بركة يؤكد التزام حزب الاستقلال بالتماسك الحكومي ويدعو إلى تعزيز النقد الذاتي لتحسين الأداء الحكومي    أوكامورا:الاقتصاد المغربي أظهر مرونة في مواجهة الصدمات السلبية    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    ديمقراطية تركيا.. اعتقال عمدة إسطنبول منافس أردوغان في رئاسيات 2028 وتعطيل مواقع التواصل في البلاد    وزير الداخلية الفرنسي: "لا نريد الحرب والجزائر هي من تهاجمنا"    جريدة Argarica الاسبانية: اكتشاف كتابة بالامازيغية تيفيناغ في اقليم ألميريا بإسبانيا    المغرب وروسيا يوقعان اتفاقًا جديدًا للصيد البحري لمدة أربع سنوات    بعد وفاة بن عيسى.. فتح باب إيداع الترشيحات لرئاسة مجلس جماعة أصيلة    الPPS يشجب شراء الضمائر تحت يافطة "العمل الخيري" من طرف الأحرار    نتنياهو يهدد بالتفاوض تحت النار.. وحماس تدعو للضغط على واشنطن    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    اليوم العالمي للشخير    المنتخب المغربي يواصل تحضيراته لمباراتي النيجر وتنزانيا قبل السفر إلى وجدة    أسود الأطلس مكتملي الصفوف يستعدون لمواجهتي النيجر وتنزانيا..    أولمبيك آسفي يعلن انفراجا في أزماته بعد تدخل لقجع    العصبة والجامعة تحددان مواعيد كأس العرش واستئناف البطولة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    حكومة نتنياهو توافق على عودة بن غفير رغم معارضة المستشارة القانونية للحكومة    المغرب يتحرك لتصنيف "البوليساريو" كمنظمة إرهابية داخل الاتحاد الإفريقي    أرباح الأندية المغربية من بيع اللاعبين في 2024 تبلغ 8.27 مليون دولار    منخرطو الوداد ينتفضون في وجه الرئيس آيت منا    مؤلم.. العثور على رضيع حديث الولادة قرب مسجد بمريرت    كيوسك الأربعاء | تقرير يبوئ المغرب الرتبة السابعة عربيا في مؤشر النجاعة القضائية    تلمسان.. مدينة مغربية لقرون طويلة قبل تغيير هويتها    الذهب يصعد لأعلى مستوى    اللجنة الوطنية لحماية المعطيات تطلق برنامجا لضمان الشفافية في استخدام الذكاء الاصطناعي    جامعة الكرة تصادق على تعديلات جديدة.. عقوبات لتخريب الفار وارتكاب الشغب    "التسوية الطوعية" تَخفض حاجة البنوك إلى السيولة بداية عام 2025    إسبانيا تعزز موقعها كشريك تجاري أول للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي    مسيرة بطنجة تندد بحرب الإبادة    توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمغرب    المغرب في مواجهة أزمة مائية متفاقمة: تقرير يسلط الضوء على التحديات والحلول المستقبلية    مسؤول بحماس: لم نغلق باب التفاوض    شركة صينية تفوز بصفقة لتوسيع الطريق السيار بين الرباط والدار البيضاء    الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن: مشاورات غير رسمية مع الدول في مرحلة انتقالية سياسية    من اغتال كينيدي ؟ .. ترامب يكشف للعالم الحقيقة    إعادة الإدماج بنون النسوة: حفل إفطار جماعي لنزيلات السجن المحلي العرائش 2    جنيف : فاعلون صحراويون ينددون بالانتهاكات والقمع في مخيمات تندوف    الشرطة القضائية تفكك شبكة لسرقة سيارات كراء السيارات بمدينة البئر الجديد    تعرف إلى أغلى 8 لاعبين في المنتخب المغربي … وضمنهم حكيمي … ودياز    ترويج مواد صيدلانية يجر ثلاثة أشخاص للاعتقال    جائزة "مبدعات" تعود بدورتها الرابعة لدعم إبداعات النساء    حِكم حَلاجِية..    "دبلوماسية الطعام"    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    أَكُلُّ هذا القتل من أجل تجويد شروط التفاوض؟    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بذكراه الثلاثين ويكشف عن أعضاء لجنتي التحكيم    التمني في زمن التفاهة.. بين الحلم والواقع    أيوب كريطع يتوج بجائزة أفضل أداء تمثيلي في مهرجان مونس السينمائي    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    مختصون يناقشون راهن الشعر الأمازيغي بالريف في طاولة مستديرة بالناظور وهذا موعدها    "إفطار رمضاني" في العاصمة الرباط يُنوه بتوازن النموذج الحضاري المغربي    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    التوتر الأسري في رمضان: بين الضغوط المادية والإجهاد النفسي…أخصائية تقترح عبر "رسالة 24 "حلولا للتخفيف منه    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطيب منشد للاتحاد الاشتراكي - 9-

يعد الطيب منشد من المناضلين الذين رافقوا العديد من قادة الاتحاد، واولهم الشهيد عمر بن جلون، الذي يكشف لنا الطيب
عنه جوانب خفية، انسانية وسياسية ونقابية.
