قرر الطريبق وأربعة آخرين من زملائه في السجن بالقنيطرة توجيه طلب العفو إلى الراحل الحسن الثاني. وهكذا يقول الطريبق«حررنا الرسالة، المؤرخة بتاريخ 28 نونبر 1986، إلى الحسن الثاني، سمحت لنا أن نتحدث إليه في السياسة، قبل طلب العفو منه. لم تكن الرسالة تستجيب للقواعد البروتوكولية الموجودة، لكنها كانت بالنسبة لنا فعلا سياسيا يمكن أن يفهم على هذا الأساس. ولم تكن لدينا أية ضمانات اللهم الضمانة الناجمة عن هذا «التحليل». وقد تضمنت الرسالة، حسب الكاتب، المسار الخاص بأصحابها، وبانزلاقاتهم، وبالوعي الجديد والارتباط بالثوابت الوطنية، الله الوطن، الملك.. وانتهت بطلب العفو وبرغبة المعتقلين في وضع أنفسهم في خدمة الملك والبلاد. وقد أرسلنا «الرسالة» النسخة الأولى إلى اكديرة، مصحوبة بورقة تقديمية صغيرة نطلب فيها العمل علي وصول الرسالة إلى جلالة الملك. الرسالة الأخرى أرسلت، من باب الإخبار بعد يوم أو يومين إلى المستشار الآخر للملك، بنسودة، ووزير العدل ووزير الداخلية. وقد كنا نسعى بذلك إلى تفادي أن يقوم «أحد ما» بوضع العصا في العجلة.». كانت تلك هي الرصاصة الأخيرة. صبيحة يوم الأربعاء 17 دجنبر 86، حوالي الساعة الثامنة، جاء حراس للبحث عنا في زنازننا، التقينا نحن الأربعة في الساحة، ضباب كثيف، خاص بالقنيطرة خيم عليها. في الطريق إلى مكتب المدير كنا نمزح بيننا، وفي الحقيقة كنا متوترين. كنا نحمل أمين مشبال مسؤولية الأسلوب، وكان عزوز يقول له بأننا سنخبر «عبيدات النار» بأنه المسؤول عن الرسالة، كنا نتلهى وكانت كل حواسنا متيقطة لأن ساعة استدعائنا غير معتادة. المدير ميميح كان شاحبا عند استقبالنا، كما لو أنه سيخبرنا بنقلنا إلى الحي التأديبي. حاول الإبتسام قائلا «لدي شيء أريد أن أسلمه لكم يدا بيد»، وسلمنا رسالة من اكديرة تحمل خاتم القصر الملكي.. جاء في الرسالة التي توصل بها المعتقلون من طرف المستشار الراحل:« لقد توصلت برسالتيكم، المؤرختين بتاريخ 21 أكتوبر 86 وبتاريخ 28 نونبر 86. وأنا إذ أشكركم وأهنئكم على تحاليلكم ومعرفتكم لجوهر فلسفة سيدنا نصره الله، وبمتابعتكم الواعية للأحداث السياسية، أخبركم بأنني سلمت طلبكم إلى جلالة الملك، راجيا من العلي القدير أن تلقى موافقته». ولم يتأخر قرار العفو. ففي« 19 دجنبر 86 استدعانا ميميح من جديد، وكان ذلك، هذه المرة في السادسة مساء عندما كان الجميع في الساحة يتجول. قال ميميح: «أيها السادة أنتم أحرار» ما إن دخلنا مكتبه. وسرعان ما أصبحت على حالة أخرى بقيت فيها شهورا، إن لم تكن سنين. كنت سعيدا، فيما أعتقد، ولكن ليس كما في رواية.