يعكس استبعاد اثنين من أبرز المرشحين إلى الانتخابات الرئاسية رغبة النظام الإيراني في تفادي أي خلاف داخل السلطة، التي يهيمن عليها الموالون للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، بحسب خبراء ومراقبين. رؤوس النظام الإيراني (خاص) أوضح دبلوماسي غربي أن "النظام لا يريد أي مجازفة"، وذلك بعد استبعاد الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني واسفنديار رحيم مشائي القريب من الرئيس المنتهية ولايته محمود احمدي نجاد. وبموجب الدستور، فإن لخامنئي (73 عاما) الكلمة الفصل في كل قرارات الدفاع والسياسة الخارجية، كما انه يشرف على جهاز الدعاية للنظام من خلال الإشراف المباشر على التلفزيون والإذاعة الرسميين. ويستند خامنئي بشكل كبير على المجلس الأعلى للأمن القومي، الذي يضم الرئيس ورئيس السلطة القضائية وقادة القوات المسلحة. وشهدت نهاية ولاية أحمدي نجاد أزمات بين مختلف الجهات المحافظة داخل النظام والمعارضة أو الموالية للرئيس. وتأتي الانتخابات الرئاسية في الوقت الذي تفرض الأممالمتحدة والغرب عقوبات على النظام لثنيه عن حيازة السلاح الذري تحت غطاء برنامج نووي مدني، رغم نفيه المتكرر بأنه يسعى إلى ذلك. وبعد إعلان قائمة الأشخاص المرخص لهم الترشح في انتخابات 14 يونيو المقبل، صرح احمدي نجاد انه سيطلب من خامنئي إعادة النظر في قراره رغم أن رفسنجاني أعلن أنه تقبل استبعاده من الانتخابات. ونددت فرنسا رسميا ب"الإغلاق المفروض على النظام"، بينما انتقدت الولاياتالمتحدة اختيار المرشحين الثمانية "الذي يعتبر النظام أنهم يمثلون مصالحه وليس مصالح الشعب الإيراني". وحصل خمسة مرشحين محافظين عدد كبير منهم قريبون من خامنئي بالإضافة الى اثنين من المعتدلين وإصلاحي واحد على موافقة مجلس صيانة الدستور، الذي يعين المرشد الأعلى أعضاءه مباشرة. واعتبر كريم ساجدبور الخبير لدى مؤسسة كارنيغي من أجل السلام في الولاياتالمتحدة أن "الانتخابات الإيرانية لم تكن في السابق حرة أو عادلة أو يمكن توقع نتائجها ... والسلطة تحاول الآن جعل النتيجة اقرب للتوقعات". وأضاف ساجدبور أن "الهيئات الأقوى هي الحرس الثوري والسلطة القضائية ومجلس تشخيص مصلحة النظام (المكلف تعيين ومراقبة وحتى إقالة المرشد الأعلى) والبرلمان، كلها خاضعة لسيطرة أشخاص عينهم خامنئي أو خاضعون له". وأشار دبلوماسي أجنبي آخر رفض الكشف عن هويته إلى أن "كل المرشحين الذين لديهم فرصة بالفوز مرتبطون سواء بالمرشد الأعلى أو بالجهاز الأمني". والحكومة مكلفة تحديد التوجهات الكبرى بموافقة المرشد الأعلى، ودور الرئيس مع أنه انتخب بالاقتراع المباشر، بات أشبه برئيس حكومة. واعتبر المرشح سعيد جليلي سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي واحد المرشحين الأوفر حظا في الفوز بالانتخابات أن "على الرئيس الخضوع للمرشد الأعلى وإظهار هذا الموقف عمليا". وأشار خبراء إلى أن استبعاد مشائي الذي اعتبر ليبراليا جدا وبعيدا عن قيم الإسلام، ورفسنجاني الذي اتهم بدعم حركة الاحتجاجات في 2009، يمكن أن يؤديا إلى إفقاد الانتخابات مصداقيتها. وقال أحد الدبلوماسيين "لقد اتخذ النظام قراره بين تنظيم انتخابات مفتوحة أو عدم المخاطرة على الإطلاق. إلا إذا قرر السكان عدم المشاركة". واعتبر تريتا فارسي رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي في واشنطن "هذا يدل إلى أي حد مضى المحافظون القريبون من خامنئي لاستبعاد منافسيهم السياسيين".