استحضارا وتقديرا من صاحب الجلالة الملك محمد السادس لأعمالهم المبرورة، وما أسدوه لوطنهم في جميع ميادين ومجالات الإبداع من عطاء مشهود للارتقاء بالممارسة الفنية والإبداعية٬ مافتئ جلالته يولي اهتمامه البالغ لفئة الفنانين والكتاب والمبدعين المغاربة. وتجسدت العناية الملكية السامية بالفنانين والكتاب والمبدعين المغاربة في استقبالهم في المناسبات وتوشيحهم بأوسمة ملكية٬ إلى جانب التكفل بهم في حالات المرض٬ والعطف عليهم كلما نما إلى مسامعه أن أحدهم يجتاز ظروفا صحية تستلزم العلاج والاستشفاء. وتجسدت٬ يوم الجمعة المنصرم٬ العناية المولوية الكبيرة٬ والمبادرات النبيلة لجلالة الملك ذات البعد الإنساني، بإصدار جلالته أوامره السامية بالتكفل بعلاج الشاعر والمبدع المغربي الكبير محمد الصباغ، الذي يعاني صعوبات صحية كبيرة٬ حيث تندرج هذه الالتفاتة الملكية في إطار العناية الخاصة والحدب اللذين مافتئ يوليهما جلالة الملك للمبدعين من أهل الفكر والأدب والفن بالمملكة. كما تأتي مبادرة جلالة الملك هذه لتبرهن٬ مرة أخرى٬ عن يقينه التام بأن الاهتمام بالفنانين والمبدعين على اختلاف مشاربهم٬ فيه تشريف لهم٬ وحرص على مكانتهم ودورهم في المجتمع الذي هم جزء منه٬ وتأكيدا من جلالته أن اعتناء الإنسان بالإنسان واجب ليس أحق به من الفنانين والمبدعين والكتاب. وتعبر التفاتة جلالة الملك، اليوم، عن المكانة التي تحتلها عوالم الفنون والثقافة لدى جلالته، باعتبارها تضفي دينامية على الحياة والمشهد الثقافيين في المغرب، وتساهم بالتالي في التنمية السوسيو-اقتصادية للبلاد. إنه حرص مولوي كبير على جعل الفنان والمبدع في منأى عن أي ظروف تكبح جماح إبداعه وموهبته٬ وتوقف عطاءه الزاخر من أجل مجتمعه ووطنه الذي يساهم في تنميته٬ من خلال موقعه وعمله الكبير الذي له تأثير بالغ على الشباب والأجيال المقبلة. كما تعكس هذه المبادرة المكانة التي يتبوأها الفنانون والمبدعون المغاربة في قلب جلالة الملك٬ من خلال الحرص على تجنيبهم الظروف المهينة والصعبة التي يمكن أن يمروا بها٬ ويبعد عنهم شبح العوز والفقر والنسيان والمرض والإهمال٬ ويقوي من عزيمتهم ويشحذ هممهم لمزيد من العطاء والاجتهاد بهدف إذكاء جذوة الفن واستمرار شجرة الإبداع المغربي وارفة يانعة. من هذا المنطلق، فإن العناية الملكية بتكريم المبدعين٬ سواء في حياتهم أو مماتهم٬ اعتبارا من جلالته أن تكريم المبدعين٬ سيما من جيل الرواد الذين وضعوا أسس ولبنات المشهد الفني والثقافي الوطني٬ يكرس منهجا من خير عدل اقتدت على هديه العديد من الهيئات ومنظمات المجتمع المدني. إن العناية الملكية الموصولة بنساء ورجال الفن والثقافة والأدب والعلوم بمختلف أصنافها وأجناسها٬ والعطف الملكي على ثلة المبدعين والمثقفين والمفكرين المغاربة٬ والمبادرات الإنسانية لجلالته٬ سواء بتكفله بمصاريف علاجهم واستشفائهم٬ أو بمصاريف جنازاتهم عندما يلبوا داعي ربهم٬ هي عرفان وتقدير منه حفظه الله لأعمالهم المبرورة وما أسدوه لوطنهم في جميع ميادين ومجالات الإبداع من عطاء مشهود. ويحرص جلالة الملك٬ كلما بلغ إلى علم جلالته نبأ تغييب يد المنون لعلم من أعلام الفن والإبداع٬ على تعزية ومواساة أفراد أسر الراحلين٬ ومن خلالهم لأهلهم وذويهم ولكل أصدقائهم ومحبيهم٬ يشاطرهم جلالته أحزانهم٬ ويعبر عن تأثره البالغ لفقدان رمز من رموز الإبداع الفني بالمغرب٬ وعن عميق تقديره للفنانين الذين يساهمون بنصيب وافر في النهضة الفنية والمسرحية وبناء الشخصية الثقافية بالمملكة. ويستحضر جلالة الملك بكل تقدير ما كان يتحلى به هؤلاء المبدعون، طيلة حياتهم الإبداعية الحافلة بالعطاء والمطبوعة بالارتباط بالواقع وبالقيم الإنسانية المثلى. كما يشيد جلالة الملك بحب هؤلاء الفنانين لوطنهم وتشبثهم بمقدساته وانخراطهم وتوظيفهم إبداعهم في خدمة الوطن وقضاياه٬ ليكونوا بذلك بمثابة القدوة الحسنة للأجيال المتعاقبة من الفنانين والمبدعين٬ من قبيل الراحلين الزجال والشاعر أحمد الطيب لعلج٬ والمفكر عبد الكبير الخطيبي٬ والفنان حسن مضياف٬ والسينمائي حسن الصقلي. كما أن الرأي العام الوطني عامة، والفنانين بالخصوص، يتلقون باعتزاز هذه الالتفاتات الملكية، التي يخص بها جلالة الملك العديد من الفنانين، من بينهم الراحلون المخرج ورائد السينما الأمازيغية بالمغرب محمد مرنيش٬ والممثل محمد مجد٬ والفنان الشعبي محمد رويشة. بدورهم، يكن الفنانون والكتاب والمفكرون حبا كبيرا لجلالة الملك لكونه يقدم الدعم لهم٬ ويقوم بتشجيعهم على مواصلة مساهماتهم في الفن والثقافة والإبداع المتنوع الهادف. ومن المؤكد٬ أن كل هذه المبادرات والالتفاتات الملكية نحو هذه الفئة من المجتمع لن تنقطع لكونها نخبته٬ والعاكسة لنبضه وحيويته التي تزداد يوما بعد يوم بفضل السياسة المولوية المتبعة في الشأن الثقافي عامة، ومجال الإبداع والفن خاصة، فالفن مرآة المجتمع ودليل عنفوانه٬ فلا حياة لأمة ولا استمرار لها من دونه.