تظهر بعض وسائل الإعلام الإسبانية تحاملاً على المغرب، وتزويراً للواقع على الأرض في مدينة العيون، معززة ما تنشر بصور ومعطيات وافتراءات خطيرة، تشكل اعتداءات متعمدة على حقوق المؤلفين، وهي لا تخرج، بأي حال من الأحوال، عن إطار حقوق الملكية الفكرية التي هي أوسع وأشمل مما دأب الناس على معرفته... وهو أمر مدروس ومقصود.. قد يبدو سهلا وعاديا بالنسبة للبلدان التي لا تتوفر على خبير أو مستشار متمرس نظريا وميدانيا، لكنه في مفهوم الخبراء الغربيين، وفي معايير الدول المتقدمة الواعية بحقوقها ومسؤولياتها، من الخطورة والضرورة بمكان، لأنه موضوع يتعلق بأسمى وأعلى وأغلى وأغنى أنواع الملكية بصفة مطلقة. السكوت خيانة عظمى وجريمة ومن ثمة، فإن السكوت عن مثل هذه القضايا المصيرية خيانة عظمى وجريمة لا تغتفر. ونحن نعلم علم اليقين أن موضوعا كهذا ما كان ينبغي السكوت عنه ولو لساعة واحدة بعد نشره...، حيث كان من الواجب اتخاذ الإجراءات الأولية اللازمة والتدابير الضرورية لوقف التعدي ومنع وقوعه بطرق قانونية محددة ومضبوطة، معمول بها في سائر الدول المتقدمة. ونحن، بدورنا، لا نملك إلا أن نذكر أن المغرب وقع على عدة معاهدات عالمية واتفاقيات متعددة الأطراف، وأخرى ثنائية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي، لحماية حقوق المؤلفين، تلتزم بمقتضاها الدول الأعضاء بتنفيذ الأحكام الجاري بها العمل، بما في ذلك الجزاءات السريعة لمنع التعديات، والجزاءات الزاجرة التي تشكل رادعا لأي اعتداءات أخرى، والتدابير الوقائية التي تهدف إلى منع وقوع الاعتداء أو وقفه بطرق فعالة وسريعة، للحيلولة دون حدوث اعتداء على أي حق من حقوق الملكية الفكرية... كما أنها تنص على العديد من العقوبات الصارمة مثل الغرامات المالية والسجن، ونشر الأحكام وتعليق أنشطة المؤسسة التجارية، والإغلاق المؤقت أو النهائي، وسحب الترخيص، وكذلك تعويض أصحاب الحقوق تعويضا عادلاً عن الأضرار المادية والمعنوية التي تلحق بهم، وهو ما تنص على معالجته أحكام التشريعات الوطنية الآسيوية والإفريقية والأمريكية والأوروبية، بما فيها التشريع الإسباني، الذي جاءت مواده مفصلة تحت العناوين الرئيسية والفرعية التالية: الإجراءات والتدابير (ACCIONES Y PROCEDIMIENTOS ) - الإجراءات السريعة والتدابير الوقائيةAcciones y medidas cautelares urgentes - وقف الفعل المحظور Cese de la actividad ilícita - التعويض Indemnización - التدابير التحفظية Medidas cautelares - الإجراءات المدنية Procedimiento - القضايا الجنائية Causas criminales حيث للمحكمة المختصة، بناء على طلب صاحب الحق أو أي من ورثته أو من يخلفه، أن تتخذ أيا من الإجراءات المتعلقة بأي اعتداء حصل على الحقوق الواردة في المواد المنصوص عليها في هذا القانون، شريطة أن يحتوي الطلب على قدر كاف من التفاصيل (يعرفها الخبراء)، بما في ذلك الأساس الذي تستند إليه المطالبات... التدابير المختلفة المطبقة في حالة الاعتداء ونلخص في ما يلي، باختصار شديد وعلى سبيل المثال لا الحصر، بعض الإجراءات والتدابير التحفظية، الوقائية، المؤقتة، المدنية والجنائية، الرادعة، الفعالة والسريعة، التي جاء بها التشريع الإسباني، حيث يجوز للمحكمة المختصة، بناء على طلب صاحب حق محمي، بموجب أحكام القانون، أن تصدر أمرا على عريضة بتدبير أو أكثر من التدابير، منها: - منع وقوع الاعتداء أو الفعل المحظور على حق محمي بموجب أحكام القانون. - وقف الاعتداء على حق محمي بموجب أحكام هذا القانون. - نشر الأحكام على نفقة الشخص المدان أو الأشخاص المدانين... - الإغلاق النهائي أو المؤقت... إذ يقضي القانون بإغلاق المؤسسة التي كانت مسرحا للجريمة، وبنشر الأحكام الصادرة على نفقة الطرف المحكوم عليه: التعويضات عن الضرر المادي والمعنوي ويكون للسلطات القضائية المختصة صلاحية أن تأمر المعتدي بأن يدفع لصاحب الحق تعويضات مناسبة عن الضرر، الذي لحق به بسبب الاعتداء على حقه في الملكية الفكرية من جانب معتد يعلم أو كانت هناك أسباب معقولة تجعله يعلم أنه قام بذلك الاعتداء (تريبس). وللسلطات القضائية، أيضا، صلاحية أن تأمر المعتدي بأن يدفع لصاحب الحق المصروفات التي تكبدها، التي يجوز أن تشمل أتعاب المحامي المناسبة. وفي الحالات المناسبة، يجوز للبلدان الأعضاء تخويل السلطات القضائية صلاحية أن تأمر باسترداد الأرباح أو دفع تعويضات مقررة سلفا، حتى حين لا يكون المعتدي يعلم أو كانت