تأتي هذه الندوة، كافتتاحية لأنشطة الجمعية برسم برنامج عملها لسنة 2014، وكان اللقاء مناسبة استعرضت خلالها الأستاذة المحاضرة مختلف أشكال التراث الطبيعي المادي وغير المادي، وكذا المعايير التي تعتمدها منظمة اليونسكو لتحديد هذا التراث، وذكرت أن الامتداد الفضائي للتراث يمكن من تحديد التراب المجالي لهذا التراث، أو بمعنى آخر يمكن من جعل المجال الترابي المحلي تراثا. وأوضحت الباحثة أن مبادرة الاحتفاظ بالمجال الطبيعي كتراث محلي، التي انطلقت منذ القرن 19، في تقدم مستمر بفضل مبدأ التنمية المستدامة الذي تتبناه المجتمعات في سبيل الرقي بحضاراتها وتراثها العمراني والتاريخي، مستدلة بنماذج مختلف المواقع التي صنفت تراثا عالميا بالمغرب، من بينها الحي البرتغالي بالجديدة. من جهة أخرى، قدمت الأستاذة زوهرة الرامي موجزا عن تصنيف الفضاءات المحمية حسب خصائصها، وهويتها، وانفتاحها السوسيو الاقتصادي، مثل الحدائق الوطنية الكبرى، والفضاءات والمواقع الطبيعية، والمحميات البيولوجية. وعلى اعتبار أن التنوع البيئي والجيولوجي هما مصدر مهم للثروات الاقتصادية، إذ يساهمان في التنمية المحلية والوطنية، دعت المحاضرة إلى ضرورة الاهتمام بتنمية السياحة الجيولوجية، عبر تأهيل الحدائق الجيولوجية، وهو ما يساهم في تحقيق التنمية المحلية المستدامة، دون إغفال إشراك سكان حاضرة دكالة المحليين في هذه التنمية، الذين عليهم إدراك ما تتوفر عليه منطقة دكالة من طاقات تراثية طبيعية مادية وغير مادية. وفي هذا السياق، أشارت الأستاذة الرامي إلى أن المنطقة تتوفر، بالفعل، على تنوع طبيعي جيولوجي وثقافي كبير، ونظم إيكولوجية مختلفة، مثل الشواطئ الفسيحة التي تزخر بها المنطقة، والمركب البحيري سيدي موسى- الواليدية، الذي يمثل أهمية إيكولوجية حقيقية، وواد أم الربيع كأهم مصب نهري في المغرب، بالإضافة إلى مغارات تعود إلى ما قبل التاريخ، مثل مغارة خنزيرة، الموجودة قرب الجرف الأصفر، على بعد 17 كلم من الجديدة، وحوض سيدي سعيد بن معاشو، وموقع تيط، مولاي عبد الله حاليا، والمدينة الغربية، وقصبة بلعوان التي أسسها السلطان مولاي إسماعيل في 1710 ميلادية. وأعقب العرض مناقشة قيمة للحضور، الذي كان يتكون من عدد من الخبراء، والعلميين، والذين أغنوا بتدخلاتهم المواضيع المطروحة في هذا اللقاء، وكانت مناسبة للتحسيس بالتراث وصيانته وضرورة اللجوء إليه كأداة للتنمية المحلية المستدامة، كما حضر اللقاء عدد من المهتمين بقضايا التراث وصيانته وحمايته، واستغلاله لتحقيق التنمية السوسيو اقتصادية المستدامة على مستوى مدن منطقة دكالة. يذكر أن جمعية مازاغان الجديدة من أجل التراث، تأسست حديثا في يونيو 2014، من قبل أساتذة ومختصين ومهتمين وغيورين على التراث الدكالي المحلي. لا تهدف إلى الربح المادي، بل أرادها مؤسسوها جمعية لتفاعل متعدد الأبعاد، ثقافيا واجتماعيا، ومنفتحة على كل التيارات والأفكار التي طبعت ماضي وحاضر المدينة، وسهل دكالة، ومختلف جهاتها. من بين أهداف الجمعية الفتية تشجيع وحماية التراث/ الموروث المادي واللامادي، واستعمالاته الممكنة في التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية المحلية وحماية البيئة، والمساهمة في المحافظة واحترام وتقدير هذا التراث/الموروث المادي واللامادي والذاكرة المشتركة وتثمينه، والاحتفاء بالتاريخ المحلي ونشره والتعريف به على نطاق واسع، ثم العمل على دعم التراث/الموروث، والثقافة، والفنون، والرياضة، والاعتماد عليها لمصاحبة التنمية الجهوية، التي تشهدها المنطقة ككل... كما تسعى الجمعية إلى إبراز المدينة والإقليم على كل المستويات والقطاعات، اعتمادا على هذا التراث/الموروث وانطلاقا منه كثروة ومن تعدديته.