محمود الإدريسي صاحب الصوت الشجي، الذي أعطى نكهة خاصة للموشحات، والأغنية المغربية العصرية، واستطاع أن يؤسس تجربة فنية مغربية صرفة باختيار كتاب كلمات أغانيه وألحانه، وأن يأسر بصوته القوي الممزوج بنبرة دافئة معجبيه، من المغاربة والعرب، يفتح قلبه ل"المغربية"، ليتحدث عن ساعات سعيدة من حياته. الحلقة الخامسة الفنان المغربي محمود الإدريسي في جلسة سمر رغم أنه غنى من ألحان جل الملحنين المغاربة، إلا أن هناك ملحنين اثنين بصما المسار الفني للإدريسي، ويتعلق الأمر بمحمد بن عبد السلام والراحل عبد القادر الراشدي. الأول منح الإدريسي أغنيته "يا بلادي عيشي"، التي مهدت الطريق للإدريسي نحو الشهرة، إذ بفضلها سطع نجمه وظل لامعا بفضل عدد من الأغاني الجميلة، التي أبدعها محمد بن عبد السلام خصيصا له ومن أبرزها "الشمعة". والثاني وقع أجمل أغاني الإدريسي، التي زادت من شهرته، خصوصا في أواخر السبعينيات، ومن أبرز الأغاني التي لحنها الراحل عبد القادر الراشدي للإدريسي، "سألتك لله"، و"محال ينساك البال"، و"جميل الأوصاف". عن علاقته بالرائدين محمد بن عبد السلام وعبد القادر الراشدي، يقول الإدريسي: تعلمت منهما الكثير، طريقة الغناء، والتلحين كذلك، من خلال معرفتي بالعديد من الإيقاعات المغربية الأصيلة عن طريقهما... فاسم الموسيقار الراحل عبد القادر الراشدي ارتبط، بالعديد من الألحان والموشحات الجميلة مثل "يا ليل طول"، و"نعشق للشمائل"، وموسيقى رقصة الأطلس، بحكم ترعرعه بمدينة فاس وريثة الحضارة الأندلسية ومركز الموسيقى الدينية الغنية بإيقاعاتها المتنوعة والأصيلة (احمادشة، عيساوة...)، ما أهله بأن يصبح خبيرا في الإيقاعات والأهازيج الشعبية التي سبر أغوارها. أما محمد بن عبد السلام فكان ينتمي إلى أسرة فنية معروفة، وكان يسعى وراء المعرفة والبحث في الموسيقى المغربية الأصيلة منذ صغر سنه. ومنحه تعلقه باللهجة المغربية ومختلف الأهازيج، لقب سيد الأغنية المغربية الزجلية. استمرت علاقة التعاون بين محمود والراشدي إلى سنة 1983، لتتوقف بعد ذلك بسبب انتشار ظاهرة بيع الأغاني وتسجيلها بصوت من يدفع أكثر. يقول الإدريسي "في تلك الفترة سجلت أغنية من ألحان الراشدي وتفاجأت بفنان آخر يغنيها بصوته، وعندما سألت عن السبب وعدني بتعويضي بأخرى، فقلت له "اسمح لي أسي عبد القادر راه قررت نلحن الأغاني ديالي بيدي"، وسأجعل كل المغاربة يرددون أول ألحاني، وبعد مدة قصيرة لحنت "ساعة سعيدة" وحققت لي النجاح، الذي كنت أسعى له، وغناها أكثر من 15 فنانا مغربيا وعربيا، من بينهم فلة الجزائرية، وليلى الكوشي، وحاتم إدار، وعدد كبير من الفنانين الخليجيين، وفازت الأغنية بعدة جوائز داخل المغرب وخارجه. ومنذ تلك اللحظة وأنا ألحن لنفسي وللآخرين، أيضا، إذ لحنت لطيفة رأفت "الحمد لله"، ونعيمة سميح "شكون يعمر هاد الدار"، والبشير عبدو "الدنيا بخير"، ومحمد الغاوي "اللي علينا أحنا درناه"، وفلة الجزائرية في "فتحو الأبواب".