شهدت سنة 2013 أزمة حكومية استمرت بضعة أشهر، بعد قرار حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة. وجاء هذا القرار بعد أن تولى حميد شباط قيادة الحزب، ومطالبته عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بإدخال إصلاحات جوهرية على ميثاق التحالف الحكومي، وتعديل التشكيلة الوزارية. حصلت هذه الأزمة قبل أن تكمل الحكومة، نصف ولايتها. وفي ظل التوتر والخلاف، اللذين سادا بين زعيمي الاستقلال والعدالة والتنمية، التزمت أحزاب الأغلبية في اجتماع لقمة زعماء التحالف الحكومي بالعمل على توفير شروط نجاح الفريق الحكومي في تحقيق الإصلاحات الأساسية، والعمل على تلبية حاجات المواطنين. لكن رئيس الحكومة وزعيم حزب الاستقلال، وبعد لقاءات ونقاشات عدة، لم يتوصلا إلى اتفاق حول التعديلات، لينتهي الأمر بإعلان حزب الاستقلال عزمه الانسحاب من الحكومة. وكان تخليد اليوم العالمي للشغل مناسبة استغلها شباط في مسيرة لنقابته (الاتحاد العام للشغالين بالمغرب)، لإرسال رسائل تنبيه إلى بنكيران، قائلا إن على الحكومة مراجعة برامجها وإعادة ترتيب أولوياتها، والتجاوب مع مطالب النقابات والشغيلة. وكان جلالة الملك استقبل شباط، الذي قدم لجلالته مذكرة تفصيلية حول القضايا والأسباب التي كانت وراء اتخاذ المجلس الوطني للحزب قرار الانسحاب من الحكومة. فتح بنكيران نقاشا مع الأحزاب الممثلة في مجلس النواب، وتمكن من نيل الموافقة المبدئية من صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، من أجل الالتحاق بالتحالف لتعويض الفراغ الذي خلفه حزب الاستقلال، وتعامل مع شروط التجمعيين مقابل التحاقهم بالحكومة، خاصة إعادة النظر في البرنامج الحكومي، ومراعاة تمثيلية النساء والشباب، وصياغة ميثاق جديد للأغلبية. وخلال فترة انسحاب الاستقلال ومرحلة المشاورات والتفاوض لترميم الأغلبية، طال انتظار تشكيل الحكومة في نسختها الجديدة، وطرحت تساؤلات حول من "يعرقل تشكيل الحكومة"، قبل الوصل إلى توافق، ويعلن عن تشكيل الحكومة الثانية من 39 وزيرا منهم 6 نساء، بدل امرأة واحدة في التشكيلة الأولى ووزراء تقنوقراط. بعد الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة، انطلق الجدل حول دستوريتها، ودعت أحزاب من المعارضة إلى تقديم برنامج حكومي جديد، وإخضاعها لتصويت الثقة في البرلمان، لأن الحزب الملتحق كان صوت ضد البرنامج الحكومي السابق. اعتبرت أحزاب المعارضة، المكونة من الاستقلال، والاتحاد الاشتراكي، والأصالة والمعاصرة، والاتحاد الدستوري، أن عمل الحكومة، في نسختها الأولى، اقتصر على التدبير اليومي والمناسباتي، ما جعله "يفتقد للمنطق والبعد الاستراتيجي". كما دعت أحزاب المعارضة الحكومة إلى تجنب فتح أبواب الصراع مع الباطرونا، والنقابات، والأحزاب، وأن تثبت قدرتها على التواصل مع البرلمان، وتعمل على الحسم في القرارات الاستراتيجية، وتحمل المسؤولية السياسية كاملة للتعجيل بتنظيم الانتخابات الجماعية، وتشغيل العاطلين، وإصلاح صندوق المقاصة، وأنظمة التقاعد، وعدم "تبرير فشلها في معالجة بعض الملفات الحساسة بالتماسيح والعفاريت". كما طالبت المعارضة بالإسراع بتنزيل القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور، ومراجعة طريقة ومنهجية الاشتغال الحكومي، والرفع من وتيرة وجودة الإنتاج التشريعي، وترسيخ الحكامة الأمنية، والنهوض بالثقافة القانونية والحقوقية، والحث على ثنائية الحق والواجب، لدى المواطنين والمؤسسات، وضمان وحماية الحريات النقابية والاحتجاجات السلمية، ودمقرطة الإعلام العمومي، والحرص على التوازنات الماكرواقتصادية.