هناك أسباب معقولة تجعله يعلم أنه قام بذلك الاعتداء (تريبس). ويجب أن يكون التعويض، الذي تقضي به المحكمة لصاحب الحق جابرا للأضرار التي لحقت به... الأمر باتخاذ تدابير مؤقتة فورية، فعالة وسريعة... ويجب على المحكمة البت في العريضة على وجه الاستعجال، في وقت لا يجاوز عشرة أيام من تاريخ تقديمها. كما يعود للسلطات القضائية (الإسبانية) صلاحية اتخاذ التدابير المؤقتة الفورية، الفعالة والسريعة... "دون علم الطرف الآخر حيثما كان ذلك ملائما، سيما إذا كان من المرجح أن يسفر أي تأخير عن إلحاق أضرار يصعب تعويضها بصاحب الحق، أو حين يوجد احتمال واضح في إتلاف الأدلة". القانون الإسباني: إجراءات منصفة، عادلة، عاجلة ودون تمييز وتكون "إجراءات إنفاذ حقوق المؤلف منصفة وعادلة. ولا يجوز أن تكون معقدة أو باهظة التكاليف بصورة غير ضرورية، ولا أن تنطوي على حدود زمنية غير معقولة أو تأخير لا داعي له...»، كما أن المبدأ المشترك بين الاتفاقيات والمعاهدات العالمية يقتضي بأن يتمتع كل طرف في كل دولة من الدول الأعضاء المتعاقدة الأخرى "بالحماية نفسها التي تمنحها كل من هذه الدول لأعمال الملكية الفكرية، التي جرى إبداعها في أراضيها"، وهو مبدأ معمول به في الاتحاد الأوروبي، وفي إسبانيا بالذات. وللأطراف المتخاصمة الحق في أن يمثلها "مكتب استشاري قانوني مستقل، ولا يجوز أن تفرض الإجراءات متطلبات مرهقة أكثر مما ينبغي في ما يتعلق بالإلزام بالحضور شخصيا." إعلام الطرف المتضرر بهوية الأطراف المتعدية (الشبكة الإجرامية/الإرهابية) الثالثة المشتركة في الجريمة... حيث للمحكمة المختصة أن تلزم المعتدي بأن يقدم إليها وإلى صاحب الحق ما قد يكون في حوزته من معلومات بشأن كل من شارك في أفعال الاعتداء وهوية كل منهم... الإجراءات والعقوبات الجنائية في التشريع الإسباني تتضمن التشريعات الوطنية لدول الاتحاد الأوروبي، بما فيها التشريع الإسباني، أحكاما تبين التدابير التحفظية الواجب اتباعها، التي تخول المدعي العام سلطة البت، بناء على المعلومات والعناصر التي تتضمنها الشكاية، في ملاءمة اتخاذ الإجراءات الجنائية (في حالة الاعتداء على حقوق المؤلف). كما تعاقب التشريعات الموحدة لدول الاتحاد الأوروبي، بما فيها التشريع الإسباني، مرتكبي جرائم الاعتداء على حقوق المؤلف بالغرامة - التي قد تصل أو تفوق ثلاثمائة ألف (300000) أورو، مع الحبس الذي قد يصل إلى ثلاث (3) سنوات أو أكثر، أو بإحدى هاتين العقوبتين، بما يكفي لتوفير جزاء رادع يتناسب مع مستوى العقوبات المطبقة في ما يتعلق بالجرائم ذات الخطورة المماثلة. تشديد العقوبات في حالة العود أو العمد يجوز للبلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للتجارة "فرض تطبيق الإجراءات والعقوبات الجنائية في حالات أخرى من حالات الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، سيما حين تجري الاعتداءات عن عمد وعلى نطاق تجاري". كما يمكن للسلطات القضائية المختصة أن تشمل أحكامها عقوبات إضافية، منها الأمر بإغلاق المؤسسة أو الشركة والحجز ونشر الحكم... وتكون التدابير التحفظية قابلة للتطبيق، حيث لا تعارض بينها وبين اتخاذ أي إجراء آخر منصوص عليه في قانون المسطرة الجنائية. وفي حالة وجود تعارض بين مقتضيات القانون الوطني (الإسباني) ومقتضيات معاهدة دولية أو اتفاقية عالمية مصادق عليها، فإن مقتضيات أي معاهدة دولية أو اتفاقية عالمية متعلقة بحقوق المؤلف هي القابلة للتطبيق. ضرورة الاستعانة بخبير قضائي في حقوق المؤلف في البلاد الواعية بحقوقها، تستعين السلطات المختصة باستشارات قانونية أو دراسات خبيرة، قبل اتخاذ بعض الإجراءات أو القرارات، التي قد تكون مجانبة للصواب، لذلك نرى سلطاتها القضائية المختصة "تأمر في جميع الأحوال بتعيين خبير قضائي...". والخبرة أو الاستشارة في مجال حقوق المؤلف تكاد تعني كل شيء وكل ميدان. ويمكن اعتبارها بحق استراتيجية عملية لاتخاذ الإجراءات اللازمة والمناسبة لتطبيقها على أحسن وجه. كما يمكن اعتبار الخبرة المتخصصة أداة ناجعة ووسيلة فعالة لدراسة وتحليل وتقدير وتقييم الأشياء على حقيقتها، من أجل توفير أقصى وأسرع وأنجع حماية ممكنة... مما لا نجد له أثرا في البلدان العربية، حيث تبين لنا، للأسف الشديد، أن البلدان العربية والإسلامية لا تتوفر على خبير أو مستشار واحد في علم حقوق المؤلف المعاصر، بالمواصفات العالمية التي ينبغي توفرها فيه، أي بالاختصاص نظريا وميدانيا...