الساعة تشير إلى الخامسة والنصف من صباح أول أمس الأحد، رجل في مقتبل العمر، تظهر عليه علامات العياء، يجر حاوية نفايات تابعة لبلدية أكدال بالرباط، اخترقت شوارع وأزقة المدينة، لتصل إلى سلا، متجهة إلى "سوق الصالحين"، أو كما يسميه السلاويون، "سوق الكلب". على مقربة من الشخص المذكور، الذي دفع حاوية النفايات قرابة خمسة عشر كيلومترا، كان رئيس المنطقة الأمنية بسلا يجوب شوارع المدينة، فإذا به يلمح شخصا يتصبب عرقا، يجر عربة دخيلة على المدينة. اتصل المسؤول الأمني، الذي كان بلباس مدني، بقاعة الاتصالات بمقر المنطقة الأمنية لإيفاد عناصر أمنية، بغرض التعرف على السر، الذي يخفيه الرجل داخل حاوية الأزبال القادمة من حي أكدال بالرباط. مباشرة بعد وصول الفرقة الأمنية، وفتحها غطاء حاوية الأزبال المجرورة، تبين أن بداخلها توجد جميع المحتويات الخاصة بصالون حلاقة (تلفاز من النوع الجيد، جهاز "دي.في.دي"، مجفف شعر، مقص، موس حلاقة، وجميع الأدوات التي يستخدمها الحلاقون في مهنتهم)، وحتى البدلة البيضاء الخاصة بالحلاقين والزبناء لم تسلم من بطش الرجل، الذي كان يدفع حاوية الأزبال بحيطة وحذر. بعد تصفيد المتهم، واقتياده إلى مقر الشرطة القضائية، اعترف أنه استولى على صالون حلاقة يوجد بحي أكدال قرب مسجد بدر، وأنه كسر الأقفال بالقوة، قبل أن يعمد إلى سرقة جميع المحتويات القابلة للبيع. وقادت اعترافات المتهم، التي طبعها جانب فكاهي، وقدر من الغباء، إلى التأكيد أنه لم يشأ التفريط في أي غرض من الأشياء المسروقة، فإذا به يلمح حاوية نفايات كبيرة قرب صالون الحلاقة، الذي تركه خاويا، فوضع الأغراض المسروقة داخل الحاوية، قاصدا "سوق الكلب" لبيع غنيمته، متخطيا شارع فرنسا، وصولا إلى وسط مدينة الرباط، ثم حي حسان، قبل تجاوز قنطرة الحسن الثاني، التي تربط الرباط بجارتها سلا، إلا أن وجود المسؤول الأمني حال دون وصول السلعة المسروقة إلى "سوق الصالحين"، وانتهت إلى مخفر الشرطة. وركزت تحقيقات عناصر الشرطة القضائية بسلا، بعد اعترافات المتهم، على التحقيق معه حول محلات تجارية تعرضت للسرقة في الآونة الأخيرة، نسبت إلى طرف مجهول. وبعد التحقيق التفصيلي مع المتهم، واعترافه بالمنسوب إليه، أحالته مصلحة الشرطة القضائية بسلا، أمس الاثنين، على النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية، بتهم السرقة الموصوفة، وسرقة ممتلكات عمومية، أي حاوية النفايات.