اعتبرت الحقاوي أن توقيع المغرب على هذا البروتوكول الاختياري يشكل تطورا مهما في تنزيل الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، باعتبارها المعاهدة المركزية الوحيدة للأمم المتحدة التي لا تتوفر على هذه المسطرة. وأوضحت الحقاوي، في كلمة خلال افتتاح الاجتماع رفيع المستوى حول "البروتوكول الاختياري الثالث للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات"، الذي ينظم على مدى يومين، أن المغرب أضحى يتوفر على مشروع سياسة عمومية مندمجة لحماية الطفولة، مؤكدة أن العناية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لقضايا الطفولة وحرصه المتواصل على النهوض بوضعية الطفولة، والانخراط الشخصي لصاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم، ساهما بشكل كبير في دعم جهود مختلف الفاعلين، عموميين ومجتمعا مدنيا وشركاء دوليين، قدما، في بناء مجتمع متشبع بثقافة حقوق الطفل. وذكرت بأن توقيع المغرب على البروتوكول الثالث تزامن مع تكثيف جهود مختلف الفاعلين لتعزيز حماية الأطفال ضد الإهمال والعنف والاستغلال، تمثلت على الخصوص في بروز جيل جديد من الخدمات كخلايا التكفل بالنساء والأطفال في المحاكم ووحدات التكفل المندمج بالأطفال والنساء ضحايا العنف في المستشفيات العمومية، وخلال الدعم النفسي للأطفال ضحايا العنف بالإدارة العامة للأمن الوطني. وأشارت إلى أن انخراط المغرب في الاتفاقيات والآليات الدولية، ساهم في تعزيز دينامية النهوض بحقوق الطفل وترسيخ المصلحة الفضلى للطفل، من خلال إطلاق مجموعة من الأوراش والمبادرات، سواء المتعلقة بملاءمة الترسانة القانونية أو بتعزيز المشهد المؤسساتي، والمتعلقة أيضا بوضع مخططات العمل والبرامج الوطنية. واستعرضت الوزيرة مختلف مراحل مسيرة النهوض بحقوق الطفل الذي جعلته المملكة اختيارا راسخا منذ المصادقة على اتفاقية حقوق الطفل سنة 1993، تعزز بالمصادقة على مجموعة من البروتوكولات الاختيارية والانضمام إلى اتفاقيات دولية خاصة بحماية الأطفال من كافة أشكال الاستغلال. وسجلت أن الحكومة المغربية أولت في برنامج للفترة 2012-2016 أهمية خاصة للطفولة، من خلال دعم آليات التنسيق الوطنية وتشجيع برامج التمدرس والصحة والحماية وآليات التبليغ واليقظة ضد كل أشكال العنف وتحسين جودة خدمات التكفل والإدماج. كما تطرقت إلى كافة أوراش الإصلاحات التي أطلقها المغرب، وهمت مجموعة من النصوص التشريعية، شملت على الخصوص مدونة الأسرة والقانون الجنائي وقانون الأسرة ومدونة الشغل، والقانون المتعلق بشروط فتح وتدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية الذي يشمل مؤسسات التكفل بالأطفال في وضعيات مختلفة. وتم أيضا، تضيف الحقاوي، تعزيز اختصاصات الوزارة وإحداث لجنة وزارية لتتبع تنفيذ السياسات والمخططات الوطنية، فضلا عن إحداث المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان ودسترة المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وعرف المغرب كذلك، انسجاما مع مقتضيات الدستور، إطلاق ورش إصلاح منظومة العدالة الذي خصص حيزا مهما لعدالة الأحداث وقضاء الأسرة وضمان المحاكمة العادلة. وعلى مستوى تنفيذ خطة العمل الدولي "عالم جدير بأطفاله"، رصدت الوزيرة مختلف المكتسبات التي حققتها الخطة الوطنية للطفولة، على مستوى الوقاية، والنهوض بحق