تشهد أسعار المحروقات في الآونة الأخيرة ارتفاعات متتالية ومتفاوتة في جميع محطات بيع الوقود إذ قارب سعر اللتر الواحد من البنزين 12 درهما، في حين تجاوز سعر الغازوال 10 دراهم للتر الواحد. عن الأسباب الكامنة وراء هذه الوضعية، قال الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية لصناعة البترول والغاز الطبيعي في تصريح ل "الصحراء المغربية"، إن "هذا الارتفاع وكما هو معروف يعزى إلى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية نتيجة الإقلاع الاقتصادي وبداية التعافي من تداعيات جائحة كوفيد 19"، مشيرا في سياق حديثه إلى أن الأثمان متفاوتة بحسب المدن، إذ تبلغ أوجها في وجدة وتيزنيت، بالنظر إلى تكلفة نقل هذه المادة. وأضاف أن مصادر الطاقة أو البلدان المنتجة للنفط تعرف حاليا مواجهة غير مسبوقة لتلبية الطلب على الحاجيات الطاقية، موضحا أن أسعار النفط قفزت من أقل من 40 دولارا للبرميل إلى حدود 85 دولارا حاليا، وهو ما انعكس على كل الدول ومنها المغرب، خاصة أن الدعم على المحروقات تم حذفه منذ سنوات. واستطرد الكاتب العام للنقابة الوطنية لصناعة البترول والغاز الطبيعي بخصوص ارتفاع الخط البياني للغازوال والبنزين بالمغرب، مؤكدا أن تحرير الأسعار المعتمد بعد أن كانت الدولة تحدد أرباح الموزعين جعل عرض هذه المواد رهينة بمنطق السوق. وأبرز اليماني أن الحكومة مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى العمل على التأثير في السوق الدولية وتقلباتها، من خلال مضاعفة الاستكشافات النفطية والغازية بالمغرب، وإعادة فتح معمل تكرير النفط بالمحمدية، داعيا في الوقت ذاته إلى إمكانية التفكير في الفصل بين التخزين الاستيراد والتوزيع من أجل الدفع بالمنافسة نحو تقليص الأسعار. وحول سؤال عن الحلول الممكن لتجاوز هذه الوضعية، أفاد أن الدولة يمكنها مؤقتا تحمل الرسوم الضريبية على الغازوال التي تبلغ حوالي 3.50 دراهم للتر الواحد في انتظار تراجع الأسعار دوليا. وبخصوص أبعاد وتداعيات هذا الارتفاع في أسعار المحروقات، صرح مصطفى شعون، الكاتب العام المركزي للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط ل "الصحراء المغربية" أن النقل البري بصفة عامة سواء نقل الأشخاص أو البضائع تأثر من ارتفاع تكلفة الغازوال. وقال "ندرك جيدا أن الأسعار في الأسواق الدولية هي سبب هذه الزيادات، لكننا نأمل أن تتحرك الحكومة سريعا لدعم مهنيي النقل حفاظا على استقرار الأسعار، خاصة تلك المتعلقة بالمواد ذات الاستهلاك الواسع والنقل العمومي أيضا". وأردف موضحا "في نظري بمستطاع الحكومة خاصة خبراء وزارة الاقتصاد والمالية إيجاد الحلول المناسبة التي تتلاءم مع ميزانية مشروع قانون المالية ولا تتعارض مع القوانين المعمول بها وأنا على يقين من ذلك. فقد استطاع هؤلاء في ظرف أسبوع من إيجاد حل للملايين من المغاربة في ظرف أسبوع إبان الحجر الصحي". وارتباطا بهذا الموضوع، يشار إلى أن النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي، العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، كانت قد تحركت ضد غلاء أسعار المحروقات، وراسلت عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، من أجل طلب لقاء لمناقشة هذا الوضع، ومدى تأثيره على وضعية المقاولة النقلية، وإيجاد حلول عاجلة له. وطالبت النقابة في مراسلتها ب"حماية القدرة الشرائية لعموم المواطنين، ومساعدة المقاولات النقلية في مواجهة الكلفة الطاقية الباهظة، بالرجوع لتحديد ثمن بيع المحروقات، وتسقيف أرباح الموزعين، واعتماد الغازوال المهني". كما دعت إلى "مراجعة القوانين المتعلقة بالمنافسة بغرض تفعيل صلاحيات مجلس المنافسة من أجل التصدي لكل أشكال التحكم والتفاهم في السوق الوطنية للمحروقات، وخلق شروط التنافس الحقيقي بين الفاعلين، والرفع من المخزون الوطني للمواد البترولية، واستئناف تكرير البترول في المغرب". وسجلت أسعار النفط انخفاضا بعد بيانات أظهرت زيادة كبيرة في مخزونات الخام ونواتج التقطير في الولاياتالمتحدة، مع تصاعد الضغوط على منظمة أوبك لزيادة الإمدادات. وتراجعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي "برنت" بنسبة 1.2 في المائة إلى 83.74 دولارا للبرميل، فيما انخفضت العقود الآجلة لخام "غرب تكساس الوسيط" الأمريكي بنسبة 1.6 في المائة إلى 82.59 دولارا للبرميل. في غضون ذلك، قالت مصادر في السوق، نقلا عن أرقام من معهد البترول الأمريكي، إن مخزونات النفط الخام ونواتج التقطير الأمريكية ارتفعت الأسبوع الماضي، بينما تراجعت مخزونات البنزين. وحسب المصادر ذاتها أظهرت البيانات أن مخزونات الخام زادت 3.6 ملايين برميل على مدار الأسبوع المنتهي في 29 أكتوبر 2021، في حين صعدت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، 552 ألف برميل. وانخفضت مخزونات البنزين 573 ألف برميل.