أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، محفوفا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، أمس الخميس، ببن جرير، على تدشين وإطلاق وتقديم عدد من البرامج والمشاريع، التي تترجم على أرض الواقع التوجيهات الملكية السامية في مجال الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة. (ح م) وتندرج هذه المشاريع والبرامج الإرادية في إطار تصور شمولي للمسألة البيئية يتجاوز قضية الحفاظ على الموارد والأنظمة الإيكولوجية ليندرج في خضم دينامية للتنمية المهيكلة، تقوم على أساس الحكامة الجيدة المحلية والتتبع الدائم للوضع البيئي، وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، خدمة للإنسان والعمران. وبهذه المناسبة، أشرف جلالة الملك محمد السادس على تدشين منتزه طبيعي وترفيهي أطلق عليه جلالته اسم "منتزه ولي العهد الأمير مولاي الحسن". ويعد المنتزه، الذي استغرقت أشغال تهيئته اثني عشر شهرا، بمثابة متنفس بيئي حقيقي لمدينة بن جرير، حيث سيستقبل مجموعة من الأنشطة الحيوية والترفيهية في أفق مصالحة المواطن مع بيئته. وشملت أشغال تهيئة المنتزه، الذي يمتد على مساحة ثلاثة هكتارات، إنجاز حلبة لألعاب القوى، وأخرى للعدو الريفي، ومسبح، ومساحات خضراء، وملعب لكرة القدم المصغرة، وملعب لكرة السلة، إلى جانب غرس 31 ألف شجرة. إثر ذلك، قدمت أمينة بنخضرة، وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، عرضا أبرزت فيه الخطوط العريضة للسياسة البيئية للمملكة بمنطقة الرحامنة، من خلال مشاريع ملموسة وخاصة مشروع المدينة الخضراء ببن جرير، والمشاريع المندمجة للماء والبيئة بالمنطقة. وشددت الوزيرة على أن سياسة التنمية المستدامة، التي تنهجها الدولة تندرج في إطار استراتيجية بيئية بعيدة المدى تتميز بحماية الموارد والنظم الإيكولوجية الطبيعية، وبالتتبع المستمر للحالة البيئية على صعيد الجهات، وبالتخطيط العلمي الموجه نحو تحسين المحيط البيئي للمواطنين. وأبرزت بنخضرة، من جهة أخرى، أن الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، الذي تجري بلورته حاليا، يشكل حجر الزاوية في الاستراتيجية البيئية للمملكة، وسيشكل أساس جميع خيارات ومشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب. وشددت على أن البرامج التي ستعرفها منطقة الرحامنة، تبرز بوضوح الدينامية المتاحة من قبل هذه المنطقة الرائدة في مجال التنمية المستدامة، ومن قبل أنشطة المجمع الشريف للفوسفاط، باعتباره مقاولة عمومية مواطنة، جعلت من التنمية المستدامة إحدى أولوياتها. ومن جهته، قدم عبد الكبير زهود، كاتب الدولة المكلف بالماء والبيئة، عرضا حول إنجاز 203 مشاريع مندرجة بقطاعي الماء والبيئة بإقليم الرحامنة، تبلغ كلفتها الإجمالية مليارا و88 مليون درهم. وأوضح زهود أن هذه المشاريع، تندرج في إطار برنامج أولي، جرى وضعه بإقليم الرحامنة ليشمل الفترة من 2010 إلى 2012، في إطار تطبيق مقتضيات اتفاقيات الشراكة الإطار الست عشرة، التي جرى توقيعها بين الدولة والجهات في 14 أبريل الماضي بفاس. وأشار إلى أن هذه الاتفاقيات تندرج في إطار تنفيذ التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بضرورة اعتماد المقاربة التشاركية المعبئة لكافة المكونات والفاعلين على مستوى الجماعات المحلية، بغية ضمان إنجاح ورش التأهيل البيئي بالمغرب وحماية موارده الطبيعية. وأبرز زهود أن المشاريع المندمجة، التي سيجري إنجازها بإقليم الرحامنة، تهم على