كما أنه يعود بنا الى تفاصيل أخرى تمس الحياة النقابية في بلادنا وكل مخاضاتها، باعتباره شاهدا من الرعيل الأول، ومناضلا ومعاصرا للمخاضات التي عرفتها الساحة الاجتماعية. هناك اشياء كثيرة أخرى، ومواقف عديدة تكشفها ذاكرة الطيب لأول مرة..
كان يبدو لي وكأن الاتحاد أصبح يتكون من معتدلين ومتطرفين، حيث حاول كل فريق قبل عقد المؤتمر حسم الصراع لصالحه وأتذكر أنه خلال أشغال اللجنة السياسية داخل المؤتمر، كان يترأسها المرحوم عبد الرحيم وكانت أكبر لجنة. بدأ الصراع بين الاتجاهين واضحا، واستمرت المرافعات من هذا الاتجاه أو ذاك لأكثر من 7 ساعات وعبد الرحيم يتابع النقاش دون تدخل، وعندما انتهت قائمة المتدخلين طلب رئيس اللجنة حضور الشهيد عمر ليقدم مشروع البيان السياسي، هذا المشروع الذي حسم الصراع حيث تمت المصادقة عليه بالاجماع.
وبانتهاء المؤتمر الاستثنائي الذي صادق على التقرير الايديولوجي وعلى الخط السياسي المرحلي، وعلى القيادة المشكلة من اتحاديي الداخل، دخل الاتحاد مرحلة جديدة، هي أهم مراحل مساره، كان لها انعكاس كبير على المشهد السياسي ببلادنا بكل تجلياته. فمن جانب بعد انتهاء المؤتمر عرفت مقرات الحزب بكل المناطق نقاشا سياسيا وايديولوجيا لاستيعاب خلاصات التقريرين الايديولوجي والسياسي وباقي وثائق المؤتمر، حيث تجندت كفاءات الحزب وأطره ومثقفوه يجوبون كل المناطق لتأطير لقاءات الاقاليم والقطاعات وتحولت صفوف الاتحاد إلى أوراش للتكوين والتثقيف، وهو ما أثرى الفكر السياسي والاشتراكي داخل صفوف الاتحاد وداخل المجتمع وكان له انعكاس كذلك على قوى اليسار بصفة عامة التي رأت في الحركة الفكرية داخل الاتحاد حافزا لها هي الاخرى للخلق والابداع.
على مستوى التنظيم انطلق الاتحاديون والاتحاديات في توسيع تنظيماتهم وتقويتها معتمدين على التنظيم القطاعي، مستهدفين كل الفئات الفاعلة داخل المجتمع، من نساء وشباب ومثقفين وأطر وتقنيين.
