جدد المواطنون الصحراويون بالأقاليم الجنوبية للمملكة٬ بمختلف مكوناتهم الاجتماعية وانتماءاتهم السياسية٬ في مناسبات ولقاءات عقدوها، خلال السنة الجارية، مع مسؤولين أمميين وحقوقيين دوليين، قاموا بزيارات لهذه الأقاليم٬ تشبثهم بمغربية الصحراء، وبمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع المفتعل حول هذا الملف. هذا الموقف الوحدوي اخترق مخيمات تندوف رغم سياسة "البوليساريو" الممنهجة القائمة على الدعاية المضللة٬ إذ تعالت داخل هذه المخيمات أصوات المحتجزين الصحراويين المغاربة بالدعوة إلى رفض ودحض تلك الدعاية التي تروج لسراب خلق "كيان مصطنع" بالمنطقة المغاربية. وتجد هذه الحقيقة تجسيدا لها حينما قرر العديد من المستفيدين من عملية تبادل الزيارات العائلية٬ التي تشرف عليها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بين مخيمات تندوف والأقاليم الجنوبية للمملكة٬ البقاء بأرض الوطن وعدم العودة إلى مخيمات الجحيم. كما عبر شيوخ وأعيان القبائل الصحراوية، خلال لقاءاتهم بالعيون مع أعضاء"مؤسسة كينيدي"٬ عن تشبثهم بمقترح الحكم الذاتي وتعلقهم الدائم برابطة البيعة التي جمعتهم بالملوك العلويين. وأكدوا بالمناسبة٬ أن المناورات التي تحاك من قبل خصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية لن تثني السكان الصحراويين عن تشبثهم بمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي حظي بإشادة وإجماع دوليين، مشددين على أن هذا المقترح يضمن كرامة وحرية وحقوق هؤلاء السكان عكس ما يعيشه المغاربة المحتجزون بمخيمات تندوف من تنكيل واضطهاد. وعبر هؤلاء الشيوخ والأعيان عن تعلقهم بأهداب العرش العلوي المجيد الذي تجمعهم به رابطة البيعة منذ عقود، مشيرين إلى أن المنجزات التنموية والأوراش الكبرى التي تحققت في الأقاليم الجنوبية، خاصة في مجالات البنيات التحتية والتنمية الاجتماعية والمؤسسات والمرافق الاجتماعية والصحية والتربوية، ومشاركتهم في اتخاذ القرار على الصعيد الجهوي والمحلي والوطني وتمتعهم بكافة الحقوق٬ لخير دليل على انخراط المملكة في مسار الحداثة والبناء الديمقراطي والوحدوي، واندماجهم في بنية هذا المسار الذي يشكلون جزءا فاعلا فيه. وخلال اللقاءات التي جمعت أيضا٬ هذه السنة٬ فعاليات المجتمع المدني والمنتخبين المحليين بكل من الحقوقيتين الأمريكيتين٬ "كاترين كامرون بوتر" و"نانسي آن هوف"، ثم المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بموضوع مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة٬ خوان منديز، وكذا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بقضية الصحراء٬ كريستوفر روس٬ جدد هؤلاء الفاعلون تشبثهم بمغربية الصحراء، وتأكيدهم على أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب هي الحل الوحيد والأنجع لقضية الصحراء. وشددوا على القناعة الثابتة للصحراويين في أهمية هذه المبادرة التي شاركوا في بلورتها عن طريق المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية وكمنتخبين وشيوخ تحديد الهوية وفاعلين جمعويين بالصحراء المغربية. وحول الأوضاع التي يعيشها المغاربة المحتجزون بتندوف٬ عبرت فعاليات صحراوية٬ من بينها رابطة المدافعين عن حقوق الإنسان بالصحراء وجمعية المفقودين بالبوليساريو، في لقاء مع المسؤوليين الأمميين والحقوقيين٬ عن استيائها للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف٬ مشيرين إلى أن المغاربة المحتجزين بتلك المخيمات يتعرضون لشتى أنواع التعذيب والمعاملات القاسية والمهينة التي تنبذها كل الأعراف الإنسانية والمواثيق الدولية. وارتباطا بتلك الوضعية المزرية بمخيمات تندوف٬ انقشع الضباب عن الأفعال الإجرامية لجلادي البوليساريو التي ترتكب في حق الأبرياء٬ وهو ما حدا بالعديد من المستفيدين من عملية تبادل الزيارات العائلية بين الأقاليم الجنوبية للمملكة ومخيمات تندوف إلى الهروب من ذلك الجحيم والبقاء نهائيا بأرض الوطن ووضع حد لسنوات من التمزق العائلي. وفي تصريحات للصحافة٬ أكد هؤلاء الأشخاص٬ الذين اتخذوا من مدن السمارة والعيون وبوجدور والداخلة مقرا لإقامتهم مع ذويهم٬ أن قرار بقائهم بأرض الوطن جاء ليضع حدا لسنوات من المعاناة والتشرذم العائلي الذي تنبني عليها سياسة "البوليساريو". ويعكس اختيار هؤلاء الأفراد البقاء بأرض الوطن بين أهلهم وذويهم الرغبة الصادقة التي تحذو المواطنين الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف لإنهاء معاناتهم في تلك المخيمات التي تعيش أوضاعا مأساوية جراء الانتهاكات الجسيمة في مجال حقوق الإنسان التي تقترفها"البوليساريو" فوق التراب الجزائري، والتي عاينتها العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، مثل التعذيب والاختطاف والاختلاسات والمتاجرة في المساعدات الإنسانية الدولية التي تقدم لسكان المخيمات. (و م ع)