الخصوص، إنجاز شبكات التطهير السائل وتدبير النفايات الصلبة، والتأهيل البيئي للمراكز الحضرية، وللمدارس، والمساجد القروية، ومحاربة تلوث الهواء، وتعبئة المياه السطحية، وتثمين الموارد المائية. أما مصطفى التراب، الرئيس المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط، فاستعرض الخطوط العريضة لمشروع إحداث قطب حضري جديد يسمى "المدينة الخضراء محمد السادس"، ببن جرير على مساحة 650 هكتارا، سيستفيد منه سكان يقدرون بنحو تسعين ألف نسمة. ويندرج هذا المشروع، الذي سيجري إنجازه على ثلاث مراحل، في إطار تصور جديد يولي أهمية خاصة للتنمية المستدامة وحماية البيئة. وأوضح التراب أن المدينة الخضراء التي تتضمن إحداث 23 ألف مسكن، تراهن، بحسب دفتر تحملاتها، على الحصول على شارة تمييزية بيئية واعتراف دولي بمكانتها الرائدة كمدينة تحترم المؤشرات والمعايير البيئية. وسيجري إحداث المدينة، التي تعد الأولى من نوعها بالقارة الإفريقية، في إطار مقاربة شمولية، تسعى إلى حماية البيئة والنظام الإيكولوجي بالمنطقة، واقتصاد استعمال الماء والطاقة. وينتظر أن تضم المدينة الخضراء إلى جانب فضاءات سكنية مركبات إدارية واستشفائية ورياضية وتجارية، مقر "جامعة محمد السادس للتقنيات"، والتي ستشكل مفخرة وطنية باعتمادها على مقاربة تراهن على البحث والتطوير حول أقطاب للامتياز، وتنسج شراكات مع الجامعات الوطنية والدولية العريقة. كما ترأس جلالة الملك مراسم التوقيع على أربع اتفاقيات موضوعاتية، لإنجاز مشاريع مندمجة بقطاعي الماء والبيئة بإقليم الرحامنة. ووقع الاتفاقية الأولى، التي تتعلق بإنجاز برنامج التأهيل البيئي لإقليم الرحامنة، شكيب بنموسى، وزير الداخلية، وأحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأحمد اخشيشن، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، وعبد الكبير زهود، كاتب الدولة المكلف بالماء والبيئة، وحميد نرجس، رئيس مجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز، ومحمد نجيب بن الشيخ، عامل إقليمقلعة السراغنة، وفؤاد عالي الهمة، رئيس "مؤسسة الرحامنة من أجل التنمية المستدامة"، ومصطفى الشرقاوي، رئيس المجلس الإقليمي للرحامنة، وعلي الفاسي الفهري، المدير العام للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للكهرباء، ومصطفى التراب، الرئيس المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط، ومحمد الشعيبي، نائب رئيس الجمعية المهنية لمنتجي الإسمنت. ووقع الاتفاقية الثانية، الخاصة ببرنامج التدبير المندمج للموارد المائية بإقليم الرحامنة، شكيب بنموسى، وعزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، وعبد الكبير زهود، وعبد العظيم الحافي، المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، وحميد نرجس، ومحمد نجيب بن الشيخ، وفؤاد عالي الهمة، ومصطفى الشرقاوي. أما الاتفاقية الثالثة، المتعلقة ب "المدرسة الخضراء بإقليم الرحامنة"، فوقعها أحمد اخشيشن، وعبد الكبير زهود، وعبد العظيم الحافي، ومحمد نجيب بن الشيخ، وفؤاد عالي الهمة، فيما وقع الاتفاقية الرابعة، المتعلقة باحتضان "منتزه ولي العهد الأمير مولاي الحسن"، فؤاد عالي الهمة، رئيس المجلس البلدي لمدينة بن جرير، رئيس "مؤسسة الرحامنة من أجل التنمية المستدامة"، وعلي الفاسي الفهري، المدير العام للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للكهرباء. حضر هذه المراسم عدد من أعضاء الحكومة، والمنتخبون بالإقليم، وشخصيات أخرى.