ترأس صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، أمس الأربعاء بباريس، افتتاح معرض "المغرب عبر العصور"، الذي يقام من 12 أكتوبر الحالي إلى 30 دجنبر المقبل، بمتحف وسام التحرير، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. ويقترح المعرض الذي زاره صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، والمنظم من قبل مديرية الأرشيف الملكي، بتعاون مع مؤسسة وسام التحرير، للزوار اكتشاف 13 قرنا من تاريخ المغرب، منذ إنشاء الدولة المغربية، حتى يومنا هذا. ويتيح المعرض للزوار،ضمن سفر عبر الزمان والمكان، فهم عراقة الدولة المغربية، وخصوصياتها الثقافية، ومنها نهج إسلام معتدل يقوم على أسس المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية. وبالمناسبة، قدمت بهيجة سيمو، مديرة الوثائق الملكية، المندوبة العامة للمعرض، لصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد مؤلفا بعنوان "المغرب وفرنسا، المسار نحو الاستقلال 1912 -1956". وفي كلمة ترحيبية أكد الكولونيل فريد مور، المندوب الوطني للجماعات "رفيق التحرير"، وشريك مديرية الوثائق الملكية في تنظيم هذه التظاهرة، أن هذا المعرض يسلط الضوء على التاريخ الغني للمملكة، والعلاقات المستدامة والقوية التي تجمع بين المغرب وفرنسا. وأبرز أيضا الصداقة المغربية الفرنسية عبر التاريخ، مذكرا في هذا الصدد بالمسار المثالي لرجلي الدولة الجنرال دوغول، والمغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه. وقال الكولونيل فريد إن المغفور له محمد الخامس وشح من قبل الجنرال دوغول بالوسام الفرنسي الرفيع "رفيق التحرير"، وذلك لما أبان عنه، طيب الله ثراه، من شجاعة . من جهتها، أكدت بهيجة سيمو أن هذا المعرض الذي يقام على بعد بضعة أسابيع من تخليد الذكرى الستين لاستقلال المغرب، يدعو إلى إعادة اكتشاف، كافة مراحل المسار نحو الاستقلال، منذ مؤتمر أنفا سنة 1943، مرورا بتقديم وثيقة الاستقلال سنة 1944، وخطاب طنجة سنة 1947، وصولا إلى نفي المغفور له محمد الخامس الذي قاد إلى ملحمة ثورة الملك والشعب. وذكرت بأن هذا المسار انتهى باتفاقات سيل سان كلو، سنة 1955، والعودة المظفرة للمغفور له الملك محمد الخامس إلى الوطن، مشيرة إلى أن هذا المعرض هو ثمرة اتفاق بين مديرية الوثائق الملكية ومؤسسة وسام التحرير، تم توقيعه بمعهد العالم العربي بباريس في 17 فبراير 2016، وذلك خلال مراسيم ترأسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. من جانبه، أكد وزير الشؤون الخارجية الفرنسي، جان مارك آيرو،أن التاريخ جعل من فرنسا والمغرب إخوة في السلاح، مذكرا بأن أزيد من 70 ألف مغربي قاتلوا ضمن جيش التحرير الفرنسي من 1939 إلى 1945، واضطلعوا بدور حاسم في التقدم العسكري للحلفاء . وأضاف رئيس الدبلوماسية الفرنسية أن هذا المعرض يبرز العمق التاريخي للصداقة الفرنسية المغربية، ويتيح تصور مستقبل شراكة ثنائية، مشيرا إلى أن الأشياء القيمة، التي يتضمنها المعرض، تعكس قوة الروابط الإنسانية والدبلوماسية والثقافية بين المغرب وفرنسا. واعتبر أن العلاقة بين المغرب وفرنسا تتميز بغنى استثنائي خاصة في المجال الثقافي، معربا عن امتنان الحكومة الفرنسية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي حرص على إحاطة هذا المعرض برعايته السامية. وفي أعقاب هذه المراسيم سلم صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، أوسمة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس لشخصيات فرنسية تعمل لخدمة الصداقة المغربية الفرنسية. ويتعلق الأمر بالكولونيل فريد مور، وكلود سورنا المراقب العام للجيوش، رئيس جمعية (لاكوميا)، وجان مارتان الأستاذ الجامعي. ويسلط المعرض، الذي ينظم بدعم من سفارة المغرب بباريس، عبر تسلسل زمني، الضوء على امتداد سلطة الدولة المغربية، من خلال خرائط وأشياء رمزية سيادية (كتب مقدسة، لافتات، قطع نقدية إلخ..)