أجمع المشاركون في برنامج "مباشرة معكم"، الذي بثته القناة الثانية "دوزيم"، مساء أول أمس الأربعاء، على أن الوقت حان للاستجابة لرغبتي الشعبين المغربي والجزائري في فتح الحدود، وجعل مصلحة البلدين فوق كل اعتبار. اعتبر هؤلاء في تدخلاتهم، خلال هذه الحلقة المخصصة لمناقشة موضوع الحدود المغربية الجزائرية، أن من شأن فتح هذه الحدود أن يخلق آفاقا كبيرة للتعاون الاقتصادي والجمركي والأمني، وأن يساعد على إيقاف نشاط شبكات الاتجار في البشر والتهريب بجميع أنواعه، وأن ييسر حركة البضائع والأشخاص بشكل قانوني في الاتجاهين. في هذا الصدد، أكد عمر احجيرة، رئيس المجلس البلدي لمدينة وجدة، أنه على القيادة السياسية الجزائرية أن تتجاوب مع الرغبة التي عبر عنها المغرب في فتح الحدود دون شروط، وألا تتخذ من تسوية قضية الصحراء مبررا للاستمرار في إغلاق هذه الحدود، ومحاولة إغراق المغرب بالحبوب المهلوسة والسلع الفاسدة والوقود المهرب. وأعرب احجيرة عن الأمل "في أن تتخلص الجزائر من أحقادها غير المبررة تجاه المغرب، وتتيح لأبناء شعبها الفرصة لتبادل المحبة والمصلحة مع أشقائهم في المغرب، وتطلعهم على حقيقة ما بذله المغاربة من أجل حرية واستقلال بلادهم". وأكد أن " المنطقة الشرقية بما تعرفه من مشاريع إنمائية ونهضة اقتصادية أطلقها جلالة الملك محمد السادس، لا تتطلع إلى فتح الحدود لضرورة اقتصادية أو لمصلحة جهوية، وإنما رغبة في لم شمل عائلات فرقت بين أفرادها الحدود المغلقة بين الجانبين، وحماية لاقتصاد وأمن البلدين". من جانبه، استعرض الطيب واعلي، رئيس المنطقة الإقليمية للأمن ببركان، الجهود التي تبذلها المصالح الأمنية بالجهة الشرقية لمحاربة التهريب بمختلف مظاهره، ولتفكيك الشبكات التي تنشط على الخصوص في تهريب البشر والوقود. وأوضح أن عدد المهاجرين السريين المتحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء بلغ في الستة أشهر الأولى من هذه السنة 4687 مقابل 5273 سنة 2012، فيما بلغ عدد المهاجرين السريين المغاربيين 215 مقابل 724 في السنة الماضية، مشيرا إلى أنه تم ضبط حوالي 540 طنا من الوقود المهرب منذ بداية سنة 2012، وحجز 1253 سيارة، و46 شاحنة، وتفكيك 331 مستودعا للبنزين المهرب خلال الفترة نفسها. من جهته، أوضح فتح الله حجار، مسؤول بالإدارة المركزية للجمارك والضرائب غير المباشرة، أنه تم في الستة أشهر الأولى من سنة 2013 حجز مليون لتر من المحروقات المهربة مقابل مليون و200 ألف طيلة سنة 2012، أي بمعدل 7000 لتر في اليوم، كما تم حجز 1120 سيارة (مقاتلة) مقابل 1263 في 2012 أي بمعدل سبع سيارات في اليوم. وأضاف أن مصالح الجمارك حجزت كذلك 59 ألف لتر من زيت المائدة في الستة أشهر الأولى من سنة 2013، مقابل 92 ألف لتر سنة 2012، و158 طنا من القطاني مقابل 289 طنا في 2012، إضافة إلى أزيد من 7800 قرص مهلوس وكميات مهمة من السجائر المهربة. واعتبر إدريس الحوات، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بوجدة، أن الأمر يتعلق بحرب اقتصادية حقيقية ضد المغرب، وأن الشروط التي وضعتها الجزائر لفتح الحدود مع المغرب والمتعلقة بالمخدرات والتهريب وقضية الصحراء هي "شروط واهية وتخفي بها الجزائر حقيقة موقفها من المغرب". وأكد أن الجزائر مخطئة في تقديرها بأن اقتصاد الجهة الشرقية مرتبط بها، مذكرا بأن هذه المنطقة تنمو وتتطور بشكل مضطرد، وبأن المصلحة الاقتصادية للمغرب والجزائر تقتضي فتح الحدود والعمل على تجنيب البلدين الخسائر الكبيرة التي يسببها لهما التهريب بمختلف أشكاله. من جهته، أعرب جمال بورفيسي، الصحافي بيومية "الصباح"، عن قناعته بأن الواقع السياسي بالجزائر وتصريحات مسؤوليها تنذر بانسداد الأفق، على المدى القريب، أمام فتح الحدود بين المغرب والجزائر. وقال في هذا الصدد "كلما أبان المغرب، على أعلى المستويات، عن حسن نيته وظهرت بوادر انفراج ورغبة أكيدة في تطبيع العلاقات مع الشقيقة الجزائر، كلما ازدادت القيادة هناك تعنتا وإلحاحا على استمرار هذا الوضع الشاذ بين البلدين". وخلص المشاركون في هذه الندوة إلى أن فتح الحدود بين المغرب والجزائر، اللذين تجمعهما العروبة والإسلام واللغة والتاريخ النضالي المشترك ضد الاستعمار "أصبح مسألة حتمية في وقت بات فيه مفهوم القطرية والانغلاق على الذات أمرا متجاوزا، لأن العالم بأسره يسير حاليا في اتجاه التكتل والتعاون وفتح الحدود وتكريس حرية تنقل الأشخاص والبضائع".