واشنطن - يعكف فريق دولي من الباحثين على العمل في البحر الكاريبي منذ بداية شهر حزيران/يونيو بحثًا عما يمكن أن يظهر من أعماق كوكبنا. سوف يذهب علماء من معهد وودز هول لعلوم المحيطات ومن منظمات أبحاث دولية أخرى إلى أحد أعمق أعراف أو حيود منتصف المحيط (وهي سلسلة جبال مرتفعة في قاع المحيط وفي منتصفه) في الكرة الأرضية، حيث بدأت صفيحتان من الصفائح التكتونية للكوكب بالانفصال عن بعضهما البعض ليشكلا قاع المحيط الجديد. وترتفع المواد من جوف الأرض من خلال تلك الفتحة، الواقعة على عمق يزيد عن 6500 متر تحت سطح المحيط. وقد توفر المواد والتجمعات البيولوجية التي سيكتشفها الباحثون أدلة حول كيفية نشوء الحياة على كوكب الأرض. وموقع الأبحاث هذا موجود في البحر الكاريبي الغربي، إلى الجنوب من جامايكا ومباشرة جنوب جزر كايمان. والأخدود المعروف باسم مرتفع كايمان الأوسط، هو أحد أعمق الأخاديد في منطقة بحر الكاريبي. وتشبه أنظمة الفتحات الحرارية المائية التي تحدث في هذا الصدع بين الصفيحتين شبكة من الأنابيب في قاع البحر تدوِّر مياه البحر الباردة نزولاً إلى القشرة الساخنة المتكونة حديثًا والناشئة من مركز الأرض. ترتفع الحرارة والسوائل الغنية بالمعادن من الفتحات، وقد وجد العلماء خلال استكشافات أخرى لأعماق البحار أنه يمكنهم دعم أنظمة بيئية معقدة من الكائنات الحية الغريبة. وهذه الكائنات التي اكتشفت لأول مرة في أواخر السبعينات من القرن العشرين، لا تعتمد على أشعة الشمس لخلق الغذاء والطاقة من خلال عملية التمثيل الضوئي، إنما تعتمد بدلاً من ذلك على المواد الكيميائية الموجودة في سوائل الفتحات الحرارية المائية. دعا اكتشاف هذه الأشكال الحياتية إلى إعادة كتابة الكتب المدرسية لتعكس أن الحياة لديها تنوع أكبر ووسائل متنوعة للبقاء على قيد الحياة أكثر مما كان يعتقده الإنسان في وقت مضى. بدأت التحقيقات حول الفتحات الحرارية المائية وأشكال الحياة التي قد يمكن دعمها في مرتفع كايمان الأوسط في عام 2009. وقد جذبت بعثات الأبحاث المتنوعة على مدى السنوات العديدة الماضية العلماء وليس فقط من وودز هول، القريب من بوسطن، إنما أيضًا من اليابان وألمانيا والمملكة المتحدة. تتمثل الخطوة الأولى في البعثة الاستكشافية الحالية في العثور على أعمدة المياه الساخنة المرتفعة من الأخدود، كما يقول قائد بعثة معهد وودز هول، كريس جرمان. ومن ثم، سوف ينزلون جهاز استشعار للموصلية الكهربائية ودرجة الحرارة والعمق الذي سيجمع عينات المياه ويعيدها إلى السطح لتحليلها. هذه النوافير المائية، المسخَّنة بواسطة المادة الناشئة من جوف الأرض، قد تحتوي على الحديد والمنغنيز وغاز الميثان. وهي ترتفع مئات الأمتار عن قاع البحر، وتتفرق عندما تقطعها تيارات أعماق المحيط. وقد يوفر تحليل عينات أعماق البحار مجموعة متنوعة من الأفكار حول الخصائص الجيولوجية، وعلوم المحيطات، والأنظمة البيئية الحرارية المائية، كما أوضح جرمان في وصفه للأبحاث على الموقع الإلكتروني لمعهد وودز هول قبل انطلاق البعثة. وسوف تستخدم المرحلة الثانية من البعثة السيارة الروبوتية نيروس لجمع العينات الجيولوجية ولالتقاط الصور للفتحات الحرارية المائية. وأفاد جرمان أن طاقم معهد وودز هول سوف يلتقي أيضًا في منتصف البحر مع طاقم من الوكالة اليابانية للعلوم والتكنولوجيا البحرية والأرضية. وصف معهد وودز هول نفسه بأنه مؤسسة خاصة لا تبغي الربح لعلوم المحيطات تقف في طليعة التحقيقات العلمية للمياه التي تغطي أكثر من ثلثي سطح كوكب الأرض. تتلقى المؤسسة منحًا للأبحاث من عدد من الوكالات الحكومية الأميركية بما في ذلك الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، ووزارة الطاقة، ووكالة المسح الجيولوجي الأميركية . كما يتلقى معهد وودز أيضًا بعض الدعم من مؤسسات علمية في الصين، والإكوادور، والهند، وباكستان ومن مجموعة متنوعة من المؤسسات الأكاديمية والمنظمات التي لا تبغي الربح. سوف يُطلق معهد وودز هول خلال الشهر القومي للمحيطات، الذي أعلنه الرئيس أوباما في 31 أيار/مايو، عندما أعاد التأكيد على التزام الولاياتالمتحدة بالأبحاث العلمية كوسيلة لاستخدام موارد كوكب الأرض على نحو مستدام. وقد جاء في إعلان الرئيس أوباما، "من خلال اتخاذ الخيارات، الذكية في إدارة المحيطات بإمكاننا أن نؤمن لشركاتنا الأدوات التي تحتاجها لكي تزدهر، ونحمي في الوقت عينه سلامة أنظمتنا البيئية البحرية على المدى الطويل. دعونا بمناسبة هذا الشهر نجدد تلك الأهداف، من خلال إعادة الاستثمار في اقتصاداتنا الساحلية، وإعادة الالتزام بالإشراف السليم على المحيطات خلال السنوات المقبلة." أكد وزير الخارجية جون كيري أيضًا التزامه بحماية الموارد البحرية تكريما لليوم العالمي للمحيطات، الذي أقرته الأممالمتحدة في 8 حزيران/يونيو. وقال الوزير كيري أن الولاياتالمتحدة تكرِّس جهودها لمعالجة مسائل التلوث والصيد المفرط وحموضة مياه المحيطات. وأكد الوزير كيري "أن حل هذه التحديات وضمان أن يبقى إرث محيطاتنا متوفرًا للأجيال القادمة يتطلب تعاونًا وعملاً فرديًا على حد سواء."