عبر الأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، السفير المتجول لصاحب الجلالة، سيرج برديغو، عن رغبة أفراد الطائفة اليهودية في "تأهيل مؤسساتهم لكي تنسجم مع مقتضيات الدستور الجديد ليوليوز 2011، لتمكين طائفتنا من أخذ حصتها كاملة في المساهمة في بناء وتطوير المملكة المغربية للقرن 21". وقال برديغو، خلال حفل إحياء "يوم الغفران" بالدارالبيضاء، السبت الماضي، إن "تقاسم عدد من المعلومات حول أنشطة طائفتنا، خلال السنة المنصرمة، يعد جزءا من تقاليد إحياء هذا اليوم". واستحضر برديغو حدثين يحملان رمزية كبيرة يتمثلان في "تدشين في فبراير 2013 بفاس، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة، الكنيس اليهودي "صلاة الفاسيين"، الذي يعود للقرن السابع عشر بعدما تم ترميمه وتجديده". وقال "بهذه المناسبة السعيدة، وجه لنا جلالة الملك رسالة تلاها رئيس الحكومة أمام شخصيات مغربية وأجنبية سامية، من بينها رئيس البرلمان الألماني"، مبرزا أن الرسالة الملكية كان لها صدى دولي، في هذه الفترات المتقلبة، على اعتبار أنها تعكس أسس "الحضارة المغربية المتميزة بقيم التعايش والتسامح والتوافق بين مختلف مكونات الأمة". وأضاف أن جلالة الملك ذكر، في هذه الرسالة، بالاهتمام الخاص الذي يوليه "لحماية التراث الثقافي والروحي للطائفة اليهودية المغربية الأصيلة، التي ظلت تحظى بالاعتبار والاحترام لدى أسلافنا الميامين"، مشيرا جلالته إلى "غنى وتنوع المكونات الروحية والتراث الأصيل للمملكة المغربية، الذي انصهرت في بوتقته الخصوصية اليهودية المغربية التي يمتد تاريخها المتجذر بالمغرب وعبر طقوسه وخصوصياته، إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام". ومما جاء في الرسالة الملكية "ندعو إلى ترميم كافة المعابد اليهودية في مختلف المدن المغربية الأخرى لتصبح، ليس فقط مكانا للعبادة، وإنما أيضا فضاء للحوار الثقافي ولإحياء القيم الحضارية للمغرب". وأبرز بيرديغو أن هذه الدعوة "تتوافق بشكل تام مع ما نعتزم القيام به، حيث أطلقنا دراسة لتحديد الأماكن التي يمكن أن تصبح فضاءات للقاء والتقاسم"، مضيفا أنه "بعد الكنائس، وعلى غرار مقابر المسلمين، أطلق برنامج واسع لتأهيل مقابر اليهود بمبادرة من أمير المؤمنين". وأشار إلى أن "هذا المشروع، الذي أطلق عليه "دور الحياة"، وفقا للتقاليد اليهودية، يهم 167 موقعا في 38 إقليما، ويمكن القول إن استكمل بشكل فعلي"، مضيفا أن "التقرير الخاص بتنفيذ المشروع سيقدم متم أكتوبر 2013، وسيمكن من تسليط الضوء على حجم الأشغال، وكذا على ما تم اكتشافه داخل هذه المقابر التي تعتبر بمثابة أرشيف مفتوح"، مشيدا ب"الاحترام والتقدير الذي حظينا به في المواقع التي أنجزت بها الأشغال". وسجل أن "شهادات الامتنان تتوالى للإشادة بهذه المبادرة السامية لجلالة الملك، التي ترسخ صلات التآخي بين طائفتنا والمسلمين"، مضيفا أنه "تكريما لملكنا، قام كنيس اليهود المغاربة بنيويورك منهاتن سيفارديك كونغريغيشين، بدعم وتعاون منا بنشر "مفكرة" رائعة لسنة 5774 مخصصة بأكملها لترميم مقابر اليهود وأولياء اليهود بالمغرب". وأكد أن "الأمر يتعلق بتجسيد جديد للروابط الحية التي تجمع بين المغرب والطوائف اليهودية المغربية بالخارج، والتي لا تفوت فرصة التعبير عن تعلقها بجلالة الملك والمغرب والشعب المغربي". على صعيد آخر، قال برديغو إن "من بين الشخصيات العديدة التي تهتم بتجربتنا، أستحضر اسم الحاخام الأكبر شلومو عمار، الذي كان له شرف التوشيح من طرف جلالة الملك، خلال زيارته الأخيرة. وأعرب شلومو عمار المزداد بمدينة الدارالبيضاء عن تقديره لطائفته الأم، التي عرفت، وهي المخلصة دائما لتاريخها وتقاليدها، كيف تحافظ على مؤسسات هي من بين الأفضل تنظيما في العالم". وأضاف أنه يغتنم هذه الفرصة ليعلن عن إطلاق أشغال إقامة مركز حقيقي للطائفة اليهودية بشارع مولاي يوسف بالدارالبيضاء، مشيرا إلى أنه بعد المتحف اليهودي بالدارالبيضاء، وتجديد مركز الطائفة "سيمون بينتو"، و"إقامة ليفين"، المخصصة لإيواء المعوزين من أبناء الطائفة، يأتي هذا المركز الجديد ليكمل قائمة المؤسسات الموجهة لخدمة الطائفة اليهودية. وأعرب عن الاقتناع بأنه قد تم "بفضل تعبئة كافة أصحاب النوايا الطيبة، وهم كثر داخل الطائفة اليهودية، من أجل أن يصبح هذا المركز فضاء للتفتح الثقافي والرياضي والتربوي لشبابنا". وتضرع إلى الله تعالى أن " يكلأ برحمته وحفظه كافة موتانا الأعزاء، وأفراد طائفتنا والشعب المغربي والقائمين على أمر هذا البلد"، معربا عن الأمل في أن يشهد العام الجديد تسوية سلمية للنزاعات الدامية التي تمزق الشرق الأوسط، وحلا عادلا ودائما في إطار الاحترام والاعتراف المتبادل وبما يحفظ الكرامة. وبهذه المناسبة، طلب برديغو من الحاخام الأكبر ومن كافة أفراد الطائفة أن "يقيموا الصلوات ترحما على روحي الملكين، الحاضرين دائما في قلوبنا، الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، طيب الله ثراهما، وعلى روحي الفقيدتين صاحبتي السمو الملكي الأميرتين للا عائشة وللا أمينة، وعلى أرواح الشهداء الذين وهبوا حيواتهم من أجل وحدة المملكة، وعلى أرواح ضحايا اعتداءات الدارالبيضاء ومراكش". كما دعا لحضور الابتهال إلى العلي القدير بأن يحفظ صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويمتعه بالصحة ويكلل أعمال جلالته بالنجاح والتوفيق في جميع خطواته، ويمتع أيضا بالصحة والسعادة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن وصاحبة السمو الملكي الأميرة للا خديجة وصاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وكافة أفراد العائلة المالكة. وتميز هذا الحفل بحضور شخصيات مدنية وعسكرية يتقدمهم والي الدارالبيضاء الكبرى، استقبلوا من طرف سيرج برديغو، ورئيس لجنة الجالية اليهودية في الدارالبيضاء، بوريس توليدانو. وجرى هذا الحفل، الذي حضره أيضا القنصل العام للولايات المتحدة بالدارالبيضاء، بريان شوكان، في جو مفعم بالتأثر والتقوى.