تعتبر السياحة العصب النابض للإقتصاد الوطن فالمغرب غني بمؤهلات سياحية متنوعة، من تراث حضاري عريق، ومواقع جغرافية استراتيجية، ومناظر طبيعية جذابة، غير أن التنظيم المجالي والبنية التحتية تبقى ورش مفتوحا للنقاش التشاركي بين جميع المتدخلين مع التركيز على فعاليات المجتمع المدني. ففي الآونة الأخيرة ارتفعت السياحة الداخلية بشكل مهم، جعلت السائح المغربي يكتشف وطنه ويتعرف على غنى مدنه الطبيعي والثقافي، ويُعرف على السائح دقة الملاحظة، وهي ومنهج علمي بنيت عليه أسس علوم الاجتماع الإنساني بشكل عام، والسياسات العمومية الموجهة للسياحة في أمس الحاجة لمثل هذه المناهج، رغم بساطتها وعدم تعمق القائم بها في أدبيات وتقنياتها، خاصة وأن التطور التكنولوجي أصبح ألية جديدة لتطور هذه المناهج. وقد لاحظ تشوه المنظر العام بالمدينة أو بالمجالات الحضرية لعدم احترام الأرصفة، وعدم تنظيم مواقف السيارات، ففي المدن البحري، خاصة في هذا الفصل، يجد الراجلين صعوبة كبيرة في التنقل في الشارع العام، بسبب هجوم المقاهي والمطاعم على الرصيف، إلى أن أصبح الممر في وسط الكراسي، وهذا أمر مشين يعكس من جهة غياب المسؤولية ومن جهة أخرى غياب ثقافة المواطنة، فليس كل مغربي مواطن وليس كل مواطن مغربي، فالمواطنة الحقة تتجسد في العلاقة مع الملك العام ومع القضايا والمصالح العمومية بشكل تنجلي معه الشخصنة والمصالح الضيقة. أما الطرق فحدث ولا حرج، فيكفي أن نستشهد بحالة الطريق التي تؤدي لمنطقة ايغود التي أصبحت وجهة دولية، بعد اكتشاف أقدم جمجمة في التاريخ، وهذا الغني التاريخ يُقبر بفقر البنية التحتية، إلى درجة أننا تسألنا عن مآل مداخيل الضريبة على السيارات، فأعتقد أنها كافية لتشيد طرق ذهبية؟ وكمجتمع مدني نرى أن المسؤول المباشر هو مصالح الجماعات الترابية التي أصبحت تسعى فقط لتأمين مداخيل دون الأخذ بعين الاعتبار المقومات السياحية، أي أن هذه المؤسسات تزكي مقولة " أنا ومن بعدى الطوفان"، والمسؤولية بحجم أثقل على وزارتي النقل والسياحة اللتان نعيب عليهما ضعف التنسيق وافقية التخطيط، ويبقى السؤال مطروح، فكيف إذن للمغرب تطوير الخدمات السياحية ومنافسة دول الجوار؟ وكيف له الحصول على علامات أممية للإشادة بتراثه وثرواته الثقافية التاريخية والحضارية؟. الطاهر أنسي