الطفل في الصحة والحياة السليمة، والحق في التربية. من جهته، قال بدر الدين علالي، الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، في كلمة خلال اللقاء، أن المملكة المغربية تعد الدولة العربية الوحيدة التي وقعت على البروتوكول ضمن 48 دولة على المستوى العالمي وصادقت عليه 16 دولة فقط، معربا عن الأمل في أن يمكن الاجتماع من بناء شراكة فعالة بين الآليات الوطنية والإقليمية والدولية المتعلقة بمناقشة ومتابعة وتقييم ما تم التوصل إليه من تدابير وإجراءات، بما يولي الاعتبار لمصلحة الطفل. وسجل تبلور رؤية حقوقية واضحة لدى دول المنطقة العربية في ما يتعلق برعاية حقوق الطفولة وحمايتها من العنف، إذ أضحت تحتل أولويات متقدمة على الأجندة السياسية للحكومات العربية، مشددا على ضرورة رسم معالم إرادة سياسية عربية موحدة تهدف إلى تعزيز السياج التشريعي اللازم لرعاية الطفولة. ونوه علالي بالجهود العربية التي بلغت مرحلة المبادرة بإعداد "استراتيجية عربية شاملة للنهوض بأوضاع الطفولة في الوطن العربي لما بعد 2015"، وفقا للتوصية الصادرة عن لجنة الطفولة العربية في دورتها الأخيرة، لتكون بمثابة أجندة عربية للنهوض بأوضاع الطفولة في المنطقة العربية. وأشار إلى أن الاجتماع الذي يأتي تنفيذا للتوصية الصادرة عن الدورة 20 للجنة الطفولة العربية المنعقدة بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في نونبر 2014، وفي إطار متابعة تنفيذ "إعلان مراكش" الصادر عن المؤتمر العربي الرابع رفيع المستوى لحقوق الطفل بمراكش في 2010، ينعقد في ظل استمرار النزاع والإرهاب في حصد آلاف الأرواح. من جانبها، تطرقت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لوقف العنف ضد الأطفال، مارتا سانتوس باييس، في كلمة تليت بالنيابة عنها، إلى الالتزام بالتعاون الوثيق مع جامعة الدول العربية، معربة عن الانشغال بالأوضاع التي يعيشها الأطفال في العديد من المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة بالوطن العربي، ومؤكدة العزم على ترسيخ وتعزيز الشراكة في مجال حماية حقوق الأطفال. من جهتها، أشارت ممثلة مكتب منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) بالمغرب، ريجينا ديدومينيسيس إلى التزام المكتب بدعم مختلف الجهود المبذولة في سبيل تعزيز حماية حقوق الأطفال في المنطقة، وتكريس ثقافة حقوق الطفل، مشددة على أن تطوير حقوق الطفل يحتم القيام بإصلاح منظومة العدالة لضمان هذه الحقوق. ويناقش الاجتماع رفيع المستوى، الذي يهدف إلى حث وتشجيع الدول الأعضاء على التصديق على البروتوكول الاختياري الثالث الملحق باتفاقية حقوق الطفل، ومن ثمة تجديد التزام الدول العربية بتحقيق تقدم تجاه قضايا حقوق الطفل، محاور تهم على الخصوص "لمحة حول آليات الشكاوى القائمة" بهدف رفع الوعي بالقيمة المضافة للبروتوكول الاختياري الثالث وكيفية تكامله مع الآليات الوطنية القائمة، و"تجارب الدول حول مؤسسات تعنى بحقوق الأطفال". كما يناقش اللقاء مواضيع "البروتوكول الاختياري الثالث: أداة جديدة لحماية حقوق الأطفال" بهدف تعريف الدول الأعضاء بعدد من الأدوات الجديدة ذات العلاقة بالبروتوكول وتيسير تنفيذه، و"نحو التصديق على البروتوكول الاختياري الثالث: الخطوات المستقبلية"، بهدف إتاحة الفرصة للدول الأعضاء لتبادل الخبرات في المجال.