ويقدم المعرض قراءة لمراحل ميزت التاريخ المهم والغني للمغرب، من شأنها تثمين العلاقات العريقة بين المغرب وفرنسا، التي شهدت مبادلات دائمة، كما يرصد نوعية هذه المبادلات من خلال اتفاقيات ورسائل بين البلدين، ويتيح أيضا معرفة بداية العلاقات المغربية الفرنسية، واستمراريتها وتنوعها، وبعدها الاستثنائي. ويدعو المعرض، من خلال مجموعة من الوثائق المتنوعة، إلى اكتشاف المسار الدبلوماسي للمملكة المبني على فن الحوار، كما يذكر بمشاركة المغاربة إلى جانب فرنسا في حربين عالميتين، انطلاقا من قناعة المملكة في الدفاع عن القيم الإنسانية، والسلام والتآخي والتسامح. ويكرس المعرض، عبر العديد من الصور التاريخية (شارات وأعلام وقطع وأشياء ذات قيمة عالية مثل الأطقم والأوسمة المحمدية وشهادات وصلبان تحرير وغيرها)لحظة قوية لهذا التلاقي واعترافا لفرنسا تجاه المغاربة لمساهمتهم في هذا النصر، فضلا عن تسليط الضوء على صفحة من تاريخ شخصيتين تاريخيتين هما الجنرال دوغول والمغفور له محمد الخامس القائد العربي والإفريقي والمسلم الوحيد الذي منح صفة رفيق التحرير. وينتقل المعرض بزواره من التحرير إلى الحرية معرجا على مرحلة استقلال المغرب، مرورا بمؤتمر أنفا سنة 1943 وتقديم وثيقة الاستقلال سنة 1944 وخطاب طنجة سنة 1947، ونفي المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه.كما يبرز المعرض من خلال عدة وثائق الروابط المتينة بين السلطان والشعب، وخصوصيات ثورة الملك والشعب، ومفاوضات سيل سان كلو سنة 1955، والعودة المظفرة لجلالة المغفور له محمد الخامس إلى الوطن.ويعكس المعرض أيضا مرحلة فجر الاستقلال بالمغرب من خلال عدة قطع ووثائق تاريخية، وصور، تبرز إنجازات هذه الفترة، ومنها إنشاء المؤسسات الوطنية، وعبقرية المسيرة الخضراء، واستكمال الوحدة الترابية، والبعد البيئي المتمثل في بناء السدود. ويتضمن المعرض عددا من الأشياء والقطع الفنية (أعلام، وأزياء رسمية ومظلات واقية من الشمس وغيرها) تغادر لأول مرة المغرب لتعرض لبعض الوقت بمتحف وسام التحرير، من أجل إبراز بعض جوانب المغرب المستقل، وفهم واقعه.وبلغت هذه المرحلة الجديدة أوجها أخيرا ابتداء من سنة 1999، من خلال عدة مشاريع استهدفت هيكلة المغرب الحديث، وجعله فضاء للتنمية البيئية والاقتصادية.كما يسلط المعرض الضوء على التنمية الثقافية بالمملكة باعتبارها رافعة اقتصادية واجتماعية تتوخى فلسفتها العامة دمقرطة المعرفة، واقتسامها، وتشجيع الإنتاج الفني والانفتاح على الآخر.ويبرز المعرض أيضا كيف يضع صاحب الجلالة الملك محمد السادس في مشروعه الحداثي، العنصر البشري في صلب اهتماماته، وهو ما تجسده بوضوح، مؤسسة محمد الخامس للتضامن، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. ويعكس المعرض أيضا النداء التاريخي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لكل الديانات لتشكيل جبهة مشتركة ضد التعصب. يشار إلى أن هذا المعرض الذي يتزامن مع تخليد الذكرى 60 للاستقلال ومع احتضان المغرب لمؤتمر الأممالمتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 22) يندرج في إطار التعاون المغربي الفرنسي، ويأتي عقب معرض "المغرب الوسيط، إمبراطورية من إفريقيا إلى إسبانيا". حضر مراسيم افتتاح المعرض عدة شخصيات مغربية وفرنسية تنتمي لعالم السياسة والثقافة والاقتصاد.