عبد الله الحمزاوي باحث في الدراسات السياسية والدولية بلا شك أن المحكمة الإدارية لما حكمت لصالح تشغيل الأطر المعطلة فإنها أخرجت ملف المعطلين من التجاذبات السياسية وانتصرت لثقافة الحق أولا ثم القانون ثانيا لكن ما يجب التنبيه إليه والتحذير منه هو أن يتم التلاعب بهذا الحكم وتأويله بشكل سياسي فكما هو معلوم فان الحكم القضائي تعود إشكالاته الى طبيعة تعامل الدولة المغربية مع ملف المعطلين منذ ربيع الاحتجاجات الذي شهده المغرب في سنة2011 بحيث تم إصدار مرسوم وزاري استثنائي في 8 أبريل2011 يقضي بالتوظيف المباشر لكل حاملي الشهادات العليا الى غاية31 دجنبر2011 وقد تم توظيف دفعة أولى منذ مارس2011 وتم التنكر لكل الفئات الأخرى التي يشملها المرسوم السابق الذكر الأمر الذي جعل حركة الأطر المعطلة تواصل احتجاجاتها مطالبة بتفعيل المرسوم الوزاري2-11-100 وقد تمكنت من توقيع مجموعة من الالتزامات القاضية بضرورة تنفيذ المرسوم وهذه الالتزامات كان أولها محضر20 يوليوز الذي تم توقيعه مع التنسيقيات الأربع للأطر العليا المعطلة أثناء اعتصامها بمقر حزب الاستقلال.
وقد عملت الجهات الموقعة للمحضر السالف الذكر على استثناء أطر2011 من هذا المحضر بتبريرات واهية من قبيل إنهاء ملف الدفعة الثانية ثم المرور إليهم باعتبارهم الدفعة الثالثة في إطار تنفيذ المرسوم الوزاري المذكور هذا السلوك الاقصائي كان سببا أساسيا في تصعيد أطر2011 لاحتجاجاتها وتنفيذ العديد من الأشكال الاحتجاجية التصعيدية أبرزها اقتحام التنسيق الميداني للأطر العليا المعطلة2011 لمقر المطبعة الرسمية للأمانة العامة للحكومة وهو ما أرغم السلطات على توقيع محضر توافقي بتاريخ27 دجنبر2011 يقضي في مادته الثالثة بتتبع ومواكبة الحوار مع اللجنة الرباعية بما يفضي الى ضمان الحق في الشغل وفق ما ينص عليه المرسوم الوزاري الاستثنائي رقم 2-11-100 وهو ما لم يتم القيام به من طرف الجهات المعنية بتشغيل الأطر المعطلة، مما جعل أطر2011 تواصل احتجاجاتها ونضالاتها وتقتحم ملحقة وزارة التربية الوطنية سابقا ومديرية الشؤون العامة حاليا بتاريخ 05 يناير2012 وتدخل في اعتصام مفتوح بحيث تم حرمانهم من كل مصادر العيش بقطع الماء والكهرباء ومنع دخول أي مواد غذائية إليهم. الأمر الذي جعل بعض الأطر المعتصمة القيام بتحدي الجدار الأمني المضروب عليهم ومحاولة إدخال الغذاء لداخل الملحقة إلا أن السلطات حالت دون تمكنهم من ذلك وهو ما أدى الى وقوع المحرقة المشئومة التي تسببت في استشهاد الإطار عبد الوهاب زيدون وإلحاق إصابات خطيرة بالإطار محمود الهواس بعد مرور نصف شهر من الاعتصام المفتوح. ورغم ذلك استمرت الأطر في اعتصامها وسط تجاهل لمطالبهم من طرف السلطات وفي 18 فبراير2012 تم تنفيذ اقتحام ثان من طرف أطر2011 لمقر المطبعة الرسمية للأمانة العامة للحكومة وقد دخلت أطر2011 في اضربات عن الطعام وخوض مئات الوقفات والمسيرات الاحتجاجية قدمت خلالها مئات المصابين والمعتقلين ولازالت تواصل نضالاتها من أجل انتزاع حقها في التوظيف المباشر.
للإشارة فان السلطات ظلت متجاهلة لكل الالتزامات التي تؤكد على ضرورة تنفيذ المرسوم الوزاري سواء محضر20 يوليوز أو المحضر التوافقي 27 دجنبر2011 وقد قام مجموعة من الأطر المحسوبين على محضر20 يوليوز بتقديم شكوى قضائية الى المحكمة الإدارية وبعد دراسة الملف من طرف المحكمة وعقد المداولة الأخيرة في يوم الأربعاء 22 ماي2013 تم النطق يوم الخميس23 ماي2013 بحكم قضائي ابتدائي يثبت شرعية مطالب الأطر العليا المعطلة وقد استند الحكم القضائي الى المرسوم الوزاري الاستثنائي2-11-100 بالإضافة الى القاعدة الإدارية المتمثلة في ضرورة استمرارية المرفق العام الأمر الذي يحتم على الحكومة ضرورة تنفيذ كل الالتزامات الموقعة مع المعطلين سواء محضر20 يوليوز2011 أو المحضر التوافقي27 دجنبر2011 لأن كلا الالتزامين يستندا على المرسوم الوزاري وهو نفس الحكم الذي قدمته المحكمة في موضوع أطر2011 التي تم إقصائها من الدفعة الأولى لفوج مارس2011 بحيث قضت المحكمة بعودتهم للعمل الى أسلاك الوظيفة العمومية. كما أن منطوق الحكم القضائي تجاوز فكرة الالتزامات الى ضرورة ضمان حق الشغل لكافة المجموعات وتنسيقيات المعطلين باعتباره حق تضمنه كل الشرع السماوية والوضعية وقد استند القاضي الى الشريعة الإسلامية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان، وبهذا يكون الحكم القضائي واضحا في هذا الموضوع بحيث لا يحتاج الى تأويلات أخرى وما يخشاه بصراحة المعطلون أن يتم إخراج هذا الحكم من سياقه القضائي ويتم تأويله بطريقة تتعارض مع مطالب الأطر المعطلة كأن يتم حصره على فئة دون أخرى مثل ما يروج له حاليا من اقتصار الحكم على رافعي التظلم أو حصره في فئة الأطر الموقعة على محضر20 يوليوز دون الأطر التي يشملها المرسوم 2-11-100 أو اعتباره قطيعة مع مطلب يعتبره المعطلون حقا مكتسبا. لهذا ننبه في هذه المسألة أن أي سلوك إقصائي في تنفيذ هذا الحكم قد يكرر المأساة التي وقعت بملحقة وزارة التربية الوطنية والتي ذهب ضحيتها الإطار عبد الوهاب زيدون. كما ننصح الحكومة وكل الجهات المعنية بضرورة معالجة الموضوع بحكمة وتنفيذ الحكم القضائي بشكل فوري وعدم اعتماد أي سلوكيات من شأنها ستجعل موضوع المعطلين سيزداد احتقانا أوقد يتسبب لقدر الله في وقوع أحداث مأساوية مثل التي وقعت في18 يناير2012، ونؤكد في المقابل أن تنفيذ الحكم القضائي بشكل يتماشى مع مطالب المعطلين وعدم إقصاء أي منهم سيزيد من استقرار الوضع وسيكسبهم ثقة كبيرة بمؤسسات الدولة.