جعل المغرب التعاون الفعال مع بلدان القارة ضمن أولويات سياسته الخارجية وعبأ الطاقات والموارد اللازمة من أجل النهوض بهذا التعاون على المستوى الدولي، كما يجسد ذلك تنظيم المنتدى الدولي كرانس مونتانا الذي تنطلق أشغاله غدا الخميس بالداخلة جنوب المغرب تحت شعار "إفريقيا والتعاون جنوب - جنوب". وهكذا وتحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، جعل المغرب من الشراكة الاستراتيجية مع البلدان الإفريقية خيارا لا رجعة فيه، معطيا لها مضمونا فعليا في المجالين الاقتصادي والتجاري بفضل مجموعة من الاتفاقيات والاتفاقات الموقعة بين المغرب وبلدان القارة، وكذا عدد من الاتفاقيات الموقعة بين القطاعين العام والخاص، وبين القطاع الخاص بالمغرب ونظيره بهذه البلدان. وفي الغابون، يتجسد هذا الطموح في جعل العلاقات الثنائية نموذجا ملموسا لتعاون مثمر، في استقرار فاعلين اقتصاديين مغاربة بارزين بهذا البلد، في مجالات تكنولوجيا الاتصال والإعلام، والأبناك، والاتصالات، والبناء والأشغال العمومية، والنقل واستغلال مناجم الذهب، وهي قطاعات تساهم كلها في تحقيق أهداف المخطط الاستراتيجي للغابون الصاعد. كما تضع المملكة خبراتها في عدة مجالات رهن إشارة الغابون بهدف تحفيز النمو المحلي والتنمية البشرية، وهو ما يمثل العمود الفقري للجهود المبذولة من طرف السلطات المحلية بهدف رفع تحدي الغابون الصاعد في أفق 2025 . ويشمل نقل الخبرات التي تتوفر عليها المملكة عدة قطاعات، من بينها التعليم والتعليم العالي، والتكوين المهني، والصحة، والفلاحة، والغابات، والسكن، والأمن والجمارك والخدمات المالية والتكنولوجيات الجديدة للإعلام، والاقتصاد الأخضر والطاقة، والبيئة والسياحة. ويستند الالتزام الدائم للمملكة إلى جانب الدول الإفريقية أيضا على تاريخ مشترك وتطلعات واحدة من أجل إفريقيا موحدة وعازمة على تجاوز المشاكل التي تعاني منها وضمان غد أفضل لمواطنيها. ويركز المغرب كثيرا في علاقاته مع إفريقيا على تأهيل الموارد البشرية، فاتحا بالتالي جامعاته ومعاهده العليا أمام الطلبة الأفارقة، الذين يستفيد غالبيتهم من منح دراسية تقدمها لهم المملكة. كما يتجلى تضامن المغرب مع دول القارة في مساهمته في بعثات حفظ السلام الأممية لإرساء السلم بعدة بلدان تهددها الحروب الأهلية، علاوة على أن المملكة صارت المتحدث باسم إفريقيا داخل مجلس الأمن. كما تدافع المملكة عن القضايا العادلة لإفريقيا في علاقاتها مع أوروبا التي تحظى المملكة بوضع متقدم معها، وداخل كافة المنظمات والهيآت الدولية، من أجل إسماع صوت القارة وأخذ انشغالات ساكنتها بعين الاعتبار. إن هذه المبادئ والقيم هي نفسها تلك التي يسعى منتدى كرانس مونتانا إلى إشاعتها، حيث يعمل منذ ثلاثين عاما على بناء عالم أفضل أكثر إنسانية وعدلا، مع اهتمام خاص بالانشغالات الكبرى لإفريقيا، في سبيل تجديد الآمال والطموحات، في إطار السلم والتعاون. ويسعى هذا المنتدى المرموق، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى أن يكون إطارا للحوار وتقاسم الخبرات والمشاريع والرؤى حول مستقبل القارة. وسيشارك في المنتدى كبار المسؤولين الرسميين الذين يمثلون حكومات ومنظمات دولية وإقليمية، وبرلمانيون، ومؤسسات بنكية ومالية، وهيئات مهنية ومنظمات لأرباب العمل، وأصحاب القرار في عالم الأعمال لمناقشة المشاكل الكبرى لإفريقيا ومستقبلها ليس فقط على المستوى القاري بل أيضا في إطار التعاون جنوب - جنوب. وتهم المواضيع التي سيشملªا النقاش في إطار الجلسات العامة والموازية لهذه التظاهرة، على الخصوص، تحسين إدارة الموارد الطبيعية في إفريقيا، والاتصالات والتقنيات الرقمية الجديدة، والصناعات الغذائية وصناعات الصيد البحري، واندماج القطاع المالي في إفريقيا في الاقتصاد العالمي، والصناعة السياحية، والطاقة الخضراء.