خلد الشعب المغربي وفي طليعته أسرة المقاومة وجيش التحرير، يوم أمس الأحد٬ بكل مظاهر الاعتزاز والافتخار، وفي أجواء التعبئة الوطنية الشاملة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذكرى الرابعة والخمسين لاسترجاع منطقة طرفاية إلى حظيرة الوطن الأب، في أبريل من سنة 1958. قدم المغرب جسيم التضحيات في مواجهة الاستعمار، الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن، وقسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب والحماية الإسبانية بشماله وجنوبه فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي. وأكد بلاغ للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أن هذا التقسيم جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة وعسيرة، بذل العرش والشعب في سبيلها أجل التضحيات في غمرة كفاح وطني متواصل الحلقات٬ طويل النفس٬ ومتعدد الأشكال والصيغ لتحقيق الحرية والاستقلال والوحدة والخلاص من ربقة الاستعمار بنوعيه٬ والمتحالف ضد وحدة الكيان المغربي إلى أن تحقق النصر المبين والهدف المنشود بعودة الشرعية ورجوع بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس والأسرة الملكية الشريفة من المنفى إلى أرض الوطن، منصورا مظفرا في 16 نونبر 1955، حاملا لواء الحرية والانعتاق من ربقة الاحتلال. ولم يكن انتهاء عهد الحجر والحماية إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر لبناء المغرب الجديد، الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال. وفي هذا المضمار٬ كان انطلاق جيش التحرير بالجنوب سنة 1956، لاستكمال الاستقلال في باقي الأجزاء المحتلة من التراب الوطني٬ واستمرت مسيرة التحرير بقيادة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه٬ بعزم قوي وإرادة صلبة. كان خطاب جلالته التاريخي بمحاميد الغزلان في 25 فبراير 1958، يضيف البلاغ٬ بحضور وفود وممثلي قبائل الصحراء المغربية موقفا حاسما لتأكيد إصرار المغرب على استعادة حقوقه الثابتة في صحرائه السليبة. وهكذا٬ تحقق بفضل حنكة وحكمة جلالته طيب الله ثراه وبالتحام مع شعبه الوفي استرجاع إقليم طرفاية سنة 1958، الذي جسد محطة بارزة على درب النضال الوطني من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية. وواصل المغرب في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله مثواه، ملاحمها النضالية، بحيث جرى استرجاع مدينة سيدي إفني سنة 1969، وتكللت بالمسيرة التاريخية الكبرى٬ مسيرة فتح المظفرة في 6 نونبر 1975، التي جسدت عبقرية الملك الموحد، الذي استطاع بأسلوب حضاري سلمي فريد يصدر عن قوة الإيمان بالحق في استرجاع الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة الوطن الأب٬ وكان النصر حليف المغاربة٬ وارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير1976، مؤذنة بنهاية الوجود الاستعماري في الصحراء المغربية. وفي 14 غشت 1979، استرجعت بلادنا إقليم وادي الذهب إلى حظيرة الوطن. وحسب المصدر ذاته٬ استمرت ملحمة صيانة الوحدة الترابية بكل قوة وإصرار لإحباط مناورات الخصوم٬ وها هو المغرب اليوم بقيادة رائده الهمام باعث النهضة المغربية جلالة الملك محمد السادس يقف صامدا في الدفاع عن حقوقه الراسخة، مبرزا بإجماعه التام استماتته في صيانة وحدته الثابتة، ومؤكدا للعالم أجمع من خلال مواقفه الحكيمة والمتبصرة إرادته القوية وتجنده التام دفاعا عن مغربية صحرائه، وعمله الجاد لإنهاء كل أسباب النزاعات المفتعلة، وسعيه إلى تقوية أواصر الإخاء بالمنطقة خدمة لشعوبها وتعزيزا لاتحادها واستشرافا لآفاق مستقبلها المنشود. وفي سياق هذا التوجه الحكيم، والإرادة الحازمة تندرج المبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الصحراوية المسترجعة في ظل السيادة الوطنية٬ هذه المبادرة التي خلفت مواقف إيجابية على صعيد الأممالمتحدة، وتركت الصدى الطيب لدى الدول الصديقة والشقيقة باعتبارها مبادرة جدية وذات مصداقية تستجيب للمعايير العالمية، وتحترم الشرعية الدولية، وتراعي خصوصيات المنطقة الثقافية والاجتماعية. وأشار البلاغ إلى أن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تخلد هذه الذكرى الوطنية المجيدة٬ لتجدد تعبئتها الشاملة للدفاع عن وحدتنا الترابية٬ وتأكيدها على التجند المستمر تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لمواصلة السير قدما على درب الملاحم والمكارم والصمود لتثبيت وحدتنا الترابية٬ والاستعداد الدائم والموصول لبذل كل التضحيات في سبيلها٬ متوخية إبراز ما تزخر به من قيم ومعاني سامية لتنوير أذهان الناشئة والأجيال الصاعدة والقادمة بأقباسها في مسيرات الحاضر والمستقبل إعلاء لصروح المغرب الجديد، وصيانة لوحدته الترابية ومكاسبه الوطنية.