يشارك عدد من أبرز الفنانين الإماراتيين، ضمن الوفد الرسمي لدولة الإمارات، خلال فعاليات الدورة 32 من مهرجان أصيلة الثقافي، الذي تتواصل فعالياته حتى 26 يوليوز الجاري، ما يشكل فرصة مهمة لإعطاء جمهور أصيلة، متعدد الجنسيات والثقافات، لمحة عن جديد الساحة الفنية الإماراتية. وتمكن أربعة فنانين من الإمارات من وضع بصمتهم الخاصة على مهرجان أصيلة الثقافي، بكشفهم الستار، أخيرا، عن لوحتهم الجدارية المشتركة في المدينة القديمة. وأجمع الفنانون، الذين شاركوا في هذه اللوحة الجدارية، وهم جلال لقمان، ومطر بن لاحج، وعزة القبيسي، وخليل عبد الواحد، على أن هذه اللوحة الجدارية، التي تعتبر أول عمل تشكيلي مشترك لفنانين إماراتيين، تعكس مدى اتساع قاعدة المواهب الإبداعية في الإمارات العربية المتحدة، كما تدل على وحدة دولة الإمارات، إذ يؤكد جلال لقمان "أن هذا العمل يظهر للجميع هنا في المغرب مدى تكاثف دولة الإمارات العربية المتحدة، ويبرز مدى اتحادنا. كل واحد من الفنانين يمنح العمل لمسة مختلفة". وفي السياق ذاته، يقول خليل عبد الواحد " نعرف بعضنا البعض من قبل، ولكن أن نعمل معا فهذا هو الجانب المثير حقا". ويضيف: "كونك فنانا عادة ما يدفعك إلى العزلة، وهكذا فإن فرصة التعاون في عمل فني مشترك أمر رائع". من جانبها، عبرت عزة القبيسي، وهي واحدة من الفنانات الإماراتيات الرائدات، عن سرورها بالمشاركة في هذا العمل، قائلة "إنه لشرف لي أن أعمل إلى جانب فنانين أكن لهم كل التقدير. جرى التعاون بيننا بسلاسة كبيرة. اتفقنا على التصميم النهائي في صباح يوم وصولنا إلى المدينة، وكان من الممتع الاشتغال بهذه الدرجة من العفوية". وبدعم من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وبكثير من الحماس، تقدم، حاليا، ثلاث طالبات من الإمارات أعمالهن الفنية في المعرض المتخصص، المنظم بقصر الثقافة وسط المدينة القديمة في أصيلة. وبخصوص المشاركة الإماراتية، تقول إحدى الطالبات المشاركات في المعرض، أمل الشحي، إنها ذهلت، حين علمت بأنها ذاهبة إلى أصيلة، مضيفة "انتابتني حالة من الدهشة ثم تلاها سرور عارم، فلم يسبق لي زيارة المغرب فهذه تجربة جديدة لي". وتذكر أمل، وهي طالبة بجامعة زايد، أن قائمة الفنانين، الذين تستمد الإلهام منهم طويلة تبدأ من بابلو بيكاسو ولا تنتهي عند الفنان الإماراتي جلال لقمان، وتقول "مازلت طالبة وهذه التجربة هي نقطة البداية بالنسبة لي". يقول أيوب بوعلاقة، أحد المشرفين المغاربة، الذين يقدمون يد المساعدة للطالبات الإماراتيات، إنه وجد الطالبات الإماراتيات منفتحات على الأفكار الجديدة، وقال "إنهن ودودات جدا وتمكنت من التعرف عليهن بسرعة، وأبدين اهتماما كبيرا بما يقدم لهن في الورشة"، ورغم أنه لم يكن يعرف الكثير عن دولة الإمارات، إلا أن أيوب أصبح يعرف ما يكفي عنها ليزورها في المستقبل. من جانبها، تقول الطالبة أمل أنه، من خلال، ورشات العمل تكتسب الطالبات معارف جديدة، مشيرة إلى أنها كانت تعتقد أن المغرب شبيها بالإمارات، إلا أنها اكتشفت أنه أقرب إلى الطابع الأوروبي "إنه بلد جميل جدا بقراه الصغيرة وقصوره العريقة" كما تقول. الطبيعة ليست وجه الاختلاف الوحيد بين أصيلةوأبوظبي، فأهالي كلا البلدين يعتمدون لهجتين عربيتين مختلفتين تماما، ما يضطر الطالبات ومعلمهن بوعلاقة إلى التحدث بالعربية الفصحى أحيانا، حتى أن المعلم أصبح يتقن بعض المفردات الإماراتية، وهذا مثال بسيط على ما يحققه مهرجان أصيلة من تقارب بين الثقافات. إلى جانب أمل تشارك كل من مها اليافعي وشيرينا لوتاه في الورشة. فمها تتابع دراستها في تكنولوجيا المعلومات في كليات التقنية العليا للطالبات في أبوظبي، أما شيرينا فتدرس فن التصوير في الجامعة الأميركية في دبي. وقد أعربتا عن فرحتهما بوجودهما في المغرب. من جهة أخرى، تقدم الفرقة الوطنية للفنون الشعبية الإماراتية بساحة عبد الله كنون، عروضا فنية متنوعة، تجسد نماذج من الرقص الشعبي الإماراتي من مختلف مناطق الإمارات العربية المتحدة. وتقدم الفرقة، من خلال هذه العروض، أهازيج شعبية ورقصات فولكلورية تمنح جمهور أصيلة بطاقة سفر إلى أرض الحضارة الإماراتية، بمختلف تلاوينها وإبداعاتها. وبحديقة سيدي بوخبزة، ينتقل زوار معرض الكتاب الإماراتي والفنون التقليدية، الذي ينظم بمبادرة من هيئة أبو ظبي للتراث والثقافة، تحت إشراف وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الإماراتية وهيئة الكتاب، بين ثنايا مجموعة من المنشورات الجديدة للمكتبة الوطنية للإمارات العربية المتحدة وأكاديمية الشعر، ومشروعي الكلمة والقلم، كما يوفر المعرض كتبا مرجعية عن التراث الروحي لدولة الإمارات. أما داخل ردهات برج القمرة البرتغالي، فتنتشر لوحات توضيحية لمعرض إثنوغرافية أبوظبي، يعيد، على الخصوص، رسم آثار حديقة "هيلي" الأركيولوجية، التي تعود إلى العصرين البرونزي والحديدي، وتعد أهم مناطق الجذب السياحي في الإمارات، إذ يستخدم مركز الزوار الجديد بالحديقة وسائل إعلامية حديثة، تحكي القصة الأثرية للموقع وتكشف أسرار حياة السكان القدماء. ويشارك في المهرجان هذه السنة أكثر من خمسة وأربعين بلدا من كل أرجاء العالم، إذ يعتبر مهرجان أصيلة من أهم الفعاليات الثقافية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويهدف إلى تعزيز التبادل الثقافي وخلق ثقافة الحوار المنفتح بين مختلف البلدان والنهوض بقيم السلام والتسامح.