أكد صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، بعد انتخابه لولاية ثانية على رأس الحزب، أنه سيكون صارما في تفعيل القوانين الحزبية في حق من يسيئون للحزب تحت "تسمية" الحركة التصحيحية. (سوري) وأضاف مزوار أن كل المناضلين سيوقعون على وثيقة الالتزام بمبادئ الحزب، والالتزام بخياراته ما سيساعد الحزب على المستوى التنظيمي والعملي "كي لا تبقى مثل تلك الإفرازات التي عشناها في محطات معينة، وألا يظل أي أحد يتصرف حسب هواه". وقال صلاح الدين مزوار في حوار مع "المغربية"، "لن نقوم من موقعنا في المعارضة بالدعاية السياسية أو نستخدم بعض الملفات لتصفية حسابات سياسية، فدورنا محدد هو المراقبة والتتبع وهو دور أساسي". كما تحدث مزوار عن استراتيجية عمله المستقبلية على رأس الحزب، وعن القضايا التي سيطرحها الحزب في المعارضة، التي أكد أنها تهم المجتمع المغربي اليوم، بما فيها ما يرتبط بالحرية والمناصفة والعدالة الاجتماعية. ما هي أهم ملامح استراتيجيتكم المستقبلية بعد تجديد الثقة فيكم على رأس الحزب؟ سأشتغل خلال الأربع سنوات المقبلة على أربع أولويات، استجابة لما يتطلع له المناضلون وتتلخص الأولوية الأولى في الجانب التنظيمي والجانب المؤسساتي وتفعيل الديمقراطية الداخلية والتشاركية، التي ستحظى منا بأولوية خاصة، وهذه الجزئية لها ارتباط بالجانب التواصلي والتوجيهي، الذي سنمنحه، أيضا، كل الثقل الذي يستحقه. تموقع التجمع اليوم في المعارضة يعد فرصة لكي يتقدم الحزب في المجالين التنظيمي والمؤسساتي، أما الأولوية الثانية فهي مرتبطة بالعمل الميداني وبسياسة القرب والارتباط بالمواطنين وخلق شبكات للتواصل، وكل ما من شأنه أن يساعد المواطن على نقل احتياجاته وهمومه، أي بأن نوفر قناة وأداة تسمح لنا كحزب بأن نلتقط انتظارات المواطن على المستوى الميداني لترجمتها على المستوى السياسي، وبالنسبة للمحور الثالث، فهو مرتبط بخلق رجة داخل الحزب من الناحية الفكرية ومن الناحية المتعلقة بالبرامج، فنحن حزب له تراكمات على مستوى المسؤولية الحكومية والتدبير الميداني والتدبير المحلي، ولنا قوة اقتراحية مهمة ستمكننا، إلى جانب هذه التراكمات وهذه التجربة التي سنحاول تفعيلها، لكي نكون دائما حزبا جاهزا وحزبا يطرح حلولا للمشاكل.* في نهاية المطاف هذه بلدنا، سواء كنا في المعارضة أو في الأغلبية، أما بالنسبة للمحور الرابع، فيرتبط بتقوية العلاقات الدولية والإشعاع الدولي لحزب التجمع الوطني للأحرار، لأن التجمع حزب موجود منذ 34 سنة، وله علاقات متميزة مع مختلف الدول، وسنحاول بدورنا مأسستها وتحويل الحزب إلى قوة على مستوى الديبلوماسية الموازية لتحقيق الإشعاع لبلدنا ولتفسير الدينامية التي يشهدها المجتمع للعالم وللتعريف بالتجربة، التي اكتسبتها بلادنا وكل هذه المحاور تحتل الأولوية ومرتبطة أساسا بالدور الذي يجب أن يلعبه الحزب في إفراز النخب، وفي أن يكون قوة اقتراحية وفي أن يكون حذرا في التنزيل السليم للدستور، وفي أن يسائل الحكومة حول القضايا التي تهم المواطن المغربي، وتمس انتظارات وأولويات الشارع المغربي، وكلها جوانب ستعطي مسارا جديدا ودينامية جديدة. نحن حزب يؤمن بالمبادرة وبإفراز النخب، وهذا الاتجاه سيأخذ ثقله لأنه كلما استطعنا تأطير نخب جديدة سنزود بلادنا بالنخب القادرة على التدبير المحلي وعلى تدبير المؤسسات، وعلى الانخراط في مشروع الجهوية المتقدمة، هناك انتظارات وهناك تطلعات كحزب وعلينا مسؤوليات. ألا ترون أن هامش المناورة المتاح لكم في المعارضة ضيق نوعا ما فأين ستعارضون تحديدا؟ نحن ليس لدينا أي إشكال ولا يمكن أن تجد حزبا يقول لك لا يمكن محاربة اقتصاد الريع أو الرشوة وكل الانحرافات، التي تبرز داخل المجتمعات، هذه جوانب ليس فيها إشكال، لكن هناك مثلا طرق لتدبير ملفات من هذا النوع، وهناك كذلك المساهمة من منطلق الحزب في المعارضة لكي لا يقع هناك نوع من الاصطدام المجتمعي، فسنحاول العمل في إطار معقول مرتبط بالدستور ومرتبط بالقوانين، إذ لا يمكننا أن نستعمل مثلا هذه الآليات للدعاية السياسية أو لتصفية حسابات سياسية أو شخصية. من هذا القبيل فدورنا هو المراقبة والتتبع وهو دور أساسي، لا يجب أن ننسى أن الحكومة تأتي ببرامج وبمقترحات وقوانين، والمعارضة كذلك ينحصر دورها في هذه الجوانب أي الحرص على التنزيل السليم للدستور، وعلى أن تراقب أن ما تأتي به الحكومة يتماشى مع خدمة الوطن، وهناك توازنات يجب الحفاظ عليها سواء اجتماعية واقتصادية وسياسية، وكلها جوانب من صلب اهتمامات المعارضة، وكذلك بالنسبة للقضايا المرتبطة بالخيارات المجتمعية، فالتجمع انطلاقا من قناعاته كحزب ديمقراطي حداثي سيطرح قضايا تهم المجتمع المغربي اليوم بما فيها ما يرتبط بالحرية والمناصفة والعدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر والهشاشة، إذن، هناك قضايا كبيرة يمكن القيام بها في إطار المعارضة. هل يمكن اعتبار اختياركم للمعارضة خيارا تكتيكيا في هذه المرحلة؟ بالنسبة لنا سنقوم بعملنا الميداني والتنظيمي المعتمد أساسا على وضوح الرؤية والتحرك والحضور المستمرين على المستوى الفكري، وعلى مستوى النقاش العام، وعلى المستوى المؤسساتي، وعلى مستوى الأحياء والجامعات، وهذه هي الاستراتيجية التي سنعمل بها، وهذا سيسمح لنا بتفجير الطاقات الكامنة داخل الحزب للمساهمة في هذه الاستراتيجية وتفعيل هذا الطموح. هل وضعتم تصورا معينا لخطة مصالحة داخلية مع التجمعيين الغاضبين؟ مبدأ المصالحة مبدأ ثابت داخل التجمع الوطني للأحرار، ومبدأ الصرامة كذلك مبدأ جديد داخل الحزب. الانضباط بالنسبة لي في ثقافتي السياسية وفي تربيتي السياسية لا نقاش فيه لا يمكنك أن تدبر حزبا من حجم التجمع الوطني الأحرار وألا تكون صارما في ما يتعلق بالانضباط الحزبي والامتثال لخيارات الحزب، يمكننا أن نختلف لكن داخل المؤسسات وليس خارجها، وهذا منطق أساسي يجب أن يحترم وإلا لما كان الحزب بهذا الطموح، الذي تكلمت عنه، لذا فستبقى الصرامة ثقافة والمصالحة كذلك مع المنضبطين. في المستقبل القريب كل المناضلين سيوقعون على وثيقة الالتزام بمبادئ الحزب والالتزام بخيارات الحزب، وهو ما سيساعد الحزب على المستوى التنظيمي والعملي، لكي لا تبقى مثل تلك الإفرازات التي عشناها في محطات معينة، وألا يظل أي أحد يتصرف حسب هواه ويقوم بخرجات إعلامية ويصور نفسه بأنه تصحيحي.