من ناحية أخرى اتجه الحزب، بتوجيه من القيادة، إلى تأطير كل قوى المجتمع وهذا، فبعد حسم التوجه في ما يتعلق بالوضع النقابي، بدأت الساحة الاجتماعية تعرف دينامية غير معهودة محركها العنصر الاتحادي (من الجنسين) لتنشيط نقابات جامدة في قطاعات معينة، أو تأسيس نقابات لقطاعات غير منقبة أو تحريك واجهات كانت جامدة كواجهة حقوق الانسان، حيث تأسست الجمعية المغربية لحقوق الانسان، تنشيط النقابة الوطنية للصحافة، الاتحاد الوطني للمهندسين، فك العزلة ورفع الحظر عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، تأسيس وتنشيط العديد من جمعيات المجتمع المدني ذات أنشطة متنوعة.
إن أهم انجاز حققه الاتحاد في هذه المرحلة بعد النقابة، كان تأسيس الشبيبة الاتحادية والتي اعتبر تأسيسها هدية الحزب للشهيد عمر بنجلون. هذه الشبيبة التي انطلقت في هذه الاجواء أي أجواء ما بعد المؤتمر وتوحيد القيادة والصدمة الاتحادية بعد اغتيال عمر من طرف الظلاميين. الشبيبة في هذا السياق اعتبرت نفسها قاطرة للحزب على طريق بناء المجتمع الاشتراكي الديمقراطي، وهي من أجل ذلك انفتحت على الشباب المغربي في الثانويات والجامعات وفي الاحياء المهمشة وغير المهشمة والشباب العامل. وحتى تستطيع الشبيبة القيام بمهامها الطليعية داخل الحزب، اعتمد مسؤولوها من جهة على التأطير النظري من خلال تكثيف عقد الندوات والرفع بالشباب من الجنسين إلى التثقيف الذاتي بمواكبة الاصدارات (ذات الاتجاه التقدمي). وحتى لا يبقى نضال الشبيبة الاتحادية نظريا ومعزولا عن الواقع، فإن قيادة الشبيبة الاتحادية في تلك المرحلة ربطت نضالاتها وطموحها وكل تطلعاتها بتطلعات الشعب المغربي كما تجسده اختيارات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. ومما يسجل للشبيبة الاتحادية في تلك المرحلة، أنها كانت تستقطب شبابا بهدف أن يساهموا في النضال الديمقراطي للحزب، وبالتالي فإن طالبي العضوية في قطاع الشبيبة كما هو الشأن لباقي القطاعات الحزبية الأخرى، لا ينخرطون طلبا لتحقيق مآرب شخصية. لقد أصبح الاتحاد بعد هذا المؤتمر فاعلا في كل الواجهات (السياسية، الاعلامية، الاجتماعية، الجمعوية، النسائية والشبيبة) وتقوت مكانته داخل النسيج الاجتماعي وأصبح الاتحاديون والاتحاديات فعلا رمزا للنضال من أجل الحقوق السياسية والاجتماعية للجماهير الشعبية.
ففي فترة ما بعد المؤتمر الاستثنائي ساهم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المسلسلات الانتخابية التي عرفها المغرب، تجسيدا لاستراتيجية النضال الديمقراطي التي خرج بها المؤتمر، حيث شاركنا في انتخابات 1976 البلدية و1977 التشريعية كما هو الشأن بالنسبة لباقي الانتخابات اللاحقة.
ورغم أن الظروف السياسية التي جرت فيها هذه الانتخابات (76 - 77) لم تكن ظروفا متأزمة، فقد عملت وزارة الداخلية على تزوير الانتخابات وخصوصا في مواجهة مرشحي ومرشحات الاتحاد الاشتراكي. وإذا كانت آلة التزوير سمحت للاتحاد بالفوز بتسيير بعض الجماعات ببعض المدن، فإن هذه كانت أكثر صرامة في مواجهة مرشحات ومرشحي الحزب لعضوية مجلس النواب حيث فاز حوالي 120 مرشحا ومرشحة ، لم تبق منهم آلة التزوير إلا 15 فائزا (في لقاء بين وزير الداخلية المرحوم بنهيمة وفريق الاتحاد ا لاشتراكي بمنزل الوزير أياما قبل مغادرته لمنصبه، قال إن الاتحاد حصل على 100 مقعد وتركنا له 15، فأجابه سي محمد اليازغي لقد حصلنا على 120 مقعدا أجاب الوزير والله يهديك أسي محمد 100 أو 120 التزوير كان...) ومن بين القادة الاتحاديين الذين فازوا بثقة الجماهير الشعبية وأسقطتهم آلة التزوير الفقيد عبد الرحيم الذي ترشح بمدينة اكادير، استجابة لرغبة الساكنة السوسية كما جسدها طلب الكتابة الاقليمية للاتحاد الاشتراكي بأقاليم الجنوب، وقد اعترضت السلطات على هذا الترشيح. ومن الروايات التي سمعتها في حينه، أن عامل الاقليم اخبر عبد الرحيم أن بعض سواسة جمعوا مليار سنتيم قصد اسقاطه في الانتخابات. أجابه الفقيد نحن نقبل هذا التحدي، هذه الجماعة بأموالها ونحن بأفكارنا والمواطنون هم الحكم فعليكم (أي السلطات) أن تبقوا في الحياد. لكن السلطات المحلية وبتوجيه من الادارة المركزية، وأمام التعاطف الواسع مع الحملة الانتخابية للاتحاد، تدخلت لإسقاط عبد الرحيم وقبل موعد اقفال مكاتب الاقتراع . فجل هذه المكاتب لم تكن تتوفر على لون الاتحاد.
ان استراتيجية النضال الديمقراطي ستصبح هي نقطة تغطية للخلافات التي سيعرفها الحزب ما بين 1978و1983 وبدون الدخول في مواقف الاخوة الاخرين ، تقييمي الشخصي أن هذا الاختيار مكن الحزب فعلا، وهو المتوفر على الطاقات البشرية المؤطرة، مكنه من الوصول لكل شرائح المجتمع المغربي لشرح تصوراته وبرامجه وايصال رأيه في كل القضايا التي تعرفها البلاد، وتمكن الاتحاد من خلال هذا الاختيار أن يغطي تقريبا الخارطة الجغرافية للمغرب من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب وبدرجات متفاوتة، لكن هذه الإستراتيجية كانت لها سلبيات لايزال الحزب يعاني منها إلى اليوم بل أنها اليوم (السلبيات) أصبحت أكثر خطورة. وفي تقديري إن هذه السلبيات لا ترجع لإستراتيجية النضال الديمقراطي في حد ذاتها، وإنما تعود إلى طريقة تدبير هذا الاختيار. فالعيب، كل العيب في التصريف والتدبير وليس في الاختيار. الانحرافات التي عرفتها صفوف الاتحاد من بعض المستشارين من منتخبي سنة 1976 أو بعض البرلمانيين من منتخبي 1977 مثلا كانت جد محدودة وبعضهم وقعت محاسبتهم وتم فصلهم عن الحزب، وبانتهاء الولاية الأولى مثلا للمجالس البلدية، فإن الحزب دخل انتخابات 1983 دون تقييم للتجربة في جانبها السياسي والتدبيري وإبعاد كل الذين تورطوا أو حامت حولهم الشبهات في المرحلة الأولى.
غياب التقييم والمحاسبة جعل ذوي النفوس المريضة، وبعد أن تسابقوا للترشيح، يمارسون الفساد المالي والإداري دون خشية، وهكذا سنجد أنه في هذه المرحلة عدد الذين حامت حولهم الشبهات وأشير إليهم بطرق مختلفة كان أكبر. وفي جميع الحالات، فإن غياب المراقبة والمحاسبة، ليس فقط للمستشارين والبرلمانيين بل لكل الاتحاديين في الوجهات المختلفة، نقابية، جمعوية، مهنية، حقوقية وفي المجالس المنتخبة وداخل الحكومة، أحد عوامل الضعف في مسار الاتحاد الاشتراكي، وهو سبب التسيبات التي عرفها الاتحاد وهو سبب الانحرافات التي عرفتها صفوف الاتحاد، وهو سبب كذلك في العديد من الخلافات التي عرفها الحزب.
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.