتاحية لشيبة ماء العينين رئيس المجلس الوطني للحزب"، بالإضافة إلى "تقديم العرض السياسي والتنظيمي لنزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال"، مع الإشارة إلى التوصل برابط الولوج إلى المنصة الرقمية التفاعلية. وأوضح أنه "سيجري تنظيم جلسة ثانية للمجلس الوطني سيعلن عن تاريخها وشكلها لاحقا، ستخصص لعرض تدخلات وأسئلة أعضاء المجلس، وتقديم إجابات وتفاعلات الأخ الأمين العام للحزب عنها". وتأتي هذه الخطوات الوقائية في وقت سادت أجواء القلق وسط المغاربة، وذلك توجسا من سيناريو تشديد القيود الذي قد تضطر السلطات العمومية إلى اللجوء إلى تفعيله، في حالة ما إذا تفجرت موجة وبائية جديدة بالمملكة، بينما ما زال هدف المناعية الجماعية لم يتحقق بعد. ويثير تفشي السلالة الجديدة من فيروس كورونا وعودة الفيرس للانتشار بوتيرة متسارعة الذعر في عدد من دول العالم، وتحديدا في أوروبا، حيث بدأت بعض الدول في اتخاذ إجراءات احترازية لمنع وصول السلالة الجديدة إلى